الدكتوراة الفخرية والسودانية
من قلم / إبراهيم ريحان الصمادي
http://www.ajlounnews.net/index.php…
..الدكتوراة الفخرية..و..الدكتوراة السودانية
بقلم إبراهيم ريحان الصمادي
=
فهذا المقال ليس موجهاً قطعياً لشخص بعينه وإنما هي قضية طفت على الساحة مؤخراً وأحببت الخوض فيها قليلاً والحديث وإيضاح بعض الأمور المتعلقة بهذه الشهادات ...
الدكتوراة الفخرية والدكتوراة التقديرية مسميان لا يختلفان كثيراً عن بعضهما من حيث المعنى والهدف فكلاهما تمنح للشخص تقديراً لأعمال قيمة وعظيمة قام فيها وقدمها وكان لها من الفائدة الكم العظيم ليس على المستوى الشخصي والمحلي فحسب وإنما على المستوى الدولي والعالمي ومنح هذه الشهادة لا يندرج تحت مجال أو مجالات محددة ويمكن منحها في مختلف المجالات سواء الإجتماعية أو الثقافية أو الإنسانية أو العلمية أو الدينية وفي مجالات العمل التطوعي ومختلف المجالات عموماً...و
في معرض الحديث عن الجهات المانحة لهذه الشهادات فهي في الحقيقة وبالنسبة للدكتوراة الفخرية تمنح من قبل الجامعات الرسمية وبموافقة الدولة ولا يتم منحها على الغارب وحين منحها من الجامعات غير الرسمية فهذا تجاوز على القوانين وعلى الهدف الذي منحت لأجله أما الدكتوراة التقديرية فمسماها أكبر منها وهي أقرب إلى الشهادة التقديرية منها إلى مسمى الدكتوراة وأصبح الحصول عليها سهلاً مقابل دفع مبلغ زهيد من المال ...وما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو الكم الهائل من الشهادات الفخرية والتقديرية اللتي قد تم منحها للكثير من الأشخاص ومن جهات مختلفة هي في حقيقة القول غير مخولة لمنح مثل هذه الشهادات ناهيكم عن الإنجازات الليت حققها هؤلاء الأشخاص وهل ترقى هذه الإنجازات فعلاً لدرجة حصولهم على درجة أو شهادة الدكتوراة الفخرية أو التقديرية حتّى وإن كان الكثير منهم لا يحمل شهادة الثانوية العامة وحتى شهادة الثالث الإعدادي ..
عذركم فأنا لا أتحدث هنا للإنتقاص من أي شخص كان وإنما أحاول الحديث بمنطقية ووضوح وصراحة فشهادة الدكتوراة الفخرية أو التقديرية وعندما تم استحداثها لم يكن الهدف منها الجاهة والوجاهة والبريستيج ولم تكن تباع وتشترى ب100 دينار أو أكثر بقليل وإنما كان الهدف منها الإعتراف والتقدير لذلك الشخص الذي حصل بعد جهود مضنية من العمل في مجال معين تقديراً له على هذه الإعمال اللتي تعد فخراً وإنجازا بالنسبة لذلك الشخص..ومما يثلج صدورنا أنّ هذه الشهادة لا يعمل بها ولا يستطيع الشخص الحاصل عليها أن يعمل بها في ذلك المجال وإنما هي شهادة لا أكثر ولا أقل للتقدير...
