جلست ذات يوم منذ مطلع الفجر على حافة نهر النيل اتأمل الماضى السحيق حتى اذا طلعت الشمس أتى سرب من الطيور يحملق فوق النهر انظر اليه مستغربا من هذا التعاون المطلق فى تكوين لوحه تزين سماء النهار مثلما تزين النجوم سماء الليل اهوى بعيناى الى سطح النهر .. ارى مركب صغير ..ذات شراع كبير ..على سطح المركب رجل حامى البشرة لا استطيع تحديد ملامح وجهه بدقه لبعد المسافه وبجوارة امرأه يا فثة الوجه نحيفة الجسد تبدوا زوجته الرجل يقف فوق المركب يفك بساعديه طلاسم الشباك وبطول زراعيه يلقى بها فى النهر وتلك النحيفه الشقراء تحرك ذراعيها حركات دائريه ماسكة بقبضة يدها مجاديف المركب وتمر بطول النهر وبينما انا ناظر اليهم ياتى رجل عجوز منحنى الظهر يوشك ان يبلغ الثمانين من عمره جلس بجوارى بعد ان وضع أركته التى أتى بها وبدأ فى استخراج أدوات الصيد ليمارس عمل الرجل ذات البشرة الحاميه .. مع اختلاف ان الرجل يسعى الى جلب مقادير رزقه والشيخ العجوز يسعى الى اشباع هوايته جلس دون ان يتلفظ قط ..نظرت اليه وقد بدت على ملامح وجهى الاستغراب ..تحدثت مع نفسى قائلا ..الم يرانى ؟..الست كائن يرى بعين مجرده ؟..تركته الى حاله ...عاودت النظر الى تلك المياه الجاريه ..ارجع بذاكرتى الى الوراء ..طارة ابتسم وأخرى يصيبنى الحزن ..ابتسم عندما اتذكر مواقف سعيد ..واحزن عندما اتذكر اخرى حزينه وبينما انا كذلك اذ يأتى رجل اخر يتوسط عمرة الخمسين سنه ..القى السلام وأستأذن بالجلوس..ظننت انه صياد مثل رواد هذا المكان مستثنيا نفسى.. انتظرت ان يخرج من حقيبته ادواته هو الاخر..انتظرته كثيرا..أخيرا بدأ فى فتح الحقيبه ..اخرج منها ما خيب ظنى ..ورقة بيضاء طويله وريشه بطول نصف ذراعه يمسكها من مقدمتها.. الوان عديده ..بدأ فى خلق ابداع أخر..فى خلق لوحه فنيه جميله تضاف الى سرب الطيور ومهارة الصياد فى رمى شباكه وشرود ذهن هذا العجوز الذى يبدع هو الاخر فى رغبته على الحياه تيقنت بأن كل انسان له هدف يسعى الى تحقيقه قد تختلف الاهداف وتختلف معها طرق تحقيقها ..... الا أنا ليس لى هدف اسعى الى الوصول اليه ...غضبت من نفسى كثيرا ... هممت واقفا ثم انصرفت ..أبحث لى عن شىء ما...... ....!!!!

(تمت)