منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. #1

    رحيل شاعر الأطفال/سليمان العيسى

    محمد حبشسليمان العيسى ....
    كم تذكرنا أغانيه أننا نسيج واحد....
    أنشد للأطفال من لواء اسكندرون ... وغناه الأطفال سبعين عاماً .... ناداهم البرق فاختاروه وانهمروا ... عند الشهيد تلاقى الله والبشر.... رحل إلى عالم الصفاء والسلام....د.محمد حبش




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  2. #2
    سليمان العيسى في ذمة الله
    بعد عمر مديد قضاه الشاعر الكبير سليمان العيسى في الشعر والتربية ، والنفي من لواء اسكندروت إلى حلب إلى دمشق ، لكن الضغوط لم تنل من كبريائه فعاش شامخ الرأس، وعندما حاولوا أن يتحول عن قيمه ليمدح الشخصيات رفضوخصص شعره فقط للوطن والعروبة وأدب الأطفال ، فذهب إلى اليمن وعاش فترة مع زوجته( د. ملكة أبيض ) المدرسة في الجامعة ... حاولوا إهماله كما فعلوا من الشاعر الكبير بدوي الجبل لكن العيسى ظل أقوى منهم ..... إلى رحمة الله أيها الشاعر الكبير




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    الشاعر رمزت عليا
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  3. #3
    لا يكاد يمر اجتماع فيه ذكرى من الطفولة إلا و تكون إحدى كلمات سليمان العيسى حاضرة

    رحمك الله أيها الكاتب المبدع
    سليمان العيسى في ذمة الله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  4. #4
    مثقفة فلسطينية خريجة لغة انكليزية
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,213

    يوميات الشارع السوري Diary of the Syrian street
    Community · 25,142 likes



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    الشاعر الكبير سليمان العيسى في ذمة الله....
    رحمه الله وبارك في روحه كما باركت أشعاره طفولتنا الزاهية


    محمد بلالغيب الموت الشاعر العربي السوري الكبير سليمان العيسى الذي وافته المنية صباح اليوم بدمشق عن عمر ناهز 92 عاما.
    عرفناه صغاراً و تربينا على قصائده كباراً
    فمن: ارسم ماما ارسم بابا
    بالألوان ارسم علمي
    فوق القمم انا فنان
    ... إلى :
    فلسطين داري
    ودرب انتظاري
    إلى:
    أنا في هدرة الحناجر أنساب هتافاً............
    و من قصائده التي حفظتها في الابتدائي:
    لعبتي مها **** قلبي يحبها

    سمراء لعبتي **** تفهم همستي

    ألبستها الحرير **** فاوشكت تطير

    بثوبها الجميل **** وخصرها النحيل
    و فصيدة:
    عصفور طـلال شـلاّل جمـال
    رحمك الله أيها الشاعر الكبير





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    من ذكريات التلفزيون السوريأرسم ماما
    أرسم بابا
    بالألوان
    أرسم علمي
    فوق القمم
    ... أنا فنان
    أكتب شعراً
    بالألوان
    أحيا حراً
    أنا فنان

    سليمان العيسى ... رحمة الله عليك



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    والغيمة شقراء الهدب ... والريح أناشيد ، والنهر تجاعيد ... الفصل خريف ... فعلاً الفصل خريف وخريف طويل ، رحمه الله جعل في ذلك الخريف جمالاً يليق بأحلام الأطفال!
    ورقات تطفر في الدرب ........ طفرت وطفرنا



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    أهم أعمال الشاعر

    1ـ باقة نثر، دار طلاس، دمشق، 1983.
    ... 2ـ الأعمال الشعرية (في أربعة أجزاء)، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، الطبعة الأولى، 1995.
    3ـ على طريق العمر: معالم سيرة ذاتية، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1996.
    4ـ الثمالات (بأجزائها الثلاثة)، وزارة الثقافة، صنعاء، 2001.
    5ـ الديوان الضاحك: وزارة الثقافة، صنعاء، 2005.

