..
انقطعت الكهرباء في ظهيرة لاهبة فخرجت للشرفة أبحث عن متنفس فكان هذا :
..
وَ مُستَدِيرٍ ؛ لَهِيبُ الصَّيفِ يَلسَعُـهُ
بِسُوطِهِ , وَ قَمِيصُ النَّـومِ يَقمَعُـهُ
أَكـادُ أَلمِـسُ بِالكَفَّـيـنِ قُبَّـتَـهُ
إِذا يَلُـوحُ , وَ بِالأُذنَيـنِ أَسمَـعُـهُ
قَدِ التَصَقتُ عَلَـى البَلُّـورِ أَرقُبُـهُ
فَشَلَّنِـي بِـدَلالِ الحُسـنِ مَطلَعُـهُ
لَمَحتُهُ بِاحتِرارِ الظُّهـرِ فارتَفَعَـتْ
حَرارَتِي , حَيـثُ أَغرانِـي تَمَنُّعُـهُ
فَراوَدَتـهُ عُيُونِـي كَـي تُحَـرِّرَهُ
فَظَـلَّ مِشبَكُـهُ المَجنُـونُ يَردَعُـهُ
تَبِعتُـهُ بِعُيُـونٍ كُنـتُ أَمنَعُـهـا
وَ ما شَعَرتُ بِرُوحِي وَ هْـيَ تَتبَعُـهُ
وَ كانَ يَلهَثُ فَوقَ الصَّدرِ مُنتَفِضًـا
كَأَنَّما تَحتَ قُرصِ الشَّمسِ مَصرَعُـهُ
كَدَهشَتِي ؛ مُقَلُ الشُّبَّـاكِ واجِمَـةٌ
وَ مِثـلُ دَمعِـيَ لِلشُّبَّـاكِ أَدمُعُـهُ
( أَلِلزُّجـاجِ تَخارِيـفٌ وَ أَخيِلَـةٌ
تُرِيدُ جَرَّ خَيالِـي ثُـمَّ تَخدَعُـهُ ؟ )
سَأَلتُ عَقلِيَ ؛ لَكِنْ ما وَجَدتُ بِـهِ
إِجابَـةً قَـدْ تُعَزِّينِـي , وَ تَنفَعُـهُ
( لَعَلَّنِي بِانقِطـاعِ الكَهرَبـاءِ أَرَى
وَهمًا إِلَى هَلوَساتِ الحَـرِّ مَرجِعُـهُ !
أَو رُبَّما افتَعَلَ العَقلُ اختِـلاقَ رُؤَىً
تُزِيحُ عَنِّـي مُعاناتِـي ! وَ تُقنِعُـهُ !
أَما أَزالُ هُنا ؟ بَعضِي يَخِـرُّ عَلَـى
بَعضِي ! وَ بَعضُ اليَقِينِ الفِكرُ يَمنَعُهُ !
تَبًّا ؛ تَعِبتُ ! وَ هَذا الأَمرُ أَرهَقَنِـي
أَواقِـعٌ مـا أَراهُ ؟ أَمْ أُصَنِّـعُـهُ ؟
لَقَدْ خَرَجتُ بِهَذا الوَقـتِ يَدفَعُنِـي
هَذا الهَجِيرُ . فَما يا رَبِّ يَدفَعُـهُ ؟ )
وَ بَينَمـا أَنـا مَشغُـولٌ بِفِكرَتِـهِ
نَفَـى جَمِيـعَ احتِمالاتِـي تَوَقُّعُـهُ
فِي ظِلِّ دالِيَةِ اللَّبلابِ قَـدْ وَقَفَـتْ
نَعَمْ . أَراها - هُناكَ الآنَ - تَرفَعُـهُ
فَجِئتُ أَحمِلُ قَلبِي بِاشتِيـاقِ فَتَـىً
شُعُورُهُ بَعضُ مـا تُخفِيـهِ أَضلُعُـهُ
وَ قَدْ دَفَعتُ بِنَفسِي فِـي مُحاوَلَـةٍ
لِكَي يُعَبِّـرَ عَـنْ حُبِّـي تَضَرُّعُـهُ
فَخانَنِي العَجزُ ؛ وَ استَهلَكتُ مَقدِرَتِي
حَتَّى تَبَعثَرَ ما قَـدْ كُنـتُ أَجمَعُـهُ !
فِي شُرفَةٍ ما تَعَوَّدتُ الصُّعُـودَ لَهـا
وَقَفتُ يَصفَعُنِي ضَعفِي , وَ أَصفَعُـهُ
وَ قَدْ رَنُوتُ إِلَيهِ وَ السُّكُـوتُ فَـمٌ
وَ حَيرَتِـي وَ ارتِعاشاتِـي تُوَدِّعُـهُ
وَ عُدتُ وَحدِيَ وَ الآهاتُ فِي كَبِدِي
وَ خافِقِي ذِكرَياتُ الحَـرِّ تُفزِعُـهُ !