القارئ و النص لسيزا قاسم..و الغرق في متاهات السيميولوجيا
بواسطة: علي سفر
تم إضافته : السبت 04-01-1429 هـ 09:03 مساء
على غايةٍ من الطموح تبدأ مسارات البحث الذي تقدمه سيزا قاسم في سيرة القارئ و النص و عنوانها الفرعي الجذاب " العلامة و الدلالة " .
و لعل مكمن هذا الطموح يتأتى من كون هذا النوع من الأبحاث يحاول وتحت وطأة العلاقة مع المناهج النقدية الغربية أن يجعل من آفاقه التقنية التي تشمل اقتراحاته
القارئ و النص لسيزا قاسم..و الغرق في متاهات السيميولوجيا
على غايةٍ من الطموح تبدأ مسارات البحث الذي تقدمه سيزا قاسم في سيرة القارئ و النص و عنوانها الفرعي الجذاب " العلامة و الدلالة " .
و لعل مكمن هذا الطموح يتأتى من كون هذا النوع من الأبحاث يحاول وتحت وطأة العلاقة مع المناهج النقدية الغربية أن يجعل من آفاقه التقنية التي تشمل اقتراحاته المنهجية سقفاً وحيداً لأغلب طموحات النقاد الجدد في الوطن العربي كله ..
غير أن ما استخدم هنا كي يكون أداة إيضاحٍ للمحاولات المنهجية يتأشكل في الفهم على قارئه الذي يقع في الفخ مرتين : مرةً أولى حين يكون النص ملغزاً و غير مفهومٍ بسببٍ من التعامل معه منقطعاً عما يسبقه و عما يليه كي ينظر فيه كبنيةٍ دالةٍ بذاته ..! و مرةً ثانيةً حينما توغل الناقدة أو الباحثة في المنهج من أجل شرح المنهج و من أجل تفكيك النص مما يوقع القارئ في فخٍ جديدٍ يلتبس فيه المعنى المستولد من النص مع غايات المنهج .. فترتفع النصوص بذاتها و تتقعر المنهجية في قاعها الحرفي متحولةً إلى شيء منفرٍ و غير مستساغ ..!! و كما في تقسيمها لمستويات القراءة على أنها " إدراك و تعرف وثم فهمً يليه تفسيرً " يقع قارئ النص العلمي الذي تكتبه سيزا قاسم في إشكالات متعددة كهذه المستويات بحيث نرى أن لكل مستوىً مشكلةً تخصه , طالما أن مجمل البحوث التي أنطوى عليها الكتاب لا تترابط مع بعضها إلا من زاوية استخلاص المنهج و التي تختبئ فيها رؤية المؤلفة .. فهي تهتم بحيثيات القراءة ضمن هدفٍ استراتيجي هو المقاربة الأبستمولوجية , غير أن ما تفترضه هي رابطاً بين هذه البحوث لا يلبث إلا و يتحول إلى أداة للتفريق بينها, لا على أرضية الافتراق البنيوي التابع لطبيعة كل منها بل على أرضية التشابه في أدوات القراءة ...فهل تتطابق مفاهيم متبدلة البنى كمفهوم الشيفرة مع مفاهيم أخرى يحتويها الكتاب كالمكان و سيميوطيقيته و الزمان و مستوياته ..؟ منطقياً يفترض القارئ أن هذا الاختلاف في الطبيعة قد يحمل اختلافاً جوهرياً يفرق فيما بينها .. غير أن لوي عنق النص و الفكرة و الدلالة كمنهج يحكم الكتابة النقدية يفرض تشابهاً قسرياً فيما بين الوقائع المشكلة للنصوص مما يوقع القارئ المدقق في خطل تطبيق المنهج قسرياً على بنى غير مكتملة و لا تصلح له ..؟ و في ذات السياق يمكن لأي ٍ من منتجي البحوث النقدية التي تتبع المناهج الحديثة و كما تفعل سيزا قاسم أن يربط بين عدة ذرى بحثية تحت شعار استخلاص الحقائق العلمية غير القابلة للشك و لا سيما في علمٍ كالسيميولوجيا الذي يتيح ( في أولياته طبعاً ) لقارئه أن يربط بين شيئين جد متفرقين عبر البحث في بنية العلامة اللغوية أو الصورية و علاقاتها بالمعنى و بالمرجعية و لكن دون استخلاص قراءة محددة لما بعد المعنى ...و هكذا نرى في الكتاب خطاً مستقيماً يمر في الأوليات عبر استدعاء الأمثلة غير المفهومة كاستدعاء الزركشي و كتابه لتوضيح مستويات القراءة الدالة عند " العلماء المسلمين " و إيجاد مرادفٍ لهؤلاء هو " العلماء المسيحيين " ..!! و كذلك استدعاء " شرح الشريشي على مقامات الحريري " من أجل التمثيل لفكرة القراءة الموازية التي تنتج نصاً يقابل النص الأصلي..!
أهمية كتاب سيرا قاسم تأتي من كونه محطة أخرى في سياق المحطات التي يمر بها علم السيميولوجيا في تجلياته أو تطبيقاته العربية غير أن هذه الأهمية تفقد ذاتها إن لم يتم التعامل مع هذا العلم بوصفه أداة تحليل و تفكيك للنصوص من أجل استخلاص الحقائق التي تفيد في تطوير البنى الراسخة في الآداب و النصوص المتراكمة في المدونات العربية ...
و طبقاً لهذه الفكرة فإن بحث " القراءة في التصوير و الأدب " قد يبدو مختلفاً عن النصوص السابقة في الكتاب , خاصةً و أنه يتوغل في تحديد بنية قراءة الصورة عبر عدة نماذج تستدعى من التراث العالمي و هنا سيلاحظ القارئ إمكانية الاستفادة المباشرة من قراءة المنهج طالما أنه يربط بالمحسوس المادي المباشر و بعيداً عن المجردات الأولية التي تقفز إلى الواجهة في كل مرة نواجه فيها أحداً ما يقرأ أو يدعو أو يطبق واحداً من المناهج الحديثة في قراءة و تفكيك النص ...!! تتوزع فصول الكتاب على عناوين كبرى مثل " أبعاد السيميوطيقيا" و " سيميوطقيا المكان " و " سيميوطيقيا الزمان " و " العلاقة بين القارئ و النص " و " النص و النص الموازي "و " القراءة في التصوير و الأدب " بالإضافة إلى عدة ملاحق و ثبت بالمراجع ..
ورغم ما سقناه من ملاحظات فإن هذا الكتاب يحتفظ بأهميته كونه من الكتب القليلة التي تفيد التعامل مع السيميولوجيا كعلم راهن و مفيد في شتى أنواع الفنون الآداب..
• القارئ و النص /العلامة و الدلالة
• سيزا قاسم
• المجلس الأعلى للثقافة – 2002 - القاهرة
http://almshhad.net/filemanager.php?action=image&id=146