    مجموعات شعرية مستقلة:

    1- المرأة في شعري، أبو ظبي، المجمع الثقافي، 1980.
    2- موجز ديوان المتنبي، دار طلاس، دمشق 1980.
    3- حب وبطولة (مختارات)، دار طلاس، دمشق، 1980.
    4- ديوان الجزائر، الجزائر، 1995.
    5 ـ ديوان فلسطين، دمشق، دار فلسطين، 1996.
    6 ـ ديوان اليمن، صنعاء، الهيئة العامة للكتاب، 1999.
    7 ـ ديوان عدن، جامعة عدن، 2004.
    8 ـ ديوان لبنان، وزارة الثقافة، دمشق 2006.
    9 ـ أنا وحلب، وزارة الثقافة، دمشق، 2006.
    10 ـ أنا وساحلنا العربي السوري، وزارة الثقافة، دمشق، 2006.
    11 ـ ديوان العراق، وزارة الثقافة، صنعاء، 2007.
    12 ـ كتاب اللواء، وزارة الثقافة، صنعاء، 2007.
    13 ـ أنا ومصر العربية.
    14 ـ أنا وجزيرتنا نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8
    أنا لله وانا اليه راجعون
    هذا العملاق بقلب طفل وعين طفل يرى الطفوله والحياة من عين بسمه صغيره مساحة برائتها تتسع السماء
    العملاق والجنه ووسادة القطن الأبيض لم يكن خريف في يوم ما كلنا مقصرين بحقكم وكل العالم مقصر عندما يركن شاعرا كسليمان عيسى وهو الذي ركب القطار الأخضر
    وحمل معه أطفال العرب وحملنا معه شاعرا وأديبا وفيلسوف سفر للطفوله ليتنا نخلدك كم خلد العالم من عملوا نصف وأقل ماعملتم
    الى جنان الله ورحمته انا لله وأنا أليه راجعون ...الفاتحه
    موسوعة شعر وحب

    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

  9. #9
    مضامين شعر الأطفال عند سليمان العيسى

    محَمد عَزام

    الشاعر سليمان العيسى عالم شعري واسع. ومن الصعب الإحاطة بعالمه من جمع أطرافه. ذلك أنه ينظم الشعر، وما يزال، منذ ستين عاماً. وليس الشعر وحده أسلوبه التعبيري. وإنما أيضاً المسرح الشعري، وشعر الأطفال. وقد أثرت البحث في شعر الأطفال لديه، لكون هذا الباب جديداً في الأدب العربي الحديث.

    ولأن الشاعر سليمان العيسى قد خصص له مرحلته الشعرية الثانية منذ حزيران 1967.

    وقد اقتصرت، في القسم الأول من المقالة، على مضامين شعر الأطفال عند سليمان العيسى، فجعلتها في أربعة فصول هي: القيم القومية الوطنية، والقيم الاجتماعية، وقيم الطبيعة، والقيم الترويحية. بعد مقدمة عن أدب الأطفال في أدبنا القديم والحديث.

    1ـ القيم القومية والوطنية في شعر الأطفال عند سليمان العيسى

    الشاعر سليمان العيسى شاعر ملتزم، بمبادئه القومية والوطنية في مرحلتيه: شعر الكبار، وشعر الأطفال. وهذه المبادئ القومية تنبع من ايديولوجيا حزب البعث العربي الاشتراكي، وتنسجم مع أهداف التربية في القطر العربي السوري. فهو يقول :"أقاتل بالشعر منذ كتبت أول قصيدة لي تحت شجرة التوت التي تظلل باحة بيتنا في قريتي الصغيرة ( النعيرية) في لواء "الاسكندرونة" .

