يا سارية الوقت

[عدنان كنفاني]

يا سارية الوقت.. هاتِها منكَ فقد نجد سفينة الأمان.
لم يعد في متاهات الضياع فسحةً للأمل، فأنا أغرق.. أغرق.. أغرق
وهي هناك، في مكان ما تُعذبني، وتعيش في خيالاتي، مرتويةً، بؤس الأعماق البعيدة.
كان النهر العظيم، وهو يأخذ مني حروف العمر، يرفع فوق زَبدهِ بياضي، وكانت الضفّة البعيدة، تزهو بلونٍ بنفسجيّ ذابل
رباه، هو الموت إذن.. هو الموت..!
وقبل أن ألفظ النَفَس الأخير، صحوتُ من رعب الكابوس، لأجد نفسي ما زالت هنا على الضفّة القريبة، وما زلت أمارس انتظار حبيبتي السمراء التي أعرفها، تطلّ عليّ ذات وقت مع سرب الفراشات الزاهية لتلوّن حياتي بالأمان والحب والبقاء.
هل هو حلم عايشني ذات وقت.؟ أم هي حقيقة طبَعت صورتَها على ساحة حلمي.!؟
ع.ك

[عدنان كنفاني]

عدنان كنفاني


وقَفَتْ على أطرافِ أصابع قدَميها، تَسلََّقتْ على صدري، كتَبَت بإصبَعِها النحيل على جَبيني "أحِبُكَ"، وَطوَّقتني بذراعَيها..
رباه.. لم أعدْ أدري، هل ارتفعت الأرض قيدَ أصبَعين، أم هَبطتِ السَماء نًبضَتين.؟!

[عدنان كنفاني]

صباحُكم مَراحُ حُب..
أيتها النقيّة البهيّة الجميلة.. البريئة الطاهرة، يا عبق الياسمين ونسائم الزيتون وأريج الزعتر، أيتها الحبيبة الحبيبة.. من جدائلِكِ ينثُرُ الحِنّاءُ صفاءَهُ، ومن عينيكِ تتشكّلُ عناقيد الماس..
أيتها الأنثى التي أعشقها حتى مدى روحي..
ولأنكِ أنثى، وَشَمتِ اسمكِ على جبهةِ الشمس.. كنتِ، وستبقين.. فلسطين.
ع.ك

[عدنان كنفاني]

آسرتي..!
توقّفت الرحلة، وذبلت وريقات النعناع، وجفّ حبر القلم. وسكن الزمن ثم أسكنني في فراغ موحش..
غابة ليس فيها غيري وصراخي ونزيفي.
يكاد الموت يطوي رفيف جناحيّ، وأجدني مقبلٌ على الجفاف.. فأين عطرك.؟
أسكنيني قريباً قريباًً من غابة الحور، واتركيها تنثر فوقي عطرها البريّ، كي أعشق في مرآتها أنتِ.. ونفسي.. وعينيكِ.

[عدنان كنفاني]

غريبة أنت، مثلي
قريبةٌ مثلي
متعبةٌ مثلي
حائرةٌ مثلي
أبحث عن طيرٍ في هذا الفضاء الرحيب يحطّ على فزعي، ينبئني، يحدثني.! فكم أنا وحيد في هذا العالم.!
لكنّه يغادر بلا تلويحة أمل، ويسخر من جنوني.
آه يا كبدي المكبّل بألف قيد، كلّها تلجمُ لساني، وبوحي، فإلى من أبوح.؟
ومن يسمع عني.؟
هذا الزمن العاثر ينكأ منّا الجراح، ويسخر من عذاباتنا، ويفرد فوق بؤس انتظارنا فرحاً.. وهماً، كملاءات من أرجوان لكنّها سياط جلادين.
ع.ك

[عدنان كنفاني]

صباحكم شمس وطن..
كانت تجلس هناك.. في فيء شجرة وارفة، تداعب بأصابعها النحيلة صفحة الماء الرائق، وإلى جانبها عصافير صغيرة تنام على حلم الأمان، وفراشات زاهية الألوان تنقل فرحها بين سحر الأبيض المنسول من زهيرات الياسمين، وحزن بنفسجة تطلق بوح ألوانها القرمزية.
أسرّت لي الفراشات همساً من بعض بوحها الشفيف، فأطلقتُ كل أمنياتي لترسو بين يديها.
رأيت بين عينيها وطناً فسيحاً يسع تعبي، في مسيرة بحثي عن وطني الذي غاب وراء متاهات الضباب..

[عدنان كنفاني]

قالت العرّافة: أيُّ النساء أحبُّ إليك.؟
قلت، أحبُ كلّ النساء باستثناء واحدة!
ـ وهل تكرهها.؟!
ـ لا، فهي لا تعني لي شيئاً، لكنني أشفقُ عليها من نفسها.!!