البديل
قصة قصيرة
سالم وريوش الحميد
دوامة الصبر تمتد للبعيد تحتاج دوما لهواجس كي تدور في خضم صراع عنيد ، تتلاطم الأقدار يغذ بها مثل هذا العناد ..دعائم قوية للصبر صيرت من إصراره مهنة ، يجوب الطرقات ، يستعطف القلوب ، يمد يده باستكانة وانكسار (مبلغ زهيد هو كل ما يريد) ، خذ البعض يقول وآخرون يتمتمون بكلام غير مفهوم يزمون الشفاه ، قد يزجرونه فينتابه بعض من حياء ، لحظات ثم ينسى كل شيء ، تمتد يده في الفراغ وتطول حتى أراها تخترق الزحام ، تمر بين السيارات كثعبان تزحف تتلوى بالمنعطفات ، لها ما يشبه الفحيح ، تكبر تصير عملاقا يمتد ظلها يستعطف الجميع ، لازال جيبه فاغرا فاه ، لا يشبع لا يهدأ، نهمه ليس له حدود رغم امتلائه بالنقود..ساعة ويجن الليل قد يلتقط بقايا أقدام تسير وبعدها يحل الظلام فتؤوب الأفئدة حيث دفء البيوت ويبقى وحده يسير .. الشوارع من الحركة خلاء ، تمنى أن تكون ليده أفنان أو أذرع إخطبوط يمدها
أنى يريد... صوت منبه السيارة يزعق بلا حياء ..ابتعد عن الطريق ..ابتعد عن الطريق..طار في الفضاء قبض على جيبه لئلا تسقط النقود رمت به السيارة بعيدا ًفي ارض موحلة تلمس جيبه وتنفس الصعداء (الحمد لله لم تسقط النقود )لازالت عينه شاخصة نحو الطريق باسطاً كفه في الهواء بانتظار المزيد، لكنه غاب غيبة ما بعدها رجوع.....
.مات رقصت فرحا شربت نخب موته حتى الثمالة ،هذه اللحظة التي انتظر منذ زمن بعيد كانت أمنيتي ورجائي ..ضحكت ملء شدقيّ كالمجنون ،
رقصت كما رقص زوربا اليوناني تجمع الناس حولي وهم يصفقون ، لن ينافسني احد بعد اليوم هاهي الكؤوس مترعة تلوح لي من بعيد
والجيوب ستكتنز بالنقود أنا أمير مملكة الشحاذين (أنا الملك ) ...
وفي الصباح سرت نحو هدفي متطلعا بين الوجوه من يبايعني من بين 120000*خطايّ تتسارع ودقات قلبي بانتظام ،
سرت بخيلاء انتابني شعور بالعظمة ...لكن فرحتي لم تدوم ...!توقفت قدمي فجأة عن المسير فقد رأيت البديل يستند على عصاه
في ذات المكان يقف ثابتا ويده وحدها تدور تبحث عمن يلقمها بورقة زرقاء*كي يسكت نهما رابضا في العيون وضع يافطه كتب عليها (هذه حدود مملكتي فلا تقربون....!) حينها لم أجد أقوى من الصمت يقتل كل ما في ّمن آمال.. أطرقت رأسي لأسترح من هذا العناء ،
فأما أُلملم بقايا أشلائي وأواريها التراب أو أبحث عن مرتع جديد..
_______________________________
*بلغ عدد المتسولين في بغداد وحدها 120000
*اصغر فئة نقد عراقي