ملك الغاب يصحو مفزوع الهويَّة

صحا مَلكُ الغابِ يوما مفزوعَ الهوية،

بعدما رأى في نومه خروفا يأكلُ مفتوحَ الشهيَّة،
...
...
لحمَ أسدٍ لم يُفْلِت من نابِ دقَّ العنقَ والرأسَ وهرس منه كلَّ خليَّة،

وأُسْدُ الغابِ تلاحقُ كَرْمَةً وحبَّة عنابٍ ونبتةً بريَّة،

وتقتاتُ مرغمةً على شوكِ الصباَّرِ وبقايا فِطْريَّة،

صرخَ مزمجرا يأمرُ جندَ مُلْكِهِ،

أمرَ الذئابَ والفهود، وأمر الكلابَ والقرود،

لم يترك الذبابَ ولا البعوض، بل أمر حتى الدود،

ولم ينسَ لا ضبعا ولا سَحليَّة،

أوقفوا هذا وقيِّدوا ذاك، احبسوا هذا وجوِّعوا ذاك،

لَغِّموا الأرضَ تحت أقدامهم، وأغلقوا كلَّ الحدود،

كلُّ دعاوىَ الجوع كذبٌ وإسفاف وهمجيَّة،

كل دعاوىَ الفقر والقمع وفقدان الحريَّة،

مؤامرات تقودها غابات أجنبيَّة،

ألم يزهَدْ سباعُ مُلْكي عن لحمٍ تركوه لخرافِ الغاب الفتيَّة،

ألم تضمُر بطونُهم لأكلِ فتات الأرض وفضلِ البرِّيَّة،

ماذا تريد الخراف أكثر من أنيابٍ وأضراسٍ وقواطعَ قوية،

أكلُّ هذا ليس كافيا لضمان العدل في غابتي والحريَّة،

طار الزَّبَد من أشداق المَلِكِ غَضَباً، فغابت عنه الطَّلْعَة البهية،

لما سمِعَ هديرَ زحف الخرافِ يهز أركان عرينه القصيَّة،

لولا أن هدَّأَ من روعه حاملُ تقاريرِه السريَّة،

وطمأنَه أنَّ خطأً حصلَ في آخر رسالةٍ أمنية،

وصلت إلى حُلْمِه بعد نومه،

فكانت أولَّ رسالةٍ ليليَّة،

غَمَّتْها عتمة الليلِ، فجعلت الخروفَ أسدا والأسدَ ضحية،

فاطمئن يا سيدي، قال حامل التقارير السِّرِّيَة،

نظام الحكم في غابِك آمن، باسم دينٍ وقبيلةٍ منحاه الشرعيَّة،

فبكلِّ ألوانِ الطينِ، هو شحوبُ الذُّلِّ في مرعىَ الخراف،

وبكلِّ مذاقٍ للسُّمِّ، هو طعمُ الجوعِ في ملهى السبعِ العجاف،

وبكلِّ ريحٍ للموتِ، هو نحيبُ النملِ في برزخِ عادٍ بالأحقاف،
See More