نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ريسيفر/ بقلم حمزة اللامي
زارني نسيب لي قبل أكثر من شهر، وجاء يؤدي نذرا هنا في كربلاء لحصوله على شهادة محو الأمية .. فرحبت به، وأكرمته حسب ما تقتضي فنون كرامة الضيف، وجلست اكتب مقالة للرأي العام بينما هو اكتفى بمشاهدة التلفاز .. والرسيفر أو الستلايت خاصتي يحدث قطعا بسيطا للإشارة كل عشر ساعات تقريبا، ويستغرق هذا القطع عشرة أجزاء من الثانية، وهو امر فوق الطبيعي .. بيد إن نسيبي انتبه للأمر؟
وقال هنالك قطع والإشارة ليست كما ينبغي!
فقلت له نعم صحيح هذا سببه برغي التوصيل بالرسيفر فيه بعض الارتخاء، وهونت المسالة .. بيد إن النسيب لم يرق له ذلك فقال سأصلحه لك؟
فقلت له .. الأمر لا يستوجب أن تشغل بالك .. فرفض وقال أعطني كماشة ومفكا وانا سأتدبر الأمر .. فرأيت في عيونه الجد والحرص .. فقمت وسلمته ما طلب وانتقلت للغرفة المجاورة اكتب مقالي، فأنا رجل لا أحبذ أن تقطع أفكاري في كل مرة وبدأ صاحبنا عمله بهمة وعزم .. بعدها اطل برأسه وناداني وكأنه في سوق .. الديك شريط لاصق ومقص؟
فقلت له نعم تجدهما في المكان الفلاني وبعد اقل من ساعة جاءني وقال الديك إزميل ومطرقة؟
قلت له نعم بأستغراب .. لماذا؟ فقال سأخبرك في ما بعد .. وناولته ما طلب ومضى ..
وبقيت اكتب .. وانا اسمع قرقعة وقعقعة وخشخشة هذه الأدوات
وربك محمود .. اهتديت لفكرة جهنمية فقد لبست سماعات إذن (هيدفون) وأدرت الموسيقى بحيث قللت نسبة الضجيج إلى حد كبير
وواصلت الكتابة ..
وجاءني مغبرا وهو يصرخ ويقول .. هل لديك معول ومجرفة؟
فرفعت السماعات وطلبت منه أن يعيد الكلام فأعاد .. واستغربت من طلبه!
وقلت له ماذا ستصنع بهما؟ فقال لابد من فحص السلك حتى نضبط الإشارة!!
ودللته على ما طلب ..
وبقيت متحيرا ..
علما إني عندما مررت سلك الرسيفر إلى الغرفة فتحت ثقبا فنيا بواسطة المثقاب الكهربائي بنفس قطر السلك .. بحيث لا ترى أي عيب في الجدار .. وقلت مالي اشغل نفسي بهذا الأمر عليَّ بالكتابة وستأتيني النتيجة، ولبست الهيدفون من جديد ،، وواصلت كتابتي
وبعد ثلاث ساعات رايته على حين غرة وهو يلوح لي بيديه ورجليه في وسط الغبار المتأتي من الغرفة المجاورة .. ونزعت السماعات وقال لي ..
مالك؟ ألا تسمع؟ .. بح صوتي من كثرة مناداتك .. دلني على عربة لأنقل بها الركام والأنقاض ..
فتسمرت بمكاني!
فصرخ بي!!! هيا ..
وأشرت بيدي إلى الحديقة .. وذهب على عجلة من امره فقلت .. لابد انه يمزح .. ولبست السماعات غير مكترث بالأمر .. فقد اخبرني قبل قليل انه من عشاق الترتيب والتنظيم .. وواصلت الكتابة بعدها رماني بقطعة حجر .. كادت تشج راسي!
فنزعت السماعات وقلت له: أمجنون أنت؟ أين تظن نفسك؟؟
فقال .. من كثرة مناداتي لك تجمعت حولنا الجيران وأنت غير مكترث .. أين الطريق للسلم؟
فقلت له: ماذا هناك؟ ماذا تنوي ان تصنع؟
فقال : سألحق بالسلك إلى السطح فأريد أن أصلح العطل من جذوره .. وان بمقدوري إصلاحه من تحت ولكن قد يتعطل بالمستقبل .. فارتأيت أن اصعد لأصلحه إصلاحا دائميا وغادرني وانصرف فرميت السماعات ..
ونهضت لأرى ..
فرأيت العجب العجاب .. وكأن الغرفة قد أصابتها قنبلة نووية سقطت من طيار بدائي!
فالغرفة تغص بالركام والأنقاض .. فالجدار محطم، والأسلاك متشابكة، والرسيفر يطفو على الأنقاض والتلفاز لا يرى منه إلا سطحه العلوي يا ربي!!
أهذه غرفتي التي كنت انعم فيها بالهدوء والسكينة؟
ورحت اضرب راحتي بالأخرى فتذكرت النسيب الملعون .. فحملت المعول وركضت للسطح فراني .. قادما نحوه .. شاهرا معولي المبارك .. حين ذاك قفز من سطح الدار الى الحديقة ومنها إلى الشارع ،، ما دعاني إلى أن ارميه بحجر كبير فأخطأته وأصبت الزجاجة الأمامية لسيارة جاري المحامي!