الشاعر العربي أبو نواس والخليفة هارون الرشيد

غضب يوما هارون الرشيد على أبي نواس فطلب إحضاره إلى ديوانه وأمر بقتله. فلما حضر ورأى الديوان مكتظا بالعلماء والأعيان وسمع بحكم الرشيد عليه بالقتل ، قال : يا أمير المؤمنين ، أذلك شهوة بقتلي ؟ قال: لا ، بل باستحقاق ، فقال أبو نواس: إن الله يحاسب ثم يعفو ، أو يعاقب ، فيم استحققت القتل ؟ قال : بقولك :
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر
ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر
قال: يا أمير المؤمنين، أعلمت انه سقاني ؟ قال : لا ولكن أظن ذلك . قال وتقتلني بالظن ، وبعض الظن إثم !! فقال: ولكنك قلت ايضا ما تستحق به القتل ، وهو قولك في التعطيل :
ما جاءنا أحد يخبر أنه
في جنة مذ مات أو قي نار
قال : أفجاءنا أحد ؟ قال: لا . قال فتقتلني على الصدق ؟!!
قال: أولست القائل :
يا أحمد المرتجي في كل نائبة
قم سيدي ننعص جبار السماوات
قال: يا أمير المؤمنين أوصار القول فعلا ؟ قال: لا اعلم .
قال وتقتلني على ما لا تعلم ؟ قال: دع عنك هذا كله فقد اعترفت في مواضع كثيرة من شعرك بما يوجب القتل ، وذلك كالزنا والفجور .
فقال ابو نواس : قد علم الله هذا من قبل علم أمير المؤمنين ،وأخبر أني أقول مالا افعل . قال الله تعالى (( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون ))

فقال الرشيد : دعوه يذهب وشأنه ، قطع الله لسانه .

******************
شاهد الرشيد أبا نواس , وفي يده زجاجة من الخمر , فسأله : ماذا في يدك يا أبا نواس

فأجاب : زجاجة لبن يأمير المؤمنين .
فقال الخليفة: هل اللبن أحمر اللون
فقال : أحمرت خجلا منك يا أمير المؤمنين .
فأعجب الخليفة من بداهته , وعفا عنه

قيل: بينما كان أمير المؤمنين هارون الرشيد في مجلسه وعن يمينه ويساره الوزراء والعظماء من أهل مملكته وأصحاب الرأي عنده.

دخل عليه حاجبه معلنا قدوم أبي نواس , فقال الخليفة : دعه ينتظر قليلا.

ثم نظر الى جاسائه وقال : هذه فرصة سانحة نضحك فيها على أبي نواس ويجب أن أستحضر لكل منكم بيضة تخبوئنها في طيات ثيابكم

حتى أذا دخل أبو نواس , يتكلم كل واحد منكم بكلام فيتكلم أحدكم كلمة أغضب عليكم عند سماعها , وأقول : يا لكم من ضعاف مثل الفراخ.

تالله أذا لم تفعلوا مثل الدجاج ويبيض كل منكم بيضة لاقطعن رقابكم .

فقالوا : سمعا وطاعة يا أمير المؤمنين.

وعندئذ طلب الخليفة الحاجب وقال له : اذهب فاستحضر ست بيضات , ولا تدع أحدا يراك , خصوصا أبو نواس , فخرج الحاجب .

وعاد منفذا أمر الخليفة وأعطى لكل من الجالسين بيضة, خبأها بين طيات ثيابه , وجلسوا ينتظرون .

ودخل أبو نواس فسلم على أمير المؤمنين سلام الخلافة , وأظهر الرشيد انتباهه الى حديث جلسائه , ونطق أحدهم بكلمة .

فغضب منها الرشيد غضبا شديدا فصاح بهم : ويحكم أيها الجبناء أنكم مثل الدجاج , ولاأجد فرقا بينكم وبينهم والله ان لم يبيض كل منكم بيضة لاقطعن رقابكم.

فأظهروا الاضطراب والخوف , وأخذوا يفعلون كما تفعل الفراخ . وبعد قليل مذ الاول منهم يده الى مؤخرته, فأخرج بيضة وقال: هاهي بيضتي ياأمير المؤمنين

وأعقبه الثاني والثالث الى السادس , وكان الخليفة يقول لكل من يقدم بيضه : قد نجوت.

ولما جاء دور أبو نواس وقف على قدميه ومشى حتى توسط الجميع , وصار أمام الخليفة وجها لوجه , ثم صار يقول: كاك , كاك, كاك . كما يفعل

الديك بين زوجاته الدجاج , ثم ضرب ابطيه على بعضهما , وصاح بأعلى صوته كما يفعل الديك تماما , وقال كوكو , كو.

فقال الخليفة: ما هذا يا أبو نواس .

فقال أبو نواس : عجبا يا أمير المؤمنين , هل رأيت دجاجا تبيض من غير ديك

هؤلاء فراخك وانا ديكهم. فضحك الخليفة حتى كاد يسقط عن كرسيه , وقال له : يالك من خبيث ماكر, تالله لولم تكن فعلت ذلك لعاقبتك ,

ثم امر له بهدية ومال معجبا بذكائه .
دخل ابو النواس على هارون الرشيد يريد ان ينشده قصيدة طامعاً في بعض المال ولكنه وجد الخليفة مشغولا بمداعبة احدى جواريه ، تسمى خالصة ، وكانت قد وضع على عنقها عقدا نفيساً ،ولم يعر الخليفة اي انتباه لما قاله ابونواس
فخرج ابونواس من عند الخليفة غاضباً صفر اليدين فتكب على باب الخليفة الاتي

لقد ضاع شعري على بابكم 0000000 كما ضاع العقد على صدر خالصة

وانصرف
فرأت الجارية الكلام المكتوب فاردت ان توقع به فاسرعت للخليفة مشتكيةً ،فغضب الخليفة وارسل لابي نواس في الحال
وعندما حضر لبيت الخليفة كان يعلم الامر وما سيجري له ، لكن فطنت وذكاء ابو نواس انقذته فعندوصل الى الباب
مسح الجزء الادنى من حرف العين في كلمت (ضاع) قبل
ان يدخل فانقلب الشعر

لقد ضاء شعري على بابكم 0000000 كما ضاء العقد على صدر خالصة

فبدل ان يعاقبه اكرمه لذكائه وفطنته

**********
قيل: إن الرّشيد خرج يوماً إلى الصيد ومعه حاشيته وكان من بين أفراد الحاشية أبو نواس.

ثم ذهب كلٌّ إلى عمله المخصّص له، وبقي في الصيوان الذي ضُرب للخليفة: خادم الخليفة، وطاهي الطعام وكان يدعى فرحات وأبو نواس، ولمّا انتصف النّهار جاع أبو نواس جوعاً شديداً فأقبل على فرحات وقال: أطعمني الآن لأنني أكاد أموت من الجوع، فقال فرحات: لا أطعم أحداً حتى يعود أمير المؤمنين، فقال أبو نواس. يجب أن تطعمني لأنّني لا أستطيع الانتظار طويلاً، فأجابه: قلت لك إنّني لا أطعمك قبل أمير المؤمنين.

فقال أبو نواس: تأكّد بأنّك إذا لم تطعمني فسيأكيدّن لكّ كيداً موجعاً، فقال فرحات إفعل ما بدا لك .. فتركه أبو نواس، وقد أضمر له الشرّ .. وكان بالقرب من الصيوان بعض الأعراب الرُّحل، فذهب إليهم وقال: ألا تشترون مني غلاماً عربياً إذا قال لكم: أنا حر، فلا تصدّقوه، وإذا كنتم ستتركونه إذا قال لكم ذلك فأخبروني، كي لا أبيعه لكم، وأبحث عن غيركم، فقالوا له: لا نصدّقه مهما قال، ونشتريه منك على عيبه بهذه الناقة، فقال أبو نواس، قبلت الثمن، بارك الله لكم فيه، ثم ساق الناقة أمامه، والقوم خلفه، حتى وصلوا إلى حيث فرحات فأشار لهم عليه، وكان واقفاً أمام المرجل يهيّء الطعام لمولاه أمير المؤمنين فقال لهم أبو نواس: ها هو امسكوه. فتقدّم الأعراب وأمسكوه وقالوا له: يجب أن ترافقنا أيّها المبارك فقد باعك لنا مولاك، فصاح بهم فرحات: ويلكم، أنا حرٌّ لا أباع، وهذا رجل منافق كذّاب، فقال له رئيسهم: ويحك يا رديء الطبع، إن هذا الذي تقوله الآن قد حذّرنا منه مولاك قبل أن نشتريك منه، هيّا معنا، وإلاّ أخذناك قسراً وضربناك بالسّياط، فأبى أن ينصاع لهم .. فجعل أحدهم الحبل في عنقه وربطوه كما تربط الماشية وجروه بعنف، وهو يصرخ ويصيح ويقول لهم: اتركوني، إنّ هذا الخبيث الذي باعني لكم كذّاب مهزار ليس له هنا أيُّ شيء، فقالوا له، ويلك أيها العبد العنيد، هيّا ... تعالَ معنا .. وصاروا يسحبونه بالقوة وهو يمتنع من الذَّهاب معهم أشدّ الامتناع، وبينما هم كذلك، إذا بأمير المؤمنين مقبل من الصيد، فلمّا سمع الضجّة سأل عن الخبر، فأخبروه أن أبا نواس باع فرحات لبعض الأعراب، فضحك حتى كاد يسقط عن جواده، وقال: لا بارك الله في أبي نواس.

ثمّ تقدم من الأعراب وقال لهم: اتركوا هذا الغلام وخذوا ناقتكم وفوقها ألف درهم .. إنّه حرٌّ لا يباع، وكلُّنا نشهد بذلك، فأخذ الأعراب الناقة والدراهم وانصرفوا، وفكَّ رباط فرحات وأبو نواس واقف يضحك منه، ولمّا عاد الخليفة إلى بغداد من رحلته، سأل أبا نواس عمّا حمله على أن يفعل بفرحات هذا الفعل، فقال: الجوع يا أمير المؤمنين، لقد أقسمت أن أنتقم منه لأنه لم يطعمني، فبالله سلْهُ هل اغتاظ أم لا؟، فقال الرشيد: وإذا كان غير مغتاظٍ منك فماذا أنت صانع؟ فأجاب: أصنع معه أ:ثر ممّا صنعت، وأقسم برأس أمير المؤمنين على ذلك، ولا أحنث بهذا القسم أبداً، فقال فرحات: عفواً يا أمير المؤمنين، احمني منه، إنه يقول ويفعل، فضحك الخليفة منهما وأمر لكلّ واحدٍ منهما بجائزة
.


************
لملمات