10/4/2017
يثار الجدل في فلسطين عموما وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، لماذا الأن، قرر الرئيس محمود عباس فرض إجراءات عقابية ضد غزة بواسطة الموظفين وغالبيتهم من حركة فتح والذين أجبروا على الإستنكاف عن العمل والتزموا بالقرارات الصادرة عن السلطة الوطنية، هل يدرك خطورة هذه الخطوة ومدى تأثيرها على المشروع الوطني والنسيج الإجتماعي الفلسطيني ومفاقمة الاوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في غزة الذين يشكلون 40% من مواطني السلطة الفلسطينية. غزة هي
ملتقى وتجمع لجميع الفلسطينيين من حيفا حتى آخر قرية فلسطينية تحد قطاع غزة وهجرت في العام 1948.
الأخبار التي بدأت تسرب من إجتماع الرئيس عباس بأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح مخيفة وخطيرة، وإعترافه انه الذي إتخذ قرار خصم 30% من الرواتب وان هناك قرارات إضافية ستتخذ وان على حماس أن تلغي اللجنة الإدارية التي شكلتها لإدارة غزة، وأنه سيتراجع في حال مكنت حماس حكومة الوفاق الوطني بإدارة قطاع غزة بشكل كامل، وتسليم كافة الوزارات والمعابر دفعة واحدة وأمهل حماس حتى تاريخ 25/4/2017، كي تنفذ ذلك.
وواضح ان هناك إجراءات قاسية ستتخذ قريبا بعد إسبوعين من الأن، ورد مدير عام هيئة البترول في رام الله كان واضحاً على رفض سلطة الطاقة في غزة شراء وقود محطة توليد كهرباء غزة بالسعر الذي تشتريه هيئة البترول في رام الله، حيث قال إن محطة توليد كهرباء غزة كلفت الخزينة العامة أكثر من 500 مليون دولار خلال الـ 10 سنوات السابقة، ووزارة المالية تدفع نحو 270 مليون دولار سنوياً لتزويد قطاع غزة بالكهرباء. رد مدير عام هيئة البترول جاء في ذات السياق وبنفس طريقة رئيس الوزراء رامي الحمد الله عندما قال إن الحكومة صرفت في الـ 10 سنوات الأخيرة من الخزينة على القطاع ما يقارب 17 مليار دولار.
وسنسمع ردود من مسؤولين ووزراء أخرين لمواجهة حماس في إدارة قطاع غزة وكان الرئيس والحكومة اكتشفا ان حماس سيطرة على قطاع غزة الشهر الماضي عندما أعلن عن تشكيلة الهيئة الإدارية العليا التي تدير الوزارات في القطاع مع أنها فشل حكومة التوافق الوطني في إدارة القطاع. وقبل ذلك كانت تديره من قبل وزراء برئاسة اسماعيل هنية.
السؤال الكبير المطروح في فلسطين لماذا أفاق الرئيس الأن، ولماذا هذه الجدية؟ وهل هذه متطلبات وإلتزامات مرحلة الرئيس الامريكي دونالد ترامب ما يسمى الحل السياسي القادم الذي سيدشنه ترامب ومحاولاته حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بالقوة شاهراً ساطوره، ويهدد به المنطقة العربية ومن ضمنهم الرئيس عباس الخائف من ترامب وساطوره، أم هو إلتزام وقناعة الرئيس عباس برؤية ترامب ولا يدرك خطورة هذه العملية التي ستعيد رسم وتشكيل خريطة المنطقة العربية على أساس إثني وديني طائفي وتغييب الهوية العربية لصالح هيمنة المشروع الصهيوني الإستيطاني العنصري.
الخيارات صعبة ومحيرة ونحن على إعتاب الذكرة الـ 70 للنكبة، نعيش لحظة فارقة، وبدل من أن يتسلح الرئيس بشعبه لمواجهة محاولات ترامب، يذهب عارياً إلا من قناعاته بعقاب غزة وضمها لحضن الشرعية كما يردد، وانه يستحق ان يكون شريكا لنتنياهو في العملية السلمية القادمة.
هل هذه هي خيارات الرئيس عباس؟ إجراءات عقابية؟ وهل هي هذه خيارات الشعب الفلسطيني ومكوناته؟ للخروج من المأزق الذي نعيش، وهي للأسف نفس خيارات حركة حماس وتشبثها بالشعارات التي نسمعها منذ عشر سنوات، بدء من نحن في الربع ساعة الأخيرة من الحصار، وليس إنتهاءً بإن حماس أدارت سابقا الحصار في أشد حالاته وقدرتها على تخطي الأزمات المقبلة.
المؤشرات خطيرة، والمدخل لحل أزماتنا ليست بفرض عقوبات جماعية ضد غزة، وما يجري في حالتنا والمنطقة العربية أخطر وبحاجة إلى تغليب المصلحة الوطنية وعدم التشبث بأغصان شجرة شاخت وهرمت، ولم تعد تقوى على حمل المتصارعين عليها، فشجرة الوطن أكثر شباباً وأزهاره يانعة كلها حياة.