ليمت جد جلعاد دون رؤيته

رياض خالد الأشقر / باحث فى شئون الأسرى ومدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى
استوقفني خبر في إحدى المواقع الالكترونية يقول بان " تسفي شاليط " وهو جد الجندي جلعاد شاليط المأسور في غزة يتمنى رؤيته قبل إن يفارق الحياة ، وهو على موعد للقاء نتنياهو ليطلب منه المساعدة في رؤية حفيده"
قلت في نفسي ماذا سيحدث لو مات جد جلعاد دون رؤيته، برأي فليذهب إلى الجحيم، ولسنا المسئولين عن هذه المعاناة التي تلاقيها عائلة شاليط ، بل المسئول الأول والأخير هو رئيس وزراء حكومتهم الأرعن نتنياهو ،الذي يرفض التعاطي مع مبادرة الفصائل الفلسطينية لكي يعود شاليط إلى جده ووالده ووالدته، ويعود أسرانا كذلك إلى أهلهم، الذين انتقل عدد كبير منهم إلى جوار ربهم دون أن يتمكنوا من لقاء أبنائهم ، أو حتى إلقاء نظرة وداع أخيرة علي مهجة قلوبهم.. إذا فليمت جد شاليط دون رؤيته فهو ليس بأكرم ولا أفضل من أهالي الأسرى .
3 سنوات مرت على أسرى القطاع دون أن يكحلوا عيونهم برؤية ذويهم ، يتحرقون شوقاً للاطمئنان على أهلهم ولكن دون جدوى ، فهذا المحتل المجرم يربط قضيتهم وزيارتهم بقضية شاليط .. إذاً فليمت جد شاليط دون رؤيته، وليحترق قلب عائلته كما احترقت واكتوت قلوب آلاف الأسرى الذين يحرمون من رؤية أهلهم .
فليمت جد شاليط .. كما ماتت الحاجة ' أم عمر 'والدة أقدم أسير في العالم "نائل صالح البرغوثي" الذي أمضى 32 عام في السجون، والده ووالد وأخ الأسير فخري البرغوتى وهو لا يزال خلف القضبان، والحاجة أم فهمي والده الأسير روحي مشتهى، والحاجة أم رفيق ' والدة الأسير أيمن الفار، والحاجة أم عاطف والده النائب مروان البرغوتى، والحاجة أم أنور 'والدة الأسير " أشرف البعلوجي " والحاج " أبو علي" والد الأسير علي أبو فول ، والحاجة أم محمود والدة الأسير"محمد حرز " ووالد الأسير مصطفى رمضان الذي انتقل إلى جوار ربه وهو ينادى باسم ابنه، وغيرهم المئات من الأسرى الذين فقدوا أبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وإخوانهم وأحبائهم دون أن تطرف لهذا المحتل عين .
ليس ظلما أو إجحافاً أو تنازلاً عن إنسانيتنا أن يموت جد الأسير الاسرائيلى جلعاد شاليط دون أن يتمكن من رؤيته ، بل على العكس هذا عين العدل، لان من بدء بالإساءة كان اظلم ، ومن زرع الشوك لا يحصد الورد، أم ينتظرون منا أن نفتح لهم أبواب سجن شاليط ،ونقول لهم تفضلوا على الرحب والسعة ، وأبواب سجونهم الخمسة والعشرين مغلقة في وجه أهالي أسرانا ، زمن الرضوخ لشروط الاحتلال وامتلاءاته ولى دون رجعه، وعلى الاحتلال أن يفهم انه لن يحصل على أسيره إلا إذا وافق على شروط الفصائل الفلسطينية، وان رهانه على إطالة وقت المفاوضات والمماطلة وطول النفس ، والضغط سواء على أبناء شعبنا بالحصار والقتل والتجويع، أو على أسرانا بالعقوبات والتضييق وسحب الانجازات لن تفلح في تخفيض سقف مطالبنا، أو القبول بمعايير الاحتلال، أو التنازل عن أياً من أولئك الذين صدئت قضبان السجن وتغيرت أكثر من مرة، وهم لا زالوا يرزحون تحت الاستبداد .
على نوعام وايفيا وتسفى شاليط ، أن يعلموا أن الكرة الآن في ملعب حكومتهم، ويبدو أنهم أدركوا ذلك مؤخراً بإعلانهم تنفيذ فعاليات واحتجاجات أمام منزل نتيناهو للضغط عليه لإتمام الصفقة .. هذه هي المعادلة إذا أردتم أن يعود ابنكم إلى منزله بسلام عليكم ممارسة ضغط على أركان حكومتكم فهي من تعيق الصفقة وإلا فليمت جد شاليط دون رؤية حفيده .
انتهى