قراءة واعية وحكيمة لابن ادلب الدكتور رياض نعسان آغا....
كلمات مكتوبة من روح الشيخ حكمت نعسان آغا...... والد إدلب وكبيرها ومفتيها.......
كلنا نأمل من القادة الجدد في إدلب التحلي بالحكمة واتباع سنة النبي الأكرم في العدالة والرحمة....
من الطيران والصواريخ .. يجعلها ( لاسمح الله ) مثل أحياء حلب وحمص و بقية البلدان التي تعرضت لتدمير شامل .. وعدد سكان إدلب يزيد على نصف مليون إنسان ، فقد لجأ إليها كثير من أهل المدن والأرياف المجاورة ..
وكنت خشيت من أن يندفع الخطاب الديني إلى التطرف والغلو ( على طريقة داعش ).. وأن ترفع رايات تستدعي التحالف الدولي أن يشمل إدلب بقائمة الإرهاب فيقصفها يومياً ويكبر حجم الفاجعة على الناس ..
وفي لقاء اجتماعي مع بعض المثقفين ، قبل بدء تحرير إدلب بأسبوع ، قلت على الملأ : إنني قلق .. وأخاف أن تقع مجزرة كبيرة في إدلب ، وأن تتعرض المدينة لمثل ما تعرضت بقية المدن السورية ، فقد دمرت دون أن يتحقق إنجاز عسكري أو سياسي ، وقلت إن لم تكن هناك خطة دولية لمتابعة الحدث فستكون مغامرة .. وتساءلت هل هي النصرة وحدها ستحرر إدلب ؟؟ وفي خضم الحديث قلت ( إن هناك مشكلة اقتصادية كبيرة سيشكلها انقطاع الرواتب عن الموظفين - ولاتوجد مصادر دخل عند الناس - وقلت إن أي مغامرة قد تتحول إلى جريمة إن لم يكن هناك تثبت من الخطة واستعداد لمواجهة الرد .
بعد أيام تبين لي أن النصرة ليست منفردة في الخطة ، وأنها قبلت الانضمام مع الآخرين بمن فيهم الجيش الحر ( ومجرد القبول بالآخر يعني بعداً عن التطرف ) وعلمت أنهم دخلوا دون أن يرفعوا رايات (القاعدة ) وأن الداخلين من مختلف الفصائل تركوا لمن يريد الخروج من أعوان النظام ومؤيديه فرصة أن يخرج من طريق أريحا إلى اللاذقية ( وهذه حكمة جنبت المدينة ما كنا نخشى من وقوع مجازر كبرى ) .. فقد حشد مؤيدو النظام نحو ستة آلاف مقاتل كما سمعت لكنهم بحمد الله هربوا ، وللأسف قتل بعض ضباط الأمن من كان عندهم من الأسرى والمعتقلين قبل أن يرحلوا ، وقيل أخذوا معتقلين آخرين معهم، وعلمت أن الداخلين تعاملوا مع الناس عامة بمودة ورفق، وأنهم أعطوا أماناً لمن لم يرتكب جرماً ، وهذا ما يجعلني كمواطن من مدينة إدلب أستبشر خيراً بهم ، و هذا ما دفعني إلى أن أبارك هواء الحرية داعيا الله سبحانه ألا يُلوّثَ هذا الهواء بروائح الكيماوي التي تقتل الناس بمباركة دولية ..
أتمنى على القادة الجدد في إدلب أن تبقى الحكمة ضالتهم ، وأن تتسع صدورهم لمن يختلفون معهم في بعض الآراء ، فالاختلاف سعة رؤية ، وأرجو منهم مزيداً من العفو والتسامح مع من كانوا في ظروف تضطرهم لاتخاذ مواقف ضالة ، فهي محنة كبرى مزقت المجتمع ، وهم على كل حال يبقون أهل بلدنا ( عدا المجرمين الذين سفكوا دماء الناس ) وأرجو من القادة أن يعملوا بالسياسة الذكية المرنة في خطابهم ، وفي سلوكهم ، وأن يتجاوزوا الأخطاء الكبيرة التي وقع بها سواهم في معرتمصرين ( كتطبيق الحدود مثلاً ) وسواها مما يعرفون خطره الراهن على صورتهم أمام الناس والعالم .. وأرجوهم أن يهتموا للقضايا الكبيرة ، وأن يغفروا للناس اللّمم .. ألا يعيد أحد انتاج الاستبداد الذي استنكرناه وخرجنا عليه حين دخل في الوحشية المدمرة .. وكنا من قبل نعمل على ترويض الشرسة لتجنب الفواجع ، لكن الشرسة لم تقبل بغير الدم حكماً ..
لقد كان بوسعي ألا أعلق الآن ، وأن أبقى صامتاً ما دمت بعيداً عن ساحة الحدث ، وأن أتريث كما يفعل كثير من المراقبين المتابعين عن بعد، لكنني أشعر بالمسئولية الأخلاقية ، كما أنني أردت توضيح موقفي أمام من ينتقد الصامتين، وأن أكشف عن خشيتي حقيقة، و أعلن عن قلقي السابق وخوفي على إدلب و سكانها ، داعياً الله ألا ينغص أحد على أهل إدلب فرحتهم بالتحرير ، وألا يقع شيء مما نخشاه ، وأن يتم الله نصره لشعبنا في كل أرجاء سورية.