أسوار القدس العتيقة ... تهويد الحضارة والتاريخ
قلم / غسان مصطفى الشامي
تتواصل يوميا الاعتداءات على القدس والمسجد الأقصى المبارك، كما تستمر بشراسة مخططات العنصرية التهويدية والاستيطانية التي تحيط مدينة القدس من كل جانب، كما تتعرض باحات المسجد الأقصى يوميا للاقتحام من قبل قطعان المستوطنين، فضلا عن الرحلات السياحية للمسجد الأقصى والتي تهدف إلى تزييف وتشويه تاريخ المسجد الأقصى وإسلاميته وعروبته الأصيلة.
يشن الصهاينة في هذه الأيام هجوما إعلاميا وثقافيا كبيرا يستهدف تهويد أسوار القدس العتيقة، وترويج الرواية التهويدية التوراتية الواهية بأسلوب مبتذل وغريب يهدف إلى حشد قطعان المستوطنين حول أسوار مدينة القدس، وصناعة الروايات التوارتية الخيالية عن القدس؛ بهدف تنفيذ المخططات الصهيونية الخبيثة لتهويد القدس والمسجد الأقصى، وإغراق السياح الصهاينة بالأساليب الخيالية الخداعة عن المسجد الأقصى والهيكل المزعوم.
يعمل الصهاينة اليهود سنويا على تنظيم ما يسمى بـ "مهرجان الأنوار" على أسوار القدس العتيقة، وهو ينظم للسنة السادسة على التوالي، ويشرف عليه عدد كبير من المؤسسات الصهيونية، حيث يكلف هذه المهرجان نفقات مالية باهظة من أجل إنجاحه واستمرار بصورة دورية.
وتعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذا المهرجان التهويدي على قلب الحقائق وتزويد تاريخ المدينة المقدسة، لتظهر بالطابع اليهودية، يهدف إلى إلغاء التاريخ والحضارة، كما تحاول إظهار مدينة القدس المحتلة، على غير وجهها الحقيقي لتبدو مدينة يهودية الطبع والطابع، كما يحاول الصهاينة من خلال المهرجان إلغاء الحضارة والتاريخ الإسلامي العربي العريق للمدينة، عبر عدة طرق ووسائل، منها تهويد أسماء الشوارع وتغيرها إلى أسماء يهودية توراتية، كما تقوم السلطات " الإسرائيلية" بتوجيه دعوات لكبار الفنانين والكتاب والمثقفين من كافة أنحاء العالم لحضور هذا المهرجان التهويدي الصهيوني، كما يسعى الصهاينة دوما على تكرار الإعلام أن القدس عاصمة لدولة اليهود في فلسطين .
إن تنظيم هذا المهرجان يمثل خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين والمقدسين تهدف إلى المساس بإسلامية المسجد وتاريخه العريق، وهي وسيلة من وسائل الصهاينة تأتي ضمن البرنامج التهويدي للمسجد الأقصى المبارك، فقد نجح الصهاينة – حسب ما ذكرته الدراسات البحثية- في تهويد كثير من قطاعات القدس ومرافقها، ديموغرافياً وعملوا على توطين أكثر من(300 ألف) مستوطن في القدس على حساب المواطنين المقدسيين .
إن الهدف الرئيسي من " مهرجان الأنوار " الصهيوني، يتمثل في إضفاء الطابع اليهودي على مدينة القدس واستخدام وسائل التزوير والتزييف والإيهام الصهيونية، حيث يتخلل المهرجان الاعتداءات المتواصلة على السكان المقدسيين والتضييق عليهم من خلال هذه الاحتفالات الماجنة الراقصة التي ينظمها الصهاينة في القدس والتي تستمر لأوقات متأخرة من الليل، كما يتضمن المهرجان عبارات بذيئة توجه للعرب والمسلمين، ونحت رسومات يهويدية تلمودية على أسوار الأقصى، كما يهدف المهرجان لحشد الآلاف من السياح من شتى أنحاء العالم إلى مدينة القدس، وتقوم السلطات الصهيونية بتوزيع نشرات باللغات الإنجليزية والعبرية والعربية، و مسارات المهرجان الثلاثة (الأبيض، والأزرق، والأخضر)، والتي تقود السياح الأجانب إلى حارات القدس القديمة (حارة الأرمن، والشرف، والنصارى)، فيما يتم تنظيم جولات سياحية على حارات وأزقة القدس ضمن برنامج تهويدي يومي تشرف عليه سلطة الآثار الصهيونية .
إن الاحتلال الصهيوني يبذل جهدا كبيرا في هذا المهرجان التهويدي؛ بهدف إقناع السياح الأجانب بما يسمى " يهودية القدس "، وطابعها الصهيونية، كما يصاحب هذه المهرجان مسلسل تغيير أسماء شوارع القدس وطرقاتها وأزقتها بأسماء يهودية توارتية ونشرها في أماكن مختلفة من مدينة القدس العتيقة .
إن من أهداف هذا المهرجان التهويدي الصاخب جلب السياح الأجانب وإيهام هؤلاء السياح بأن مدينة القدس هي مدينة يهودية تاريخية، وهو جزء من سياسة التهويد والتزييف التي يتبعها الاحتلال، وذلك من خلال بثه رسومات ثلاثية الأبعاد على أسوار القدس تشير إلى تاريخ مزيف يحكي عن يهودية مدينة القدس من قبل الميلاد وحتى يومنا هذا.
أن مدينة القدس مدينة إسلامية تاريخية شامخة ستبقى كنزا تراثيا حضاريا رغم كافة محاولات الطمس اليهودية لها، وسيبقى أهلها المقدسيون ثابتين صامدين محافظين على مدينتهم ومقدساتهم، وهي اليوم تقف بقوة في وجه مشاريع الجمعيات الاستيطانية الصهيونية وسلطة الآثار (الإسرائيلية) التي تنفذ مشاريع البحث عن آثار يهودية في الأتربة أسفل المسجد الأقصى، و تخطط الجمعيات لنقل واستخراج الأتربة من أسفل المسجد الأقصى ووضعها في أماكن مخصصة عند الصهاينة بحجة البحث عن آثار يهودية في هذا التراب المبارك.
إن القدس المحتلة تحيا في هذه الأيام مخاطر كبيرة، وهي تعيش أليمة جريحة بين مخططات التهويد للمدينة المقدسة، ومخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، والقدس اليوم في حالة استباحة دائمة من قبل قطعان المستوطنين والصهاينة اليهود، ويجب أن تكون على رأس الأجندة الفلسطينية دوما وحاضرة دوما في اجتماعات القيادة الفلسطينية، خاصة أن مدينة القدس تعاني من مسلسلات التهويد والتدمير، وحمى الله مرابطي القدس وشبابها وشيوخها؛ فهم بأمس الحاجة للدعم والمساندة التواصل الدائم معهم وشد أزرهم من قبل كافة أبناء الأمة الإسلامية.
إلى الملتقى ،،