من وحي شعري ملأت الكون أقمارا
وسافر الحرف في الآفاق بحارا
وأسكر اللحن في حرفي سواحله
إذا لمست بريش الصقر أوتارا
وماج من شوقه يبغي يعانقني
إذا عزفت - وثار الجو - قيثارا
من كان أعمه لا ترجو هدايته
أو كان أعور لا تهديه منظارا
ومن تصامم لا تشجيه من وتر
أو كان أعمى فلن أعطيه إبصارا
يا من يذوب لكأسي كي يساقِيَه
قطف الدوالي بكرمي صرت مكارا؟
أنا أفوف حرفي مثلما نسجت
يد الربيع على الأغصان أزهارا
وأرصف الأفق أقمارا ترافقه
كل النجوم فيغدو الليل نوّارا
فما تسولت حرفا من سوى قلمي
ولا اقترضت لزند الشعر إسوارا
وما شحذت من الأحباب مغزلهم
لكي تصير خيوطي للهوى دارا
وما استلفت ولو حرفا بقافيتي
ولا بذلت لمن يعطيه أسرارا
ولا حريري غدا في كف من نسجوا
شعري وأصبحت لو فارقت محتارا
فمن تداين دينارا لعسرته
غدا يسد لمن أعطاه قنطارا
ولست أفتح أبوابي لتدخله
سوى النوارس تحثوا منه أنوارا
اللؤلؤ الحر مقصور على صدفي
ومن بحاري تساقى الكل أشعارا
ومن غيومي ينابيع الهوى انبجست
ومن سحابي سقيت الزهر أمطارا
وما سمحت لبوم أن يطا شجري
ولا غراب علا للسفح أشجارا
فمن عظامي يراعي ثم أوردتي
تسقي المداد إذا ما الحبر قد غارا
ففي لحوني جميع اللوز منجدل
يعانق الفلّ والكاديُّ دردارا
أنا جرير وحرفي السيف أشحذه
لكي يصافح في حديه غدارا
فمن يقل أن حرفي ليس من ذهب
وبعد تقريضه متنا وأفكارا
يعدْ لغير الذي قد قال يجحده
ويصبح الريح بعد اللين إعصارا
فذاك والله صفر لا خلاق له
وذاك يحسب في الآداب سمسارا !!!
فلن أجيب ، فرد الصمت يقتلهم
ويشعل الحقد في أحشائهم نارا
بئس الثعالب بعد الأكل من عنبي
تقول حصرمه في كأسهم ثارا !!
لا أبرد الله للحساد أعينهم
ولا أطال لهم في الناس أعمارا
ولا أطاب لهم في الليل مضجعهم
والنوم من عينهم عصفوره طارا
مهما تطاول سفح الذل ما وصلوا
معشار سهلى وودياني وأغوارا
قالوا : هي الشهد من قد ذاق تأسره
فقلت : طلّق من قد ذاقمختارا
من كان جدران بيت العنكبوت له
بيتا فلا يرم درب الناس مسمارا
وليرحم الله من قد قال في ألم
من سوء أخلاق بعض الناس ، ماجارا :
(لو كل كلب عوى ألقمته حجرا)
لأقفر الكون في يومين أحجارا !!!!