مشاهد من فيلم سوءة اليهود!
د. فايز أبو شمالة
مشاهد مقززة، تستفز كل إنسان يحترم آدميته، وتؤكد أن الذي يقف من خلفها ليسوا هواة، ولا هم حديثو عهد في التشويه على الإسلام، بل أنهم أعداء أيديولوجيون، تدربوا على طعن الإسلام، وهم يخوضون حرباً منمقة، وعميقة الجذور، لا يقف من خلفها مئة شخصية يهودية، تبرعت للفيلم المقزز بخمسة ملايين دولار، كما يشاع، بل يقف من خلف هذه الحرب القذرة مؤسسات يهودية لها باعها الطويل في إسقاط حكومات، وفي إذكاء حروب بين الأمم، وفي تعميد رؤساء دول، ويكفي الإشارة إلى مشهدين خبيثين ليسا حديثين، يفضحان سوءة اليهود، ويسيئان إلى الفكر الإنساني.
المشهد الخبيث الأول في الفيلم المقزز تمثل في التشويه الواعي للفكر الإسلامي، وإيهام المشاهد بأن اليهود هم المستهدفون من الإرهاب الإسلامي عبر التاريخ، وأن سقوط حصون اليهود في يد المسلمين كان بداية سقوط البشرية، وكما يزعمون، فإنهم منبع الإنسانية على وجه الأرض، وأنهم لم يدمروا مدينة "أريحا" إلا بعد 450 سنة من التوسل إلى سكانها لكي يتوبوا عن المعاصي!. ضمن هذا الحشد المشوه والمتعارض للأحداث التاريخية، يزج أصحاب الفيلم باسم أقباط مصر، والغاية من ذلك؛ توظيفهم رأس حربة في حرب يدبر اليهود وقوعها بين المسلمين والمسيحيين.
أما المشهد الخبيث الثاني في فيلم سوءة اليهود، فإنه يتمثل في البطولة الزائفة التي أظهرها اليهودي "كنانة بن الربيع" صاحب حصن "خيبر"، ليصير التركيز على تفوق الإنسان اليهودي، وتنزّهه عن الخطايا، وعظمته حين يواجه الموت، وهو يوصي اليهود بأن يعودوا إلى فلسطين، وأن يقيموا دولة إسرائيل، وأن يخضعوا أحفاد محمد عليه الصلاة والسلام لسلطانهم، وأن ينتقموا منهم، ويفرضوا عليهم دفع تعويضات كافية عن أموال اليهود وممتلكاتهم وأولادهم.
هذا هو مربط فرس الفيلم المقزز، لقد جاء مجسداً للأهداف السياسية الإسرائيلية، ومتمماً لمشروع القانون الإسرائيلي الذي يطالب المملكة العربية السعودية بدفع تعويض مالي يقدر بمائة مليار دولار أمريكي عن أملاك اليهود التي اغتصبها المسلمون في الجزيرة العربية في عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
فأين الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي؟
إن ردة فعل المسلمين العفوية، والتي لم تتجاوز إطار الاحتجاجات الشعبية، ورجم السفارات الأمريكية بالحجارة، ومن ثم وقوع الشهداء في صفوف المسلمين، أن ردة فعل المسلمين هذه لتشجع اليهود في المستقبل القريب على تدمير المسجد الأقصى دون الخوف من أي ردة فعل عربية إسلامية تكون منظمة على مستوى الحدث، ومدروسة بعناية فائقة، وموجعة للعدو، وفي الوقت نفسه رادعة ومرعبة في نتائجها. لذلك اقترح على الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي أن يتحمل المسئولية، وأن يستجيب لنبض قلبه المتناغم مع نبض الشارع العربي والإسلامي، وأن يبادر إلى:
1ـ دعوة المؤتمر الإسلامي للانعقاد بجلسة استثنائية في القاهرة، ليصير الطلب من الإدارة الأمريكية تسليم كل الإرهابيين الذين لهم علاقة بفيلم "براءة المسلمين" أو سوءة اليهود إلى المحاكم الإسلامية، ولاسيما أن أمريكا قد تسلمت من قبل متهمين مسلمين بالإرهاب، وحققت معهم في سجن "جوانتنامو".
2ـ أن يطالب المسلمون أمريكا بحل منظمة "إيباك" اليهودية، وحظر كافة أنشطتها في الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تنظيم إرهابي معادٍ للإسلام، وهي الممول الرئيس للإرهاب الفكري، ولهذا الفيلم المقزز.
3ـ قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الكيان الصهيوني، ومطالبة أمريكا بوقف كافة أشكال الدعم عن هذا الكيان، بصفتها الدولة الراعية للإرهاب العالمي، على أن يصير التهديد الرسمي من كافة الدول الإسلامية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا، في حالة استمرت في تجاهل الروح الإسلامية الناهضة.
مصر هي قائدة العرب والمسلمين، وهي قادرة على تصلب مواقف الحكومات، ليقف الجميع صفاً واحداً في وجه الإرهاب الفكري الذي يمارسه اليهود ضد الدين الإسلامي، وستكتشف الشعوب قوتها، وستجد أن لها إسناداً غير محدود من داخل المجتمع الأمريكي نفسه، بعد أن ضاق الأمريكيون ذرعاً بالإرهاب اليهودي؛ الذي سيطر على مناحي حياتهم، فصاروا مثل المسلمين يفتشون عن قائد يخلصهم من سطوة اليهود.
.