نجلاء صبري تكتب : احترس من علامات الانفصال العاطفي



سأل رجل زوجته بعد فترة طويلة من الزواج، وقد كانت علاقتهم العاطفية مضرب الأمثال فى ظرفها وقوتها وانسجامها قائلا: فى زمن الخلفاء العباسيين كان للرجال ألقابهم مثل المعتصم بالله والمتوكل على الله والمستمسك بالله، فى اعتقادك أى لقب كان يناسبنى لو كنت فى عصرهم، فنظرت إليه قائله أظن أكثر ما يناسبك يا إما "أعوذ بالله أو منك لله".
العلاقة العاطفية مثلها مثل أى علاقة إنسانية لا تخلو من بعض المتاعب، ولا تستقر على حال أبدا، فهل لاحظت عدم القدرة على تمييز مشاعرك تجاه زوجك أو زوجتك أو تحولها على الرغم من العاطفة القوية التى كانت بينكما؟!!!
هنالك أربع علامات تحذيرية عندما تلاحظها فهى إنذار قوى لضعف الاتصال العاطفى، وتلك العلامات أو العوامل هى:
1- المقاومة.
2- الغيظ.
3- الرفض.
4- الكبت.
وتنتج لعدم قدرتك على الإفصاح عما يجول بخاطرك كاملا تجاه شريكك فى الحياة، فإذا كنت تريد تجنب فقدان الحب فى علاقتك، يجب عليك ألا تكون عالقا بهذه العوامل وتعالجها حال شعورك بها بأخبار شريكك بكامل ما تشعر به تجاهه دون الخوف من رد الفعل أو النتيجة المترتبة على ذلك، فأى علاقة إنسانية بها مستويات من المقاومة وهى مستويات طبيعية، ولكن عندما تلاحظ أنك بدأت فى مقاومة ما يقوله الطرف الآخر أو يفعله أو يشعر به، كأن يحاول مثلا أن يخبرك شىء ما فتجدك من داخلك تتوقع ما سيفعله وتقول يا الله هل سيفعل هذا مجددا؟ مع استنكار داخلى مما سيقوله أو يفعله وتأمر نفسك بالصمت من أجل ألا تكون انتقاديا، ولكنك من داخلك تشعر فعلا بمقاومته، إذا لم تخبره حقا بهذه المقاومة فمع الوقت ستترسب المقاومة وتحولك للمرحلة التالية وهى الشعور بالغيظ، فإن حاول تكرار الأمر بعينه ستجدك ثائرا مغتاظا مما يقوله، والغيظ عبارة عن خليط داخلى من الشعور بالغضب والتوتر والإحباط والحدة فى المشاعر والامتعاض والكراهية واللوم والرغبة فى الانتقام، جميع هذه المشاعر هى أعراض المرحلة الثانية الشعور بالغيظ المكبوت داخلك، والذى مع تراكمه هو والمقاومة يتحول بدوره للشعور بالرفض فلا تعد قادرا على التواصل العاطفى مع الطرف الآخر وتنغلق على نفسك دافعا أى طلب له رافضا مناقشته، فأنت تنفصل عن شريكك هنا على المستوى الانفعالى قائلا لنفسك: ((لا أريد أن أناقش ذلك مجدداً))، قد تترك الغرفة أو تفر خارجا من المنزل، أو ببساطة قد تنغلق على نفسك وترفض أن تتعرف على مشاعر الطرف الآخر وتهمله تماما من علامات الرفض، كرهك للاستمرار مع الطرف الآخر، أن تتحفز لأى وجهة نظر يتخذها، أن تحلم بأشخاص آخرين يملأون هذا الفراغ، وهو نتيجة طبيعية لحملك غيظاً مكبوتاً لم تعبرعنه لشريكك، فى تلك الحالة تجدك فى صراع ما بين ما هو مكبوت بداخلك وبين الاستمرار فى علاقتك بشريكك، لذلك فأنت تدفع هذه المشاعر بعيداً بالابتعاد عن شريكك لتحصل على السلام.

خلال هذه المرحلة الثالثة ستصبح حياتك على جميع الأصعدة وخاصة العاطفية والجنسية منها متدهورة جدا هذا إن لم تكن قد أصبحت كذلك فعلا، و قد تشعر بأنك ما زلت تحب شريكك ولكنك لم تعد منجذباً إليه كالسابق ((لم تعد واقعاً فى الحب كما كنت))، إذا كنت تؤمن بالطلاق أو الإنفصال فإنك ستقع حتماً ضحية لهذه المرحلة، فالإنفصال سيكون مؤلماً جداً وسيكون الأفضل أيضا من وجهة نظرك.
إذا لم تعبر للطرف الآخر عن الرفض الذى تشعر به وتحله معه، فإن مشاعرك هذه ستتراكم وتتحول إلى المرحلة التالية من التفكك وهى مرحلة الكبت والتى تعد أخطر مرحلة فأنت خلالها تخبر ذاتك أنه ما من شىء يستحق أن تقاتل من أجله فأنت متعب للغاية وتقرر ترك الأمر برمته وتكبت كل مشاعرك السلبية فى محاولة منك للحفاظ على السلام العائلى والسلام الشخصى الخاص بك، فى تلك الحالة أنت تتجاهل مشاعرك السلبية والتى تعنى بدورها أنك تتجاهل حياتك. ولكن دون أن تدرى تبدأ بالتسرب إلى واقعك فتفقد حيويتك وتصبح حياتك مملة وغير متجدده وهو بالضرورة ليس شعورا مؤلما ولكنه ليس ممتعا أيضا.
من أخطر ما يميز تلك المرحلة أنك قد لا يبدو عليك أى شىء من الخارج فقد سمعنا جميعا عن علاقات نراها جيدة جدا على كافة المستويات ثم فجأة نسمع خبر الانفصال، تلك هى المسألة، تركوا الأمر يتطور حد وصولهم لتلك المرحلة النفسية المدمرة التى قد يقع فيها الكثيرون فى غفلة منهم، لأنهم لم يتقنوا فهم ذواتهم ولا التعبير عنها بصورة كافية وواضحة ومباشرة لشريك حياتهم.
تلك العوامل الأربعة تشرح آلية الكبت بجوار المراحل التى يتم فيها فقدان الحب عبر فترة طويلة من الزمن ففى كل مرة تكبت فيها شعور ما فأنت تمر بالمراحل الأربعة وقد تمر بها عبر وقت طويل وقد تمر بها جميعا فى يوم واحد، وبتوالى الكبت تفقد حياتك بهجتها،وتلك المراحل لا تنطبق على العاطفة فقط، بل فى العمل وبين الآباء والأبناء وعلى كافة علاقاتنا فى الحياة وحتى بين الفرد ونفسه. لذا تعين علينا معالجة مشاعرنا السلبية حال الشعور بها وعدم الهروب منها حتى لا تخبرنا زوجاتنا يوما إن سألناهن عن أنسب اسم لنا بـ"أعوذ بالله" التى تعبر عن المقاومة والغيظ و"منك لله" التى تعبر عن الرفض والكبت. وأن تذكر بدلا منها عبارة الحمد لله الدالة على تمام الرضا.
فى المقال التالى سنعرض إستراتيجية معالجة العوامل الأربعة .


• • • • •



• • • • •



نجلاء صبري

naglaa.sabry@gmail.com

• أخصائية نفسية وكاتبة مصرية، من مواليد المنصورة، عام 1979
• تخرجت في كلية الآداب، قسم علم النفس. جامعة المنصورة، عام 2000
• حاصلة على الشهادة التمهيدية للماجيستير 2007
• تعد حاليا رسالة ماجستير عن "العنف ضد المرأة وعلاقته بالعوامل الخمسة الكبرى للشخصية"
• تم اختيار أبحاثها لتدرس كمقرر علمي على طلبة كلية الآداب، قسم علم النفس، جامعة المنصورة، ومنها بحث "بعض خصائص الشخصية لدى مرضى القلب والفشل الكلوي ( دراسة مقارنه )".. 2001
• حاصلة على دورات تدريبية في مجال الصحة النفسية العامة والإدمان، عن الأمانة العامة للصحة النفسية، عام 2008
• عضو رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية “رانم“
• تعمل كمعالجة نفسية منذ عام 2004 وحتى الآن.
• تعمل كمعالجة نفسية بطب المسنين منذ عام 2007 وحتى الآن.
• تعد سلسلة كتب نفسية متخصصة بكل ما يعني الأسرة والطفل، صدر منها :
1. في بيتنا طفل موهوب : مؤسسة شمس للنشر والإعلام ، القاهرة 2009
2. آسفة أرفض أن تكوني أمي : مؤسسة شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2009

- البريد الإلكتروني:
naglaa.sabry@gmail.com
- الموقع الإلكتروني: www.nirfana0.blogspot.com

من الايميل وارجو الفائدة
http://youm7.com/News.asp?NewsID=200694