أتطرق الآن للحديث عن شهادات الدكتوراة الفعلية وفي التخصصات المختلفة فقد تعرضنا في الآونة الأخيرة لغزو بكم هائل من شهادات الدكتوراة السودانية المصدر على وجه التحديد حصل عليها الكثير من الأشخاص عن طريق المراسلة ومقابل دفع مبالغ مالية معينة ومن جامعات مختلفة وكان ختم وزارة التعليم العالي في وطننا الغالي جاهزاً للتصديق عليها ودون أسس أو مبادىء أو مراجعة وتمحيص وتدقيق ...شهادات في الدكتوراة لا يملك أصحابها حقيقة أدنى مقومات هذه الشهادة ولا يغرنكم الصور اللتي يبثها حامل هذه الشهادة من بدلات وروب للتخريج ولجنة من الدكاترة لمناقشة رسالة الدكتوراة فمعظم هذه الرسائل إما مسروقة وإما مدفوع ثمنها وحتّى أنّ الكثير منها قد كتبها أشخاص آخرين وليس لمن يناقشها على أنّه كاتبها أو صاحبها دخل فيها من قريب أو بعيد ...و
في أحد الجلسات مع أحد الأصدقاء السودانين وهو طبيب أخصائي جراحة أعصاب توجهت له بالسؤال حول هذه الشهادات واللتي أصبحت ظاهرة ومدى مصدقايتها وكفاءة الحاصلين عليها قال سأجيبك بكل صراحة فهناك أربع جامعات في السودان تمنح درجة الدكتوراة على مستوى عالي وهي لا تتعامل بما يسمى بالإنتساب والتعلم عن بعد وما عدا هذه الجامعات فجميع شهاداتها مشكوك فيها وبمعنى آخر فهي تمنح شهادات الدكتوراة مقابل المال حتّى أنّه عرض علي الحصول على مثل هذه الشهادة إن أردت ودون أي عناء وما علي إلا التسجيل فقط وسيكون هناك من يتابع لي جميع الأمور بما فيها من سيكتب لي رسالة الدكتوراة..السؤال الآن ما هو دور وزارة التعليم العالي في الإعتراف بمثل هذه الشهادات؟ وما هو دور وزارة التعليم العالي في المكاتب اللتي تتواجد في العاصمة عمان ويتم من خلالها التسجيل للحصول على شهادة الدكتوراة؟ أم هل هي شريكة في الغنيمة وتتقاضى جزءاً من المال المدفوع للحصول على هذه الشهادة؟...إن ما يجعلنا نشعر بالغصة أن هؤلاء الذين أصبح حرف الدال يسبق أسمائهم ما بين لحظة وضحاها سينخرطون في العمل في مختلف مؤسسات الدولة تحت هذا المسمى وهم أو معظمهم على الأقل ات يفقهون من العلم شيئاً ..
ولكل من يتساءلون عن سبب انحدار مستوى التعليم في الأردن إلى أدنى مستوياته فنبشرهم أنّ أصحاب شهادات الدكتوراة المضروبة أصبحوا ينتشرون ويتغلغلون في مختلف الجامعات الحكومية والخاصة منها على حد سواء لا بل يزاحمون من أنهكه سهر الليالي ومن حصل على شهادته بجهده وجده واجتهاده ..هؤلاء المتدكترون وفي زمن أصبحت فيه الواسطة والمحسوبية والتوريث طاغية ومستشرية يملئون الجامعات ومختلف المؤسسات التعليمية بغير وجه حق ولكم أن تتخيلوا الإنعكاس المباشر على من يتخرجون من تحت أيدي هؤلاء من حيث الكفاءة ومستوى التعلم والتعليم ..هل أصبح من الصعب على وزارة التعليم العالي العالي وضع الشروط المناسبة واللتي يجب أن يحققها أي طالب في الدراسات العليا واللتي تحدد الإعتراف بشهادته العلمية من عدمها..وهل أصبح من الصعب على وزارة التعليم العالي تحديد الجامعات المعترف بشهاداتها؟...وهل من الصعب على وزارتنا الرشيدة أن تمنع الإعتراف بأي شهادة يحصل عليها أي شخص عن طريق الإنتساب ....تساؤلات كثيرة بحاجة إلى إجابات...
وفي الختام فأعظم أمنياتنا أن نرى جميع أبناء الأردن من الطبقة المتعلمة وفي أعلى الدرجات ولكن ليس على هذا النحو شهادات دكتوراة بالشوالات وحملتها لا يفقهون مما يحملون من شهادات شيئاً ..ويبقى تأثير ومصيبة شهادات الدكتوراة الفخرية والتقديرية معدوم إن نحن قمنا بمقارنة هذه الشهادات بشهادات الدكتوراة الفعلية اللتي تصرفها جامعات ما أنزل الله بها من سلطان مقابل المال ويركب أصحابها الموجة ظانين أنفسهم أنهم فعلاً يحملون ما يؤهلهم للعمل بهذه الشهادة واللتي وهم في قرارة أنفسهم يعلمون تمام العلم أنهم قد حصلوا عليها بالرشوة والتزوير ...هذا مع احترامنا وتقديرنا لكل من يحمل درجة علمية عالية حصل عليها بجهده ومجهوده الشخصي وكفاءته بمجال تحصيله العلمي....
مرة أخرى فهذا المقال ليس موجهاً لشخص بعينه وإنما هو لتسليط الضوء على ظاهرة لا شك أنكم جميعا قد لاحظتموها في الآونة الأخيرة....وإلى هنا أكتفي وأترك لمن أحب التعليق والله من وراء القصد..
حمى الله الأردن وشعبه العظيم وألهم قيادته سبيل الرشاد.......