قيلولة في ظل مرآة
هلتْ تحاصرُه بالملحِ أدمعُه=فأيُّ بُشرى من الأحزانِ تنزعه؟
وأيُّ قابلةٍ تُعمي أناملَها=عن حَبلِهِ الأُسَرِيِّ حينَ تقطعُه؟
وأيُّ أغنيةٍ تَعبى، وفي يدها=قيثارةٌ (يا هدى) نامتْ، تُشَيِّعُهُ؟
وقد تبنَّاه جرحٌ بعدما التحقت=بالقبرِ مما ترى بالصدر مرضعُه
طوى على غاربِ الصَّحراءِ وِجْهَتَهُ=وعقدةُ التِّيْهِ للنيرانِ تَدْفَعُهُ
هناك ذئب وإخوان يُؤاكلُهم=حقد يدغدغ منهم ما سيشبعه
للبئر أدلى بآمال معطلة=وحلمُهُ في قميصِ الغيمِ مَرتعُه
جنَّتْ يداه لعنقودٍ يُراوده=مكرٌ وراحت يد الناطور تخدعه
لم يُجْهِدِ الليلَ منذ اجتاحه قلقٌ=وَصَاحَبَ السهد والأفلاكَ، مضجعُه
ما كان يدرك ما يخفي الزمان له،=أيضا ولا غده بالصبحِ يفجعه
حتى أتته جروح لا قصاص لها=والعرف يمسكه والظلم يصرعهُ.
**********=***********
داء تمدد حتى حال بينهما=وجاس في عصمة القلبين مبضعه
كأنما الحزن مخلوق لأجلهما=كل له وجهة باليأس يذرعه
تدحرج الوعد في عينيهِ وانتفضت=تُزيِلُ ما قبضتْ كفَّاهُ أدمُعُهُ
في روحه نغمة تبتاع أغنيةً=من أجلها شعرَهُ والقلبَ يدفعُه
يعيش في عزلة ترخي على يده=ما يَعجزُ الوصفُ للتقريبِ يُخْضِعُه
يخفي عن الفجر كراسا ومحبرة=وحلمه في جيوب النور يُوْدِعُهُ
من وشوشات الندى أغفى وفي دمه=نجم يَسيلُ على كفيه مَخْدَعُه
لم ينتصر لغد بالصبح آيته=في ركن بيت مصونِ البابِ تزرعه
قيلولة الحزن في عيني قصيدته=عنها الكرى خلعت حلما ترقعه
فقام يعدو إلى مرآته فإذا=سرب المرايا مع الأشباح يتبعه
تعبى مواويله نامت يهدهدها=لحنٌ على وتر الشكوى تُوزِّعُهُ
فكيف يخفي دخان الصبر عن لغة=وجمرة الصمت بالآفاق تودعه؟
قد كان يقرأ في عيني حبيبته=نخلاً تساقطَ والقديس يجمعه
وفي حقيبته فجر يعيد هدى=للقلب، من ملتقى الروحين مَطْلَعُهٌ
************=*************
أنساه في الوطن الجاري مشاربَه=ملحٌ ولم يكترث بالطعمِ منبعُهُ
وقد تسعَّرت الأوجاع حين أتى=زحفا على آهة بالكاد تسمعه
خد الوشاية أغرى بالتي ابتسمت=للعيد فارتاح للتهليل مسمعه
غابت عن الفجر أقدام وأجنحة=وطفلة من رماد الحلمِ تجمعه
والدرب غابت وراء النور حافية=تجري لعل الخطى البيضاء ترجعه
ويحَ العدالة ميزانا تحطمه=أصابع الرِّجس والشيطانُ يرفعه
ويلَ البراءة قد أودى بدميتها=وحشٌ له القتلُ غاباتٌ تشرِّعُهُ.
بات العفاف يتيما لا أباه يرى=أمَّا، هديلَ الحنان الغض ترضعه
أو جَدَّةً بالأماسي تنحني لفم=طفلٍ تناغيه بالنجوى وتسمعه
تداخلت في مصير الماء أتربة=والطين، كي يغسل الأدران، يقنعه
صرعى بنات القوافي والقصيد مشى=في نعشه نحو قبر الشعر مصرعه
تيار حزني خيام الصبر يجعلها=بِيْداً وليس هشيمُ القلبِ يقمعه
ضيَّعتُ بين ربا تطوان لي قمرا=وقد حلمتُ بأني لا أضيِّعُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكويت :11/4/2010
.