من يوميات منكوب بقلم/ توفيق أبو شومر
(1)في كل عام أتمنى أن تتحد وسائل الإعلام العربية، أو الصديقة في بث واحد في يوم النكبة لتعلن تضامنها مع مأساتنا، بعرض أفلام النكبة ولقاءات يتحدث فيها المنكوبون عن أبشع نكبات التاريخ ، وأخطر عملية اقتلاع تمت تحت بصر العالمين.
تذكرتُ هذا العام ما ورد في كتاب ( الصحافة والإعلام في إسرائيل) لمؤلفه د. أمل جمال، الذي أورد فيه حدثا مميزا وقع يوم 16/5/1948 في (دولة إسرائيل) عندما تضامنت كل الصحف العبرية ، ومعها الصحف المناصرة للاحتفال (بيوم الدولة) أي بقيام دولة إسرائيل ، وكان القرار سياسيا بعد أن قدّم المطبخ السياسي الإسرائيلي لمحرري الصحف معلومات سرية قيمة عن يوم إعلان استقلال إسرائيل، وكان الشرط أن تلتزم الصحف الإسرائيلية بالمسؤوليات القومية، وهذا التعبير هو مساوٍ تماما لكلمة الرقابة بكل معانيها .
وهكذا اتحد محررو الصحف كلهم لتخليد يوم تأسيس دولة إسرائيل !
هكذا وحَّدَهم انتصارُهم علينا ، أما نحن فلم تتمكن الهزيمةُ من توحيدنا ، مع العلم بأن الهزائم تُوحّد القلوب، أكثر مما تفعله الانتصارات !
(2)حتى النكبة خضعت لسكاكيننا ، وأصبحنا نحتفل احتفالاتٍ متشعبةً متعددة، وليس لدينا أية خطة وطنية لأن نحتفل بها احتفالا مركزيا يجمع القلوب!
وفي ضوء هذا الانقسام، فإننا غير قادرين على أن نطلب من الآخرين أن يحتفلوا معنا ، أو أن يخصصوا وقتا مشتركا لتخليد هذه الذكرى !
إن إسرائيل تحتفل احتفالات منظمة متعددة بيوم استقلالها، فهناك الاحتفالات الفنية والخطابية والدينية ، وهناك برامج تتيح للصحفيين والمتابعين أن يحضروا المناسبات بحيث لا تتضارب مناسبة مع أخرى!
أما نحن فيجب أن ترسل كل صحيفة مراسليها كلهم لمتابعة حدث واحد، أو مهرجان واحد لأن لكل فريق احتفاله وطريقته !
(3)ما تزال بيوتنا وأراضينا التي اقتلعنا منها على مرمى أبصارنا، كثيرون منا زاروها وحلوا فيها (ضيوفا) على مالكيها الجدد بدون أن يسجلوا فيلما تسجيلا واحدا عن هذا الحدث لأن تسجيله محظور!
يزور الصحفيون كل الأماكن ويلتقون بالمجرمين ويستجوبونهم في سجونهم، ويصورون تحركات الجيوش ويوثقون خبايا وأسرار الشخصيات البارزة والأمم، ولكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من تصوير لقطات لبيتٍ فلسطيني احتله الإسرائيليون منذ تأسيس إسرائيل!