ولله في خلقه شؤون

سُئٍِل الإمام علي(ع)، هذالسؤال:كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟

فأجاب الإمام(ع): كما يرزقهم على كثرتهم.

لنتوقف عند السؤال والجواب بعض الوقت.

السؤال إلذي وجه إلى الإمام(ع)، كان من مؤمن بمطلق، له الهيمنة على مسارالكون ومافيه، وبموعدإخروي فيه حساب وجزاء، خصصه المهيمن الجبارالرحيم لخلقه، في يوم البعث والقيامة. وهذاالإيمان بالخالق المطلق ويومه الحسابي الجزائي، ينفي عن الوجود والكون صفة العبث والصدفة !! فيمانراه ونحسه في الطبيعة.

لكن السائل الذي طرح السؤال، ورغم إيمانه بالخالق وحسابه وجزائه، لم يستوعب فهمه وإدراكه، كيف سيكون الحساب والمقاضاة على الصغيرة والكبيرة في حياة كل فرد مخلوق بشري!! وهم بهذه الكثرة الكاثرة التي تفوق حد التصورالبشري، في عددها وتقلب حياتهاعلى مرالدهور والسنين، التي لايعلم أمدها وبدايتها، ولامآل نهايتها، إلا موجدها وخالقها!!!

ومحدودية تفكيرالإنسان وإدراكه، في إستيعاب مايفوق فهمه وإدراكه!! لاتعالج إلا بجواب بسيط محسوس ملموس يتماشى مع إمكانياته في الفهم والوصول للقناعة.

فجواب الإمام(ع) فيه من البلاغة والواقعية والإدراك الظرفي، مايبهرويغني!! كيف إن الرسالة، بإعتبارإئمتنا المعصومين!! هم أمناؤها ولسانهاالناطق، ورغم إستيعابها، لكل شئ يحتاجه الخلق!! تتناغم وتتوافق مع الواقع الذي يعيشه الناس، فيجيئ الجواب متطابقا مع سؤال السائل، وبالشكل الذي يحقق إستيعابه وفهمه!!!

جواب الإمام يشيرإلى أكثرمن معنى ومن جملة مايشيرله هو، إن الحساب مرتبط بالعمل مثل الرزق، فهل هناك رزق يأتي من غيرعمل؟؟ يعني من دون عناء ومشقة؟ نعم عن طريق السرقة لكنها مجازفة وقتيه! وأيضا عن طريق هدية أيضا وقتية، وأيضا بالعثور على لقى مرمية، وهي أيضا وقتية!!!

لكن الواقع العملي يقول من زرع حصد، ومن جد وجد!! هذاهوواقع الحال، وهومايغني الإنسان السوي ومايشجعه التصورالديني على ذلك، بإن العمل نوع من أنواع الجهاد والعبادة!!

ليس المؤمن وحده من يسعفه إيمانه بالتصورالذي يشبع وجدانه وقناعته في وجود قوة حكيمة مدبرةعاقلة تتصرف في شؤون الخلق وتصريف أموره!! بل كل إنسان سوي عاقل مفكر،يحاول فهم مايدورحوله من حقائق ملموسة محسوسة، سوف يصل في النهاية إلى ماوصل له ذلك المؤمن بالرسالة الخاتمة لرسالات السماء.

فعندما تثمرالشجرة، بفاكهة ذات رائحة عبقة طيبة يستسيغهاالعاقل من البشر، فينجذب إليها ليجد في طعمها مذاقا حلواطازجا، يقربه أكثرمن تلك الأثمارالطيبة المذاق والتي تشبع جوع الإنسان وتسد حاجته للطعام الضروري لعيشه. يحس هذاالمتذوق بوجدانه ومشاعره بإن هناك حكمة، من وجود ونماء تلك الثمرة الطيبة التي سدت عنده نقصامتمثلا بالجوع، وأراحت نهمه وحاجته للطعام!! وفي نفس الوقت يشعربإن وجوده الكائن المفكر، والذي تحسس وشعربذلك الجمال المتمثل، بالتناسق الشائع في الطبيعة، بحد ذاته مدعاة للطاعة والخضوع والأذعان بإن يداحكمية فنانة مقدرة، وراء كل ذلك!!!.

هكذا يترائ المشهد له، محتاج يبحث عن حاجة!! ويجد تلك الحاجة، وقد هَيئت بأجمل صورة وأزكى مذاقا، يشبع حاجته ليبعث في نفسه الطمأنينة والقناعة لتترائ له الحقيقة وجدانيا، بإن هناك قصد وغاية من كل ذلك التناسق المتوفرأمامه في ظرف عيشه.

وللموضوع بقية: