فى كتابه «عالم الأسرار» يقول المفكر الأديب الراحل د. مصطفى محمود إنه توقف طويلا أمام*أصل اللغات*إلى أن وقع فى يده كتاب بالإنجليزية عنوانه «*اللغة العربية*أصل اللغات*«مؤلفته» تحية عبدالعزيز إسماعيل» أستاذة متخصصة فى علم اللغويات، قضت عشر سنوات تنقّب وتبحث فى الوثائق والمخطوطات والمراجع والقواميس للتعرف على الألفاظ المشتركة بين*اللغة العربية*واللغات الأخرى وقد كشف لها ذلك أن*اللغة العربية*كانت الأصل والمنبع، وإن جميع اللغات كانت قنوات وروافد منها.
تعدد المؤلفة سبب ذلك بسعة*اللغة العربية*وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي. فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوى فقط، والساكسونية بها ألفا جذر بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوى. يضاف إلى هذه السعة، سعة أخرى فى التفعيل والاشتقاق والتركيب، ففى الانجليزية مثلاً لفظ (Tall)بمعنى طويل، والتشابه بين الكلمتين فى النطق واضح، ولكنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد: طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ)، بينما اللفظ الإنجليزى (Tall) لا يخرج منه شىء. ونفس الملاحظة فى لفظة (Good) بالإنجليزية وجيّد بالعربية، وكلاهما متشابه فى النطق، ولكنا نجد كلمة جيد يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شىء! كما نجد فى العربية اللفظة الواحدة تعطى أكثر من معنى بمجرد تلوين الوزن. فمثلا قاتل وقتيل وفيض وفيضان ورحيم ورحمن، وهذا التلوين فى الإيقاع الوزنى غير معروف فى اللغات الأخرى .
وإذا تتبعنا تاريخ*اللغة العربية*فسوف نكتشف أن نحوها وصرفها وقواعدها وأساليب التراكيب والاشتقاق فيها ثابتة لم تتغير على مدى آلاف السنين، وأنها ظلت حافظة لكيانها وهيكلها وقوانينها ولم تجرِ عليها عوامل الفناء والانحلال أو التشويه والتحريف التى حدثت فى اللغات الأخرى التى دخلها التحريف والإضافة والحذف والإدماج والاختصار وتغيرت أجروميتها مرة بعد مرة. ولهذا اختار الله*اللغة العربية*وعاء للقرآن الذى امتدحه بأنه (قرآنا عربيا غير ذى عوج).
نقلا عن صحيفة الأهرام