ما كاد الأخصائي الإجتماعي الأستاذ مُنجد يجلس وراء طاولة مكتبه ، حتى اقتحمت غرفته سيدة حاسرة الرأس ، رفعت بيمناها ما بدا سروال طفل غارق بالدم ، و جرَّت بيسراها طفلا في السادسة أو السابعة و هو يبكي ألما و فزعا ، بينما كانت تنوح و تصرخ بعصبية : << وحوش من مدرستكم ذبحوا ولدي ، اغتصبوه بالأمس دون رحمة ، قبيل وصوله إلى البيت قادما من مدرسته !!! >>
تم التعرف على المعتدين ،
ثم ...
رُفع الأمر إلى إدارة المدرسة ،
ثم ....
اجتمع مجلس الإدارة ، حيث دارت مداولات حامية ، بين مقترح طرد المعتدين الأربعة ، و بين مُصِّر على ضرورة تحويل الأمر إلى النيابة العامة ، و بين معترض على أي إجراء لأن الحادثة جرت خارج حدود المدرسة ،
ثم .....
أمضى الأستاذ مُنجد بقية اليوم المدرسي في تحضير تقريره ، تمهيدا لرفعه إلى إدارة الخدمة الإجتماعية ، طالبا تحويل المعتدين إلى دار الأحداث* ....
و لكن ..
منذ صباح اليوم التالي ، و أمام دهشة الأستاذ منجد ، أطل أحدهم من فتحة بابه قائلا ببرود و لكن بحسم :
- بخصوص ولدي مسعود ، ترى يا أستاذ أنا مسامح !!!
أجابه الأستاذ منجد بشيء من العصبية :
- و لكنهم كادوا يقتلونه ...
فرد والد الطفل بنفس البرود :
- لا يمكنني تجاوز الجاهة* يا أستاذ ، إنها التقاليد !!
========================
· *الجاهة : وفد من أولياء أمور المعتدين ، يرافقهم وجهاء الحي ، سعيا لحل المشكلة صلحيا .
· *دار الأحداث ، مؤسسة تجمع بين المدرسة و السجن ، يودع فيها الأحداث المنحرفين .
========================
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب