شئٌ عن مدينتي (سنجار) ...مصطفى السنجارى
مصطفى السنجارى
العراق العظيم علم شامخ لا يحتاج إلى تعريف.. ولن أتحدث عنه.. وسأعرج بالحديث على عراق مصغر جميل .. وهو يحمل كل سمات الوطن الأم ,.سأتحدث عن مدينة كانت مثار الغزاة الطامعين أدهرا من الزمان ..وكانت مَشتى ًومصيفا ًيرتاده عشاق الراحة والإستجمام .. مدينة السهل العظيم والجبل المارد ، مدينة التين والزيتون والبلوط..مدينة الحجـــــــول الجبلية التي تملأ صباحاتنا ألقا وبهجة بقبقبتها المحببة.. مدينة الطيبة والطيبين ..الراضون من الحياة بالكفاف ويحمدون الله على ذلك ..هذه المدينة التي تجتر الغبن والإهمال في كل عصورها الحديثة ..وغالبية سكان ضواحيها يعيشون في بيوت طينية بسيطة البناء في عصر ناطحات الغيوم..رغم موقعها الجغرافي وتاريخها المشرِّف البهي..وتنتظر بصبرها المخضرم اليد الحانية التي ترفع عنها وعن اهلها غبنها الزؤام ..
سنجار : من مدن العراق الحدودية المهمة والحيوية قديما وحديثا..وهي أحد أقضية محافظة نينوى (( المـــوصل ))..وتقع إلى الغرب من المحافظة بنحو (118) كم وعلى الحدود العراقية السورية .. وتبلغ مساحتها (2928) كم مربع.وفلكيا تقع بين دائرتي عرض (3600و3637) شمالا..وخطّي طول (41,17-41,30) شـــــرقا..وتمرُّ على مركز المدينة دائرة عرض (36,22) شمالا وخطي طول (41,47) شـــرقا..
وسنجار مدينة أثرية قديمة يمتد تاريخها إلى أكثر من (6000) سـنة , وهــــي مفتاح مدينة (الموصل) , وحصنها الحصــين . وكانت تابــــــعة إلى ديار ربيعة في إقليم الجزيرة الفراتية.. وقد شُيّدت على سفح جبل يعرف بنفس الإسـم , وذكرها إبن بطوطة في رحلاته بأنها(( مدينة كبيرة كثيرة الفواكه والأشجار,
والعيون والأنهار, مبنية على سفح جبل تشبه بدمشق في كثرة أنهارها وبساتينها ومسجدها الجامع المشهور بالبركة )). .وهناك من أشار إلى وجود آثار يرجع تاريخها الى أكثر من (5000) سنة
في موقعي ( تل حوشي) و(كري رش) ..وكان لموقعـــــــــــــها الجغرافي كبير الأثر في تصارع القوى للسيطرة عليها كالفرس والرومان والتي ما زالت آثارها شاخصـة.. وهي قبلٌ قد طبّعها المجد على جبينها..
عُرفت سنجار عــند البابليين والآشوريين بلفظ (سنكارة أو سنغارة) وكانت يومذاك من أهم مــــــــــدن آشور ..كما عرفت عند المصريين بلفظ (سنكار) ..وقد أطلق عليها الأمبراطور الرومـــاني (أورليوس) إسم (أدرليا) حين قام بتجديد بنائها عام (199)م. وهناك الكثير من الروايات عن سبب تسميتها بسنجار ولا مجال لذكرها .. وشــــــهدت المدينة أوج ازدهارها على يد الأتابكة الذين تفننوا في إضفاء الطابع الإســـــلامي إلى عمرانها , وبناء المساجد والمراقد فيها ..
من أحيائها القديمة (البرج ) و (القلعة) و(السور ) و(الســــــراي) و( بربروش ) ومن أحيائها الحديثة ( الشهداء)و ( النصر) و(اليرموك) و ( القادسية).و(روشهلات) وحي (السايلو)
وفي سنجار مراقد ومزارات يرتادها أهل المدينة منها ( ســــت زينب ) و( ذاكـــــر الدين) للمسلمين..و(شرف الدين) و( أمادين ) لليزيــــــــــــــديين .. هذا ويقطن سنجار: اليزيديون والمسلمون والمسيحيون ..ويتكلم غالبية سكان المدينة ( اللغة الكورمانجية) وهي قريبة الشبه من اللغة الكوردية المتداولة في إقليم كوردستان ..
ويتمثّل جبل سنجار في وحدة المرتفعات ذات الأمتداد (الشرقي -الغربي) بطـــــول (72)كم بدءا من قرية (الكولات) وانتهاءا بالحدود العراقية السورية,وبعرض (12)كم ..وتصل أعلى قمة فيه إلى (1463)م عن مســـــــــتوى سطح البحر متمثِّلة بقمة (جلميران) المطلة على المدينة .. وتشتهر سنجار أيضا بسهولها الخصبة المــترامية الأطراف في شمال الجبل وفي جنوبه..وتستغل في زراعة القمح (الحنطة والشــــعير) معتمدين على الري الديمي( الأمطار الموسمية) التي تتساقط على المدينة في الشتاء ..وتنتشر على مساحة سهولة (الماطورات) و(الســــــــيبايات) وهي زراعة البساتين اعتمادا على المياه الجوفية ..وهي حديثة العهد الأمر الذي أدّى بالمــدينة إلى انعاش
إقتصادي , ونوعا من الإكتفاء الذاتي ..
وتشتهر المدينة بأحلى فاكهة عرفها البشر وهي (التين) الذي يؤكل طازجا أو يجفف ,وينظم على شكل قلائد بزنة (5)كغم أو أكثر .. وكذلك تشتهر بالتبغ المعروف (بتبغ كرسي) نسبة
إلى مكان زراعته فيه , ويعد (كرسي مصيفا جمــيلا يرتاده المصطافون في الصيف) و يقع في أحد أودية الجــــبل من الطرف الشـــمالي .. وكذلك تشـــــتهر سنجار بزراعة الزيتون والبلّوط والبصل والثوم ..وتربية الدواجن والمواشي ولا سيما الأغنام والماعز..ومن الجدير بالذكر أن سنجارتشتهربنوع من الطيور الجبلية وهو (الحجل) ويسمونه بالعامية (القبج) والكورمانج
يطلقون عليه (كه و) ويضرب به المثل في الصوت الشجي عند الفجــــر ..ويضرب به المثل أيضا بالخيانة , حيث أن الصيّاد يعتمده في جلب أقرانه الى الفخ((بقبقبته) , وهذا هو صوته)) الذي تم نصبه لهم..
وهناك في سنجار معملا للسمنت وهو أحد أشهر معمل في العراق وهو الثالث في المحافظة ويستوعب العديد من أبناء سنجار
والمناطق المجاورة في العمل فيه..ويمد العراق من شماله إلى جنوبه بالسمنت الفاخر .
وسأوافيكم بقصيدة عن هذه المدينة
وتحياتي لكم
يا أحبة
__________________