أطوار العقيدة الإلهية

--------------------------------------------------------------------------------

يعرف علماء المقابلة بين الأديان ثلاثة أطوار عامة مرت بها الأمم البدائية في اعتقادها بالآلهة والأرباب وهي :
- دور التعدد
- دور التمييز والترجيح
- دور الوحدانية
ففي دور التعدد كانت القبائل الأولى تتخذ لها أرباباً تُعد بالعشرات وقد تتجاوز العشرات إلى المئات ويوشك في هذا الدور أن يكون لكل أسرة كبيرة رب تعبده أو تعويذة تنوب عن الرب في الحضور وتقبل الصلوات والقرابين .
وفي الدور الثاني وهو دور التمييز والترجيح تبقى الأرباب على كثرتها ويأخذ رب منها في البروز والرجحان على سائرها
وفي الدور الثالث تتوحد الأمة فتجتمع إلى عبادة واحدة تؤلف بينها مع تعدد الأرباب في كل إقليم من الأقاليم المتفرقة ويحدث في هذا الدور أن تفرض الأمة عبادتها على غيرها
والرأي الراجح عند علماء المقابلة بين الأديان أن الاعتقاد بالثنائية يأتي أحياناً كثيرة بعد اعتقاد الوحدانية , الوحدانية الناقصة التي تأذن بوجود الأرباب معها أو بتنازع الوحدانية بين الآلهة وهم يعللون ظهور الثنائية بعد الوحدانية بأن الإنسان يتًرقى في هذا الطور فيحاول تفسير الشر في الوجود بنسبته إلى إله غير إله الخير ,ولا يكون هذا من قبيل النكسة في عقيدته لأنه لا يزال يسيغ تعدد الأرباب ويسيغ التمايز والترجيح بينها والتفاوت بين درجاتها وطبائعها .
ولم تكن أرباب الأمم الماضية في جميع أطوارها نوعاً واحداً أو مثالاً لفكرة واحدة , ولكنها أنواع شتًى يمكن أن نجمعها في الأنواع التالية :
1- أرباب الطبيعة أو الأرباب التي تُمثل مشاهد الطبيعة كالرعد والبرق والمطر والفجر والشمس والقمر والسماء والماء والربيع .
2- أرباب الإنسانية وهي الأرباب التي تُقترن بأسماء الأبطال والقادة المحبوبين والمرهوبين ويحسبهم عبادهم من القادرين على الخوارق والمعجزات .
3- أرباب الأسرة وهم الأسلاف الغابرون يعبدهم أبناؤهم ويحيون ذكراهم بالحفلات والمواسم .
4- أرباب المعاني كرب العشق ورب الحرب ورب الصيد ورب السلام ورب الإحسان .
5- أرباب البيت كرب البئر ورب الموقد ورب الطعام ورب الشراب .
6- أرباب النسل والخصب وهي على الأغلب في صورة الإناث ويسمونها بالأمهات الخالدات وقد ترقًت مع الزمن إلى واهبات الخلود بعد هبة الحياة .
7-الآلهة العليا وهي آلهة الخلق التي تدين عبادها بشرائع الخير وتحاسبهم عليها وتجمع المُثل العليا للمحاسن والأخلاق وتضمن السعادة الأبدية للأرواح في عالم البقاء , وهذه الطبقة من طبقات العبادة هي أرقى ما بلغته الإنسانية في أطوارها المتوالية واستعدت بعده للإيمان بإله واحد لجميع الأكوان والمخلوقات بغير استثناء أمة من الناس .


المرجع :
كتاب (( اللــــــه)) للكاتب الكبير عباس محمود العقـــــاد