Eiad Charbaji
عدت قبل قليل من مطار واشنطن تاركاً خلفي الآلاف من الأمريكيين الذين ألهبوا صالات المطار بأجمل أشكال التظاهر والحراك المدني الراقي ضد قرار ترامب العنصري
بعد يومين من الخوف والقلق الذي تسرّب إلى قلوبنا، وأشعرنا بأننا غرباء لأول مرة في هذه البلاد، أعاد لي ما شاهدته اليوم ثقتي بهذا البلد وشعبه العظيم
الآلاف من الأمريكيين الذين تخلو عن سهرة السبت الأساسية في أجندتهم الاسبوعية، ويوم راحتهم من عناء أسبوع من العمل الشاق، فتجمعوا في صالات المطار منذ الظهيرة مع عائلاتهم، وهم يحملون عبارات الترحيب بالمسلمين، باللغة الانكليزية والعربية، بكلمات لا يفهمون معناها ترجموها من غوغل فخرجت مفعمة بالأحاسيس رغم ركاكتها اللغوية
لا يمكن وصف ما عشته خلال هذه الساعات من سموّ انساني، أناس يهتفون، آخرون يغنون، أو يوزعون الورود، أو يوزعون البيتزا مجاناً على المتواجدين المرابطين في المطار منذ ساعات الظهيرة، وكلما خرجت امرأة محجبة من الاحتجاز ( بعد صدور قرار إحدى المحاكم الفيدرالية ) عاملوها كمفرج عنها من سجن ظالم، وتجمعوا ليحضنوها ويعطونها الورود ويرحبون بها ، كل ذلك بحماية ورعاية الشرطة التي تتبسّم للجميع
من كل هذه التفاصيل هناك مشهد خاص جعلني لا أستطيع السيطرة على دموعي، وأفخر بالانسانية وعظمتها عندما تكون صادقة ونبيلة
مجموعة من المحامين الشبّان المتطوعين وقفوا معاً وهم يضعون أيديهم على صدورهم، وأقسموا " نقسم أن نحمي دستور الولايات المتحدة، نقسم أن نقف مع كل من يتعرض للاضطهاد، نقسم أن لا نتخلى عنهم، نقسم أن يكون عملنا هذا مجانياً وصادقاً " ثم بدؤوا يصرخون على أهالي المحتجزين أو المبعدين لكي يأتوا لهم ويستلموا قضاياهم ويرافعو عنهم بالمجان
إلى جانب هؤلاء وقف مجموعة من المتطوعين الآخرين يحملون هواتف يفتحون فيها خطوطاً مع مترجمين للعربية، ووضعوا سبيكر على سماعة الهاتف ليخرج صوت المترجم من خلفه "يا اخوان من له قريب محتجز في المطار أو تم اعادته من حيث أتى، المحامون هنا بانتظاركم لاستلام قضاياكم وسأقوم أنا بالترجمة لكم إذا كنتم لا تعرفون الانكليزية"
أنا سوري وسأبقى سورياً، قلبي وروحي وذكرياتي معلقة هناك، لكنني أحب أمريكا وأعشق أهلها، أحب أمريكا كوطن حقيقي اخترته ليس بحكم الصدفة إنما بقرار شخصي، وسأقاوم ترامب وألف ترامب إذا أراد نزعي من هذا المكان، سأفعل ذلك استجابة للافتة مميزة حملتها أمرأة ثمانينية شقراء محنية الظهر
كتبت عليها(Resist) قاوم
اياد شربجي