حكايا لا تنتهي
جلست القرفصاء أمامي وهي تسافر بي كحلم على جناحي الريح ، أغرق في نبرات صوتها الدافئة، اتوثب مع ارتفاعه.. وأسكن عندما تخفضه.. أشرب ملامحها المتغضنة، اتلصص على مكامن الجمال عندما تسنح لي فرصة، أحس بالحياء يكتنفني.. وجموح الحكايا يأخذني بعيداً . إلى مشارف حياة استعصت عليّ وتملصت من بين ثنايا ذاكرتي ..
حواجز ناعمة تحيط بامرأة لا مفر لها إلا الرضا بصحبتي.. وانا اتسلق أهداب حكاياها.. يأتيني صوتها عميقاً ، دافئا كثمار كستناء في ليلة شتاء قارصة .. صمتي يشعل نيران تستعر تحت جلدها الناعم ويطلق عقال خيالها بعيداً لمزيداً من الإثارة ..
صار قلب مدينتنا الدافيء موطنا لجحافل الغرباء.. تلك المدينة النائمة في أحضان القيسوم.. أحبها حين تزج الحاجة هادية بي عبر حكاياها الجميلة داخل دفء أزقتها الضيقة ..
دفء علاقات الجيران في تلك البيوت الملتصقة بعضها ببعض.. يشترك كل بيتين متلاصقين ليس فقط بالجدار ولكن بحميمة العلاقات ونبض القلوب وامتزاج الأنفاس، والتي تكاد تتفجر من فرط ما تحمله من حرارة وما يعبق فيها من سخونة واشتعال..
الحاجة هادية بوجهها المتغضن وملامحها المتيبسة التي فارقها الشباب ومحترقة داخل بوتقة ذاتها التي اسُتلبت منها الحياة، تسرد الحكايا دون وجل او خجل من البوح كانها بطلتها
و حديث الجيران وهم يسمعون فحيح صوت إحدى الجارات وهي تمارس الحب عبر جدران الأسطح التي تضيق بالأسرار والأصوات المبحوحة.. .
لا تتعب من الحكايا .. تزجرني قائلة أن يكفي ما سمعته اليوم، ليس هناك من يروي حكايات مثلها ... تشيح بوجهها عني وتغض الطرف عن كلماتي التي تحاول رشوتها وتدفعني عنها.. وقد غشى جفنيها نعاس مجدول بهمس حكاياها التي تنتهي .....
محمود ابو اسعد
فلسطين