أحدهما يجلس مقابل الاخر....يحدقان في اللاشيئ.. وكأن كليهما ينتظر من الآخر...
أن يكون حافلة لكلماته...تحملها قبل أن ينطق بها....
غرفة شبه معتمة... رغم تسلل بعض الضياء خجلا وهو يداعب ببقعة صغيرة سطح الطاولة...
تلك التي بينهما...المرتمية تحت ذراعيهما المهملة....
بعد أن قلب الاول فنجانه...والثاني ...
ترك بضع قطرات من ماء في قعر كأس....
ارتفع صياح من الغرفة المجاورة..وشيئ ما وقع...
ولكن الاثنين...لم يباليا...فقد اعتدا حفلات الشجار الدائم...
عند الجيران....
مد أحدهم يده إلى جيبه... وأخرج قلما...نظر الى رفيقه...
وبحوار خال ٍمن الكلمات....
أشار له...ليضعها برفق على الطاولة.....
وهو يربت على جيبه الآخر....
نظر اليه الآخر متوجسا....هل من المفروض أن يخرجها....
هل سينتهي الامر إن وضعها هنا...؟؟؟
هز رأسه رافضا...لن يفعل....
قطب من يقابله حاجبيه.... وباشارة أكثر قسوة....
يأمره بأن يضعها على الطاولة....
لازالت نظرات الآخر خائفة...مترددة....
اخفض عينيه...الى القلم.....
وبذات الهدوء...أعاد الآخر القلم الى جيبه...
وفي عينيه علامات استسلام لضعف من يقابله....
نهض بتثاقل.... وسار حتى وصل الباب....
التفت الى رفيقه... وقال....
- سأعود غدا...لربما غيرت رأيك....
لم يجبه ذاك الرفيق...ولم يلتفت اليه حتى....
خرج ..وأغلق الباب خلفه ببطئ...مستمتعا بالازيز المنطلق منه....
وكان يبتسم بخبث....فهو يعلم....بأنه سيرضخ في وقت ما....
كان الآخر ينظر بتركيز على فنجان القهوة المقلوب....
كان آخر ما لديه من بن ...واضحى من نصيب صاحب القلم.....
شعر بغصة.....
لو أنه أخرج الورقة.... لكان الآن لديه المزيد من البن....
ولكان هناك فنجان آخر له.....
جل ما يخشاه...أن ينتهي البن...فتكون هناك ورقة أخرى...
لذات القلم.....
إذا....
لا قلم.... لا ورقة... ولا حتى فنجان قهوة....
من حكايا صندوقي العتيقة...
:
: