من سرّب وثائق العار؟
!د. فايز أبو شمالة
من سرّب وثائق العار إلى فضائية الجزيرة، ولماذا يتم نشرها في هذا الوقت؟ وتعالوا لنشكل لجنة أبحاث مهنية لتدرس هذه الوثائق، وتدرس مدى مهنية الجزيرة! ولماذا لم تتصل الجزيرة بالسلطة وتخبرها عن هذه الوثائق؟ وأسئلة من هذا القبيل تحير رموز السلطة الفلسطينية، ويوجهون الرأي العام الفلسطيني للتفتيش عن جواب لها، دون الالتفات إلى مضمون الوثائق، ومدى خطورة ما جاء فيها على صلب الصراع العربي الإسرائيلي!.عندما يصير هم بعض الفلسطينيين هو الدفاع عن القيادة السياسية، وتبرئتها من الهزائم، دون الانتباه لقضية فلسطين، وما لحق فيها من نكبات على يد القيادة، تكون هذه القيادة قد فقدت الصلاحية، واستوجب محاسبتها وفق القانون الفلسطيني، ومساءلتها عن تاريخها الذي أوصل قضيتنا إلى هذه الهاوية، حتى صار شغل القيادة السياسية هو كيفية توفير الرواتب آخر الشهر لعشرات آلاف الموظفين الذي تم حشر مصيرهم، ومستقبل أسرهم المعيشي بشكل متعمد في ملف المفاوضات، أو بالصمت على تجميد المفاوضات. لقد صار هم القيادة السياسية الفلسطينية هو الإيحاء للمواطن الفلسطيني أن قيادته تنتصر، وأن المستهدف في الصراع مع إسرائيل هو القيادة الفلسطينية بزعامة محمود عباس، وليست الأرض التي يقضمها الإسرائيليين تحت سمع وبصر القيادة التي أعجزت بحنكتها إسرائيل، وراحت بذكاء رجالها تحقق الانتصارات في الحلبة الدولية، رغم أنها توفر الأجواء الميدانية المناسبة لإسرائيل لاستكمال سيطرتها على الأرض.فضائية الجزيرة نشرت وثائق العار التي فضحت المفاوضات السرية، ولكن المواطن الفلسطيني الذي يعيش على أرض فلسطين، يدرك أن الوثائق جاءت لاحقه لما تمارسه السلطة على الأرض عملياً، وهو أبلغ مما جاء في الوثائق، ولاسيما أن جرائم قطع رواتب الموظفين، واعتقال المقاومين، ومنع مدن الضفة الغربية من التضامن مع أهالي القدس في صراعهم ضد الغاصبين المستوطنين، وضد هدم البيوت الذي يتم في القدس تحت سمع وبصر القيادة؛ التي تمنع الفلسطيني في مدن الضفة الغربية من القيام بأي ردة فعل مقاوم ضد المستوطنين.إن ما هو اخطر من وثائق العار هو قيام السلطة الفلسطينية بتدمير الترابط الوجداني والنفسي والسياسي القائم بين أطراف الوطن الواحد، فصارت قضية غزة تهم سكان غزة، وصارت القدس تهم فقط سكان القدس، وصارت قضيه لاجئي لبنان شأن فلسطيني لبنان، كل هذه الحقائق القائمة على الأرض هي تفريط عملي بالقدس واللاجئين وتسليم ببقاء المستوطنين، وتفريط بمصير الفلسطينيين قبل أن يوثق ذلك بوثائق عار تنشرها الجزيرة.ومع ذلك؛ فإن أقبح صوت قيادي فلسطيني قد جاء ليقول: يا ليت الإسرائيليين يرضون بهذه التنازلات، إنهم يطالبوننا بالمزيد من الاستحقاقات، ومع ذلك فإن القيادة الفلسطينية لن تتخلى عن طاولة المفاوضات.