بعد معاناة مريرة امتدت لشهور وبعد ثورة الأمعاء الخاوية لتي خاضها الأسير سامر العيساوي ، انتصر أخيرا على سجانيه وقهر جبروته ، وفوّت على المحتل مبتغتاه من سياسة ابعاد مجحفة ، وبعد مساومات لم تثنيه في المطالبة بحقه ، بل زادته استماتة عليه ، وتشبته بشروطه بعزيمة قوية لا تتزعزع ، أخيرا نال ما تمناه ، ورغم ما ناله من ضعف جراء الإضراب عن الطعام لم يزده ذلك إلا اصرارا ومضيا في درب الصمود حتى تحقيق مبتغاه ، اصراره على نيل الحرية أثبته بجدارة وصبر مستميت وقوة إرادة ، لم يزده تعنت المحتل إلا تحديا له ، بل كان جريئا حتى عند محاكمته ، محاكم هزلية من يحكم وعلى من سيحكم ؟!
محتل غاصب مزور التاريخ يحكم على صاحب الأرض وصاحب الحق !
وحين اديع النبأ السعيد استقبلته الأسرة بفرحة عارمة ، واستبشرت الأسرة خيرا وهي اليوم في شوق للقيا الاسير البطل ، بل ستعد الأيام وهي تنتظره ..
تعدت قضية سامر فلسطين لتبلغ كل حر وكل غيور وكل مؤمن بقضية الاسير العادلة ، بل وناصروه وقدموا له كل دعم وإن كان معنويا إلا أنه وجد صدى في اوساط كثيرة ، وسلط الضوء على معاناة الأسير وما يرافق الأسر من حيف وتعسف ، ألف تحية للأسير الفلسطيني سامر على ثباته وصموده وتحديه لغطرسة المحتل وألف تحية للمحامية شيرين العيساوي على صمودها وتحديها كل المنغصات فهي لم تكل يوما ولم تمل وهي تدافع عن حق الأسير في الحرية ، بل ألف تحية للعائلة برمتها على ثباتها وصبرها وتضحياتها الجسام في سبيل أن تبعد شبح الموت عن ابنها حتى تراه حرا طليقا .
وضع الاسير سامر الاحتلال أمام أمرين لا ثالث لهما إما الحرية أو الشهادة ، ونال مبتغاه واليوم تكللت جهوده بإنتصار على سجانيه ،الإحتلال يتوجس خيفة من أي شكل من أشكل المقاومة وترتعد فرائسه من أي حدث قد يرافق استشهاد الاسير ، صحيح أن الإضراب لم يكن يوما حلا ، لكنه اضطرار فحين توصد الأبواب أمام الاسير ويقل التفاعل مع قضيته ولا يوازي الدعم تضحياتها الجسام يثور بأمعاءه الخاوية على السجان ليبلغ بذلك معاناته للعالم أجمع ، وقد أبلغ الأسير سامر العيساوي رسالته للكل ورافق قضيته دعم لا يستهان به ، وإن كانت الإضرابات الجماعية توتي اكلها في تحسين ظروف الإعتقال فالإضراب هو أيضا انتصار فقد تكلل بالحرية إن شاء الله ..
هو إذن انتصار باهر ومؤزر ، وكما ابتهجنا لأداء المقاومة حين كللت جهودها في تحرير وانقاذ أكثر من ألف أسير وإعادتهم لدفء العائلة وانقاذ حياتهم من براثن الإعتقال ، ابتهجنا لانتصار سامر وكما غمرتنا الفرحة ونحن نتابع مشاهد لقاء الأسرى مع ذويهم ومحبيهم ، لقاء مشحون بالمشاعر الفياضة بعد طول غياب ، غمرتنا الفرحة ونحن نرى البسمة والفرحة قد اكست محيا الامة المكلومة بعد أن غابت عنها لشهور ، تلك الأم التي ما تركت بابا إلا وطرقته علها تجد جوابا يكون لها البلسم الشافي للجراح أو يد تمتد لها بالعون وتنقذ ابنها من شبح الموت الذي كان يهدده ، وبدل نصرتها نصحوها بأن يوقف ابنها إضرابه !!
وكما انتصر سامر نتطلع ليوم جديد لوفاء الأحرار 2 لينعم كل الاسرى بالحرية ، الأسود الرابضة خلق القضاب آن لها أن تكسر القيود وتنطلق لرحاب الحرية تشدو لحنها العذب ، سيعود البطل سامر لكنف العائلة التي أرقها بعده عنها ، وستعلو صوت الحناجر مجلجلا يغني أعذب الألحان ، لحن الحرية وستكفكف الام الطيبة دموعها وهي ترى قرة عينها وقد عاد لها بعد طول غياب ..
إذا الشعب يوما أراد الحياة لا بد للقيد أن ينكسر ولليل الظلم أن ينجلي وبعدها سيستجيب القدر ، إن شاء الله ، نسأل الله الفرج القريب لكل الأسرى ..