خياركم في أوسلو خياركم في القاهرة
عبد الستار قاسم
18/أيلول/2014
لم يكن مفاجئا أن يتزعن الوفد الفلسطيني إلى القاهرة لمناقشة وقف إطلاق النار أهل أوسلو. وقد كان واضحا منذ البدء أن كل قوى المعارضة الفلسطينية لأوسلو تساوقت بشكل أو بآخر مع أوسلو. منهم من كان يطلب وظائف لجماعته في سلطة أوسلو، ومنهم من كان يعقد الاجتماعات مع فريق أوسلو مبررا بأن الاجتماعات خاصة بمنظمة التحرير وليس فقط للسلطة الفلسطينية. ومن قوى المعارضة من يحصل على راتب شهري لتغطية تكاليف المكتب ونثريات الوجاهة المسلحة، ولا يستطيع أن يستمر في الحياة بدون أموال يحصل عليها من السلطة.
المعنى أن المبدأ كان يغيب دائما أمام المصالح، بل تدوسه الأقدام. ونحن بالتأكيد لدينا مشكلة تربوية وحقيقية في الاستهانة بالمبادئ والتغاضي عنها عندما تتطلب المصلحة ذلك. وهذا ينطبق على المنظومة القيمية التي تتعرض باستمرار للتجاهل بسبب المصالح، وإذا كانت المصلحة تعلو على المبدأ فإن المجتمع ليس بخير ولا يستطيع أن يحرز تقدما في مختلف مجالات الحياة، وفي مثل حالنا، لا يتمكن من مواجهة الاحتلال.
ولهذا لم يكن غريبا أن تلجأ المقاومة إلى أهل أوسلو لتدبير وقف لإطلاق النار، فأهل أوسلو لديهم شأن لدى إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية عدة، وما بإمكانهم فعله على الساحة الديبلوماسية لا تستطيع قوى التحرير الفلسطينية أن تفعله. انحسر المقاتلون والمقاومون والمنظرون والداعمون للمقاومة ليرفعوا رايات الاطمئنان للذين يلاحقونهم وهذا عمل ينسجم تماما مع غزل قوى المعارضة المستمر مع قوى الموالاة لأوسلو.
التاريخ الفلسطيني لا ينقصه أمثلة على تجاوز المبادئ لصالح المصالح. فمثلا يتناقض اتفاق أوسلو مع الميثاق الوطني الفلسطيني ولم نجد حرجا في الدوس على الميثاق. وهناك قانون مخفي اسمه القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولا نجد حرجا في تجاهله تماما لأن مصالح المتنفذين تتناقض معه.
أما على صعيد الأخيار، فكان واضحا أن الذين باعوا أراضي للصهيونية وتعاونوا مع الانتداب البريطاني قد لقوا حظوة لدى النظام الأردني والأنظمة العربية، وعندما صعدت منزلة التحرير لقي هؤلاء منها ذات الحظوة، وأولادهم يلاقون ذات الحظوة الآن. خيارنا في عهد الانتداب البريطاني بقوا خيارنا في عهد الأردن وعهد منظمة التحرير. والآن في عهد السلطة ما زال المنحدرون من أصلابهم أصحاب حظوة، وهم خيارنا ليس فقط لدى السلطة وإنما لدى المقاومة الفلسطينية أيضا.