نتنياهو وتصريحات الاستيطان
بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل – 7/4/2012 م
لم يعد الأمر يتمحور حول تصريح هذا القائد الصهيوني أو ذاك بشأن الاستيطان ، كما يجب أن لا نلتفت كثيرا إلى مثل هذه التصريحات ، سواء أنها تجري في نطاق العلاقات العامة للدوائر الحزبية لمصلحة الانتخابات ، أو لأغراض أخرى، خاصة أن دماءنا وأراضينا ورقة دعاية انتخابية رابحة لديهم ...فالعدو هو العدو .
فحكومة نتنياهو ومن سبقها من حكومات ، هي حكومات مستوطنين قتلة ، تمارس الخداع ، وتسعى إلى كسب الوقت لفرض الوقائع الجديدة على الأرض لكي لا يبقى وطن ، وذلك من خلال استمرار الاستيطان ، وتهويد القدس ، والتطهير العرقي ضد شعبنا ، والهجمة المستمرة على الأرض والإنسان ، بمباركة أمريكا ، فنتنياهو يشوه ويضلل ويخدع ولكن ماذا نحن فاعلون ؟ نتنياهو يكذب عندما يقول أنه رفع الحواجز العسكرية في الوقت الذي يوجد أكثر من 600 حاجز عسكري تقطع أوصال الضفة الغربية ، ويضلل في دعوته للسلام وهو في الحقيقة يريد الاستسلام ، ويخادع عندما يتحدث حول تجميد الاستيطان لمدة محدودة ، ويشوه الحقيقة حينما يتحدث عن حرية العبادة، و 97% من الفلسطينيين ممنوعون من الوصول إلى القدس لأداء العبادات،.
يجب أن نتعلم نحن الفلسطينيون ، ويبدو أننا لم نستوعب الدروس بعد ، فلن يعلن قادة الاحتلال عن وقف الاستيطان إلا بالقوة ، ولا فائدة من تحميلنا لإسرائيل المسئولية دائما وفي كل مرة إلى ما لا نهاية فلسان حال قادة الاحتلال يقول : حملونا المسئولية كيفما شئتم وكيفما يحلو لكم ، فانتم الفلسطينيون لستم على بال أحد، والاسرائليون بذلك ينطبق عليهم قول المثل الشعبي : (( قالوا لفرعون من فرعنك قال : ما لقيت أحد يرجعني عن فرعنتي )) ، فما لم نمتلك نحن أصحاب الحق قوة الضغط الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية بجميع أبعادها ومسمياتها ، لا يمكن أن تتراجع إسرائيل عن مواقفها .
بنيامين نتنياهو يصرح مؤكدا الحق الإسرائيلي في مواصلة أعمال البناء شرقي القدس، ليتحدى إرادة المجتمع الدولي كما يقولون ، وليتحدي قرارات الأمم المتحدة كما يصفون ، ويتحدى إرادة الشعوب العربية والإسلامية ، لكنني أعتقد انه لا المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة تملك الإرادة أمام ما يجري على الأرض من وقائع .أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انه يمكن إبرام اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين ، وقال سيكون من الصعب انتزاع تنازلات جغرافية منه خلال أي محادثات سلام مع الفلسطينيين ، وصرح نتنياهو من قبل في جلسة الحكومة بأن البناء في القدس لا يختلف عن البناء في تل أبيب ، فعن أي سلام نتحدث نحن الفلسطينيون ؟ وإلى متى وقد استمرت مسيرة التسوية عشرين عاما ولم تُجد شيئا ؟؟؟ وعصابة الاحتلال تنفي على الأرض كل مقومات الدولة ، ليس هذه الحكومة فقط بل كل الحكومات التي سبقتها أيضا ، ونحن نطالب دوما الإدارة الأمريكية بالإسراع في تنفيذ الالتزامات المترتبة على حكومة العدو ، وعلى غير فائدة، لذلك يجب تحقيق الضغوط من خلال حملة واسعة ، عربية وإسلامية ودولية ، شعبية ورسمية ، أمام حكومة إسرائيل ، وأمريكا ، والرباعية الدولية ؛ لأن العالم اليوم يكيل بمكيالين ...
من هنا تأتي أهمية الإجماع الفلسطيني ، وتحقيق الوحدة ، والاتفاق حول مشروع وطني ، حول مرجعية وطنية واحدة ، واحترام الآخر ، وعدم لفظه أو شطبه ، وضرورة رفض العودة إلى مائدة التفاوض قبل تجميد كامل وشامل للاستيطان ، وتحديد مرجعية وإطار زمني للمفاوضات ، كما يجب تضييق الخناق على إسرائيل بكل ما أوتينا من قوة ، يجب عدم إخراج إسرائيل من عزلتها بالعودة إلى المفاوضات - إن كانت إسرائيل تعرضت إلى عزلة فعلا - ، ويجب العمل على فرض حملة مقاطعة وعقوبات عليها ، ولا أظن أننا سننجح كثيرا بذلك ، فلا اعتقد أن ذلك سيتم وفق الحالة الفلسطينية القائمة اليوم بشكل خاص ؛ لأن إسرائيل لا تتوقف عن غطرستها وتضليلها إلا بالقوة ، والمسألة من جذورها هي : يجب إعادة تقييم شامل لكل أدائنا الوطني .... يجب دعم الصمود الفلسطيني ليس من خلال التشدق البعيد عن الحقيقة ، بل من خلال الواقع الملموس ، والأمثلة على عدم دعم صمود المواطن كثيرة جدا ، خاصة من بعد ما تبين أن المفاوضات مع إسرائيل هي مفاوضات عقيمة ولا جدوى من ورائها ، والمطلوب الآن هو تبني إستراتيجية وطنية تجمع بين العمل السياسي والعسكري معا ، تجمع بين المقاومة الشعبية ودعم الصمود الوطني ، وإقامة جبهة تضامن دولي ، وتحقيق الوحدة الوطنية ، المطلوب هو أن نتخلى نحن الفلسطينيون عن عنصريتنا ، فلا نتعامل مع الفلسطيني الآخر من خلال انتمائه السياسي ، ونفقده حقه في المواطنة ، كما يحدث اليوم من خلال منع السفر ، والحرمان الوظيفي ، وحقه في عضوية وإنشاء المؤسسات المدنية ، وقمع حرية التعبير وإنشاء الأحزاب ، وعدم احترام آدميته ، وسلبه حقه القانوني
...Tahsen-aboase@hotmail.com