قراءة تفاعل عناصر النص


النص من أوله لآخره يسير على إيقاع ما، وتتفاعل عناصر قراءته للبحث عن العلاقات بين تلك العناصر، فمثلا "المضمون مع التصوير"، فالصورة لا ينبغي أن تأتي اعتباطاً أو لمجرد التلاعب اللفظي أو حتى الصورة لمجرد الصورة، وإنما الصورة في ضوء المضمون، وكلاهما يفك شفرة الآخر ومثلا جمع السرد مع الوزن والرسالة لأن الرسالة لن تصل إلا بالشكل الذي تم اختياره للتعبير من خلاله والشكل هنا لابد فيه من استخدام السرد للأحداث (قص)، وكذلك الإيقاع (وزن شعري)، ويتفاعل كلا من القص والشعر لتوصيل الرسالة المرجوة دون غلبة أحدهما على الآخر، ويقاس مدى نجاح النص من عدمه في تفاعل هذه العناصر وغيرها للوقوف على مدى العلاقات والمؤثرات والمثيرات وقد يأتى سؤال " لماذا اتجه الشعراء إلى النثر وحاول الناثرون وزن ما يكتبون وهو من وجهة نظري لم يعد ظاهرة، وكذلك فإن الناثر لا يمكن أن ينساب له الإيقاع مهما حاول ، إلا إذا كان شاعراً في الأصل، مثل شاعر العامية أوالنبطية عندما يكتب بالفصحى، ومن جهة أخرى، فالطبيعة البيولوجية والفسيولوجية للإنسان تتفق والتناغم والإيقاعات، وقد مرت ظروف ومتغيرات أدت إلى اختفاء كثير من القيم وتغيرت حتى عملية التذوق الأدبي والفني، ومع الصراعات ومع كثير من التصادمات حضارياً وعقائديا وتسييس أمور كثيرة، بل وتغيير الخريطة، وأسباب القوة والانهيار وغيرها.. كل ذلك كان من عوامل التغيير ، ومحاولات التطوير والتمرد على ماهو مألوف، ولو بالهروب إلى الخلف ومثلاً بدأت العودة إلى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم و... وزمن الفن الجميل حتى المطربين أدركوا أن الأغنية الشبابية لا تنجح في فرض أسمائهم على الساحة الفنية، ولو نلاحظ أن الناجحين منهم بدأ يغني قصائد فصحى مثل كاظم وأصالة وماجدة الرومي وسمية القيصر والكثير، حتى روبي ونانسي وهيفاء ، وغيرهم وأخذوا يرددون أغاني من تمردوا عليهم يوماً، ولو على سبيل التغيير وعموماً كنا نعيش فترة الخلط بين الأشياء وعدم الالتزام بالتخصصات مثل لاعب الكرة ، فالمهاجم يخرج الكرة من على خط مرماه لينقذ فريقه من الهزيمة وفي ذات الوقت نجد أن الدفاع تقدم ليحرز هدفاً في مرمى الخصم ولو عُدنا للخلف ومنذ سنين كنا نقرأ عن العالم "فلان" وهو نفسه الطبيب والشاعر والمهندس والرحالة وعالم الفلك والرسام، وهو العسكري ورجل الدين، وما إلى ذلك.. كلها تخصصات ويجمعها وينجح فيها، وهذا أعتقد كان سر النجاح لأن العلوم تكمل بعضها وتتداخل العاطفة مع العقل مع التصور الذهني وسعة الإدراك، فالعلوم تكمل بعضها وتتداخل العاطفة مع العقل والإدراك وسعة التصور الذهني لينطلق الإبداع في كل المجالات، ولاسيما إذا كان المبدع يلتزم بضرورة البحث والتعلم والتفكير ولا يفرط في أمانة الكلمة ورسالة الموهبة ويقدر مسئولية إتقان ما يقوم به في ظل منافسة شريفة وفرصة للتجريب بدون تعدي حدود، بل وبكل حرية.