    ويؤكد النقاد والباحثون هذه الحقيقة، يقول د. حسام الخطيب:"سليمان العيسى ظاهرة قومية شعورية شعرية، امتدت على مدى العقود الأربعة الماضية من حياة الأمة العربية، وتفاعلت ومازالت تتفاعل مع تطورات مصير هذه الأمة التي كتبه لها عصرها، أو بنوها، أو أعداؤها، أو قوة عليا خارقة من يدري؟ ـ أن تنتقل منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل من مأساة إلى مأساة، ومن نكسة إلى نكسة" .

    والواقع أن القضية القومية، والوحدة العربية، والبناء الوطني، والثورة، هي المحاور الأساسية في هم الشاعر الكبير، وهي تكرر لديه وتتجسد عبر لوحات عديدة، وأساليب متنوعة: البعث، والعروبة، والوحدة، وفلسطين، والفداء العربي، والارتباط بالأرض.

    والبعث العربي يعني إحياء الأمجاد العربية التليدة، ووضعها نموذجاً يقتدى، أمام الأجيال، لتقتبس منها المواعظ والعبر، ولتترسم نهجها. وهذا ـ بالطبع ـ لا يعني الانغلاق على العالم المعاصر. فالأصالة المعاصرة هما طريق الحياة الحقة التي تستمد من الجذور والفروع، فهو يقول في نشيد (الحصان العربي) :

    قادم من ألف جيل

    من رفاقي المستحيلْ

    والصحارى والنخيل

    لا تسلني من أنا ؟

    ملك الحسن أنا

    الأصيلُ ابن الأصيلْ

    الحصان العربي


    من هنا ركز الشاعر سليمان العيسى على الأجيال الجديدة، وخاصة الطليعة التي إذا ما أعدت الإعداد اللازم، فإن بإمكانها أن تصنع الغد المأمول:

    للبعث يا طلائعْ

    للنصر يا طلائعْ

    أقدامنا حقول

    طريقنا مصانع

    وتلمعُ الراياتُ

    في مواكب الطلائع

    يا رايةَ الحرية

    يا شعلة القضيةْ

    تموجي على ذرا

    السهول والجبالْ

    البعث، نحن البعث

    نحن الدربُ، والنضال


    والوحدة العربية هي الحلم الضخم الذي عاش الشاعر من أجله، وما يزال. إنها تعني لديه: " أن تكون لي دولة عربية كبرى، قادرة على أن تحمي أطفالي، فلا يقتلعهم من يشاء، ساعة يشاء، من بيوتهم، من ظل شجرة التوت التي يلعبون تحتها، ويكتبون أولى قصائدهم تحتها، ويلقي بهم إلى أي مصير أسود يتلقفهم في الطريق. لا أنا ، ولا أهلي ، ولا دولة صغيرة كسورية العربية الطليعة، قادرة على أن تحمي أطفالي ـ أعني أطفال العرب ـ من هذا المصير. القادرة وحدها على ذلك هي الدولة العربية الكبرى. تلك هي قصيدتي التي أحلم بها. وأنها لملحمة هائلة، ما أنا ـ بالغاً ما بلغت ـ إلا قطرة ماء في محيطها العظيم".

    ولقد غنى الشاعر، حياته لهذا الأمل الضخم وكثيراً ما وضع هذا الحلم على ألسنة الأطفال، وفي ضمائرهم. إنه يقول في (نشيد الوحدة):.

    طيروا في أرض العرب

    لا تعترفوا بالأسوارْ

    رباني أمي وأبي

    للحرية، والإصرارْ

    طرْنا مثل العصفورةْ

    نحن ملايين الأولادْ

    حررنا الأرض المقهورةْ

    وحدنا وطن الأجدادْ

    وينطلق الشاعر في تصوير جمال الأرض العربية، وخيراتها، وعطائها. ثم يطلب من السواعد أن تتكاتف جميعاً من أجل صنع وحدة العرب:

    ترابنا ذهبْ

    وعزمنا لهبْ

    نبني به البلاد

    نواصل الجهاد

    لوحدة العرب

    لأمة العرب

    تساندي تساندي

    يا وحدة السواعد

    غلالنا الخضراء

    والخيرُ والعطاء

    لابد أن يكون للجميع


    ثم يلجأ الشاعر إلى تبسيط هذه القضية المحورية في حياة العرب، فيخاطب الأطفال بمفردات وصور قريبة من قلوبهم:

    داري داري

    أرض العرب

    زار قطاري

    وطن العرب

    من تطوان

    إلى بغداد

    سار قطاري

    يا أولاد

    يحمل أطفالا

    وبشائرْ

    في أرجاء الوطن الساحر


    و يراوح الشاعر، في التعبير عن هذه القضية الهامة، بين أساليب شعرية عديدة: القصيدة، والنشيد، والمسرحية الشعرية. ففي المسرحية الشعرية ( القطار الأخضر) يشيد الشاعر سليمان العيسى بحلم الوحدة العربية، والوطن العربي الواحد، الذي عاش فيه الأجداد والآباء، وقاتل من أجله المقاتلون، وسقط من أجله الشهداء. وينطلق (القطار الأخضر)، قطار الأطفال المحمل بالهدايا، ليجوب أقطار الوطن العربي:

    املأ عرباتك يا أخضرْ

    بهدايا الأعياد

    بأغاني الأولاد

    وستنتقل للوطن الأكبر

    ميلاد الميلاد

    أنشودتنا الخضراءْ

    تتردد في البيداء

    وتشد ملايين الأيدي

    تتلاقى أنهارُ الأيدي


    ويمر القطار بسورية، ولبنان، وحين يصل حدود فلسطين يردد الأطفال:

    اللصوص اخترقوا عش اليمامْ

    زرعوا بالنار بستان السلام

    غارة كانت وتمضي

    وسأبقى فوق أرضي

    ثم يتابع القطار الأخضر رحلته إلى دول الخليج، واليمن، وعدن، ومصر، وليبيا. والمغرب. وتتنوع الأحداث، ضمن الوحدة، فمرة يتلقى القطار الأخضر برقية من أطفال القدس العربية، وثانية يرسل نزارُ، قائد القطار، بطاقة إلى والده في بغداد، وثالثة يتجمهر الأطفال أمام قبر الرسوم في المدينة المنورة، وهم ينشدون:

    يا قائد ثورتنا الكبرى

    يا شعلتنا الخضراءْ

    افتح للأطفال الصدرا

    جئنا أمواج رجاء

    ويتلقى قطار الأطفال برقيات من أطفال الصومال، وارتيريا، وأطفال اليهود الفقراء في فلسطين المحتلة! يشرحون فيها وضعهم، ويعتبون على القطار أنه لم يمر بهم.

    وفي المسرحية الشعرية ( المستقبل ) يرسم الشاعر سليمان العيسى صورة بديعة للمستقبل الوحدوي المشرق. وهو يجعل (ا لأطفال يحملون الراية) في المسرحية الشعرية للأطفال، حيث يتجمعون على المسرح، بنين وبنات، وهم يرفعون أمامهم راية الاتحاد، يتوسطها صقر قريش، وينشدون ككتيبة من الجنود:

    بالحب صبغناها

    بالمجد رفعناها

    ببطولات كأساطير التاريخ نسجناها

    يا رايتنا الشماء

    يا أغنية الشهداء

    سيظل جناحك خفاقا

    بالعزة تياها

    بيديك كتاب المجد

    إروي بعض الصفحاتْ

    يا من خفقت في السندْ

    وعلى بحر الظلمات


    ثم تظهر على المسرح فتاة ترتدي علم الوحدة العربية، وترتفع إلى جانبها راية عالية يحملها ولد قوي. ويرتفع صوت الراية:

    الراية : يا صغاري، أنا شمس الخالدين

    لا تموت الشمس

    الجميع: لا تموت الشمس

    الراية: ابدا فوق زنود الصامدين

    سوف تبقى الشمس

    الجميع: سوف تبقى الشمس

    ثم يظهر التاريخ، فيطلب إليهم أن يرفعوا هذه الراية في الأعالي، وفوق أسوار الحدود الزائفات. ويطلب إلى الراية أن تروي للأطفال قصة الأمجاد. فتخاطب الراية عظماء الأمة وأبطال التاريخ: صقر قريش، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين. ثم تلتفت الراية إلى الأطفال طالبة منهم العمل على استيقاظ الصحراء، لتعود جنة خضراء، وذلك بأن يتحدوا الهزائم والنكسات.

    وتصبح الوحدة العربية في المسرحية الشعرية (الشجرة) هي "الشجرة" التي تحمي "العصافير" من ليالي القر وحر الهجير. ذلك أن الشاعر سليمان العيسى قد جسد للأطفال قضايا أمتهم الكبرى بمحسوسات معرفة لديهم منتقلاً بهم من المجرد إلى المحسوس، ليقر بها إلى أفهامهم وضمائرهم. فالعصافير تنشد:

    الليل عصافير

    والدرب مناقير

    هاجرنا نبحث عن شجرةْ

    تؤوينا، نبحث عن شجرة

    تمتد وراء السور

    لا يرحل عنها النور

    ولكن أوراق الخريف تجيبها:

    لا تسبحي في الخيال

    لا تحلمي بالظلال

    من دونها يا طيور

    من دونها ألف سور

    تلك التي تبحثين

    عنها وراء السنين

    تلك الشجرةْ

    تلك الشجرةْ

    صارت أوراقا منتثرةْ

    بنتُ النكسات السودْ

    لكن العصافير تظل تبتهل، ولا تفقد إيمانها بحلمها الكبير، فتعود إلى مخاطبة " الشجرة" رمز الوحدة القومية:

    سقط الشهداء وراء الليل

    لأجلك ما توايا شجرةْ

    يا من ظللت مشارقنا

    ومغاربنا. يا منتصرةْ


    وأخيراً، تظهر " الشجرة"على المسرح، متوشحة بوشاح أخضر كتب عليه بخط أحمر (الوحدة العربية)، قائلة:

    جئتُ كالربيع

    جئت كالقدرْ

    كلُّ ما أشيع

    عنيَّ اندثرْ

    جئت كالربيع

    موكبي انتصر

    فيرد الجميع بفرحة غامرة:

    ألفَ أهلا

    ألفَ أهلا

    يا بنةَ الكفاحْ

    يا أنشودةَ الجراحْ

    وفي ظلم الحلم بالوحدة العربية يعود الشاعر إلى التاريخ القديم يستمد منه المثل العليا الصالحة للاقتداء بها، فيضعها أمام الأجيال، نبراساً وضوء اهتداء، ففي المسرحية الشعرية (الأطفال يزورون تدمر) تتجه مجموعة كبيرة من الأطفال، في سيارة باص كبيرة، وهم يغنون ويمرحون، إلى عروس الصحراء، تدمر.

    وبين الآثار التاريخية والهياكل العظمية يستمعون إلى صوت الماضي المجيد، ويجسدون روعة الإعجاب بالماضي التليد:

    ظلّي نشيدَ الدهر لا تكبري

    يا روعة الأجدادِ في تدمر

    يا طفلة الصحراء عودي بناء

    إلى أغاني مجدكِ الأنضر

    مازلتِ ملء العين، ملءَ الرؤى

    يا أنتِ، يا ملحمةَ الأعصر

    زنوبيا، صوتُ الرمالِ التي

    تروي حكايات السنا الأخضر

    نقول للأجيالِ: إني هنا

    فيا سرايا الخالدين اعبري

    إن العروبة التي غنّاها الشاعر سليمان العيسى وما يزال، هي نسيج حضاري هائل، ضارب في أغوار التاريخ، تشابكت فيه ملايين الأصول والفروع، لتعطي الإنسان أكرم ما أعطاهُ شعب على وجه الأرض. ومن هنا فإن الشاعر يرى أن رابطة العروبة تتغلغل إلى أعماق التاريخ:

    وأبعدَ نحن من عبس

    ومن مضرٍ، نعم أبعد

    حمورابي، وهاني بعل

    بعضُ عطائنا الأخلد

    ومن زيتوننا عيسى

    ومن صحرائنا أحمد

    ومن الناس ـ يعرفها

    الجميعُ ـ تعلموا أبجد


    ***

    وتظل قضية فلسطين جرحاً نازفاً في قلب العروبة. ويقف الشاعر سليمان العيسى بشعره إلى جانب هذه القضية القومية الإنسانية، وذلك عبر أساليب فنية عديدة: فتارة يتحدث على لسان طفل من فلسطين يردد :

    أنا من صَفدِ

    سرقوا بلدي

    بلدي المحتلّ فلسطينُ

    لم يُزهرْ فيه الليمونُ

    لم تضحكْ فيه الافياءُ

    مُذْ هبّتْ ريحْ سوداءُ

    جعلتْ من أرضِ الأزهار

    مرعي للموتِ، وللنارِ

    أنا من يافا

    أنا من صفد

    وطني

    سأحرره بيدي

    وتارة ثانية يشجب الشاعر الاحتلال الصهيوني، ويعد بتحرير الأرض المغتصبة، من أجل أن يعود الأطفال إلى وطنهم السليب:

    فلسطينُ داري

    ودربُ انتصاري

    تظلُّ بلادي

    هوىً في فؤادي

    ولحنا أبينا

    على شفتيّا

    وجوه غريبه

    بأرضي السليبةْ

    تبيع ثماري

    وتحتل داري

    وأعرف دربي

    ويرجعُ شعبي

    إلى بيت جدي

    إلى دفء مهدي.

    وتارة ثالثة يربط الشاعر بين الاحتلال والاستعمار، ويجعل الصغار يحاسبون الكبار على تقصيرهم في هذه القضية القومية الأساسية واضعاً في أذهان الأطفال وعياً قومياً ناضجاً، وجاعلاً منهم الأبطال الذين يقع على عاتقهم تحرير الأرض بوساطة الفداء. ففي قصيدة (فدوى تصارح أباها).

    يقول الشاعر على لسان الطفلة فدوى، تعاتب أباها:

    أحبك يا أبي، ماذا

    تركتم الصغار، لنا؟

    سوى عار الهزيمة، يا

    أبي الغالي، يمزقنا

    مفاخركم حفظناها

    بأدمعنا قرأناها

    وأيقظنا العدو على

    قنابله

    وأرضٍ شعبها رحلا

    وخلاّها لقاتله

    أحبك لا تحدثني

    عن الماضي الذي دفنا

    إذا استيقظت يوما ما

    أبي، وسألت عن فدوى

    ولم ترني، فلا تعجبْ

    وسامحني، ولا تغضب!

    سأبحث عن غدي، بيدي

    سأبحث عنك يا بلدي

    وأحلم أن أكون هناك

    مثلهمو... فدائيه

    وهكذا يعدد الشاعر سليمان العيسى صور البطولة والفداء، من طفلة فدائية، إلى (ابن الشهيد)، إلى (أنشودة بان) الطفلة التي كبرت فاختارت أن تكون فدائية، كما يعدد أساليب التعبير، من القصيدة والنشيد، إلى المسرحية الشعرية. ففي المسرحية الغنائية (النهر) يصف الشاعر نهراً صافياً وديعاً، يحب الأطفال والأزهار والعصافير. وكان الجميع يقبلان عليه، ويسبحون في مائه الرقراق، ويشربون من مائه العذب النمير، ويغنون ويرقصون حوله:

    الأطفال:

    جينا يا نهرَ الأفراحْ

    جينا

    مروانْ أقوى سباحْ

    فينا

    جينا نمرحْ

    جينا نسبحْ

    يا نهر الأطفال

    يا نهر الأطفال


    وذات يوم عابس يحتل النهر طاغيه شرير، فيمنع الأولاد والعصافير والأزهار من ورود الماء، لكن الجميع يعلنون الثورة والكفاح المسلح على العدو الغاصب:

    يا أسراب النحلِ جميعاً

    يا أجناسَ الطيرِ جميعاً

    يا أطفالً، ويا أشجارْ

    يا غاباتْ، ويا أنهارْ

    يا بطاتِ الماءْ

    في كل الأرجاء

    إنّا منطلقون

    إنا مفتتحون

    معركة الحق المغبون

    معركة الشرف المطعون

    يا سفاحَ النهر الدامي

    نحن فدائيون

    نحن فدائيون

    نحن فدائيون


    وتكون النتيجة انتصار الثوار، وانهزام المعتدي، وعودة النهر حراً طليقاً، يوزع ماءه وحبه على الجميع.

    ومثل هذه الغلالة الرقيقة من الرمز ا لشفاف هي مما ينمي ذائقة الأطفال، ويصقل وجدانهم الجمالي.ورغم أن هذه الخاتمة المتفائلة تبدو بعيدة المنال، ولكنها تظل في الإطار القيمي

    والتربوي ـ القيمة التي ينبغي أن تؤكد على الدوام لدى الصغار والكبار.

    وفي المسرحية الشعرية (البطاقة) يشترك الشقيقان:

    إياد، وهو طالب جامعي، وسلوى وهي في الثانية عشر، في حملة تبرع لمؤازرة العمل الفدائي، وهما يرددان:

    القادمون من الظلام

    من الحقود غزوا بلادي

    سرقوا التراب وأسلمونا

    للفجيعة، للجراد

    وتخلفت في صمتها

    في القهر أمتنا العظيمةْ

    سكتت على الجرح الكبير

    سكوت عاصفة عقيمةْ

    وهذه الصورة القائمة للواقع الدامي تمحوها صورة المستقبل المشرق الذي سيكبر فيه الأطفال، ويحررون الأرض والإنسان:

    خذ للفدائيين، خذها كلها

    وغدُ قريب

    يومان، أربعة وتكبر

    أيها الوطن الحبيب


    والواقع أن الشاعر سليمان العيسى إنما يرى في الفداء الحل الأمثل الذي يمكن من تحرير الأرض. ولعل بعض العمليات التي أثبتت نجاعتها آنذاك، كانت وراء هذا الإيمان. من ذلك المسرحية الغنائية ( قنبلة وجسد) التي بناها الشاعر على حادثة الفدائي العربي عرفان عبد الله الذي سقطت منه قنبلة يدوية وهو يبتاع الطعام لرفاقه في عمان، فصاح بالناس ليبتعدوا وارتمى فوق القنبلة، فغطاها بجسده، كي لا تؤذي أحداً.

    والمسرحية تصور بطولة الفدائي في هذه الحادثة وتنتهي بترديد الأطفال لقسم الفداء:

    عرفان عبد الله

    يظل في الشفاهْ

    أنشودة رائعة

    تجدد الحياة

    تبارك الحياة

    وتربط الإنسان بالإله

    عرفان عبد الله

    مواكبْ تسيرْ

    وشعلة تنير

    في جنبات الوطن الكبيْر

    في الزحف

    في معركة المصير

    عرفانُ سطرُ خالد

    في قصة التحرير

    ***

    ولا ينسى الشاعر سليمان العيسى الأقطار العربية المضطهدة التي ناضلت وضحت بالملايين من أبنائها حتى حققت الاستقلال . فيقف بمعظم شعره إلى جانب ثورة الجزائر مثلاً، التي انتهت بالنصر بعد أن دفعت ثمناً باهظاً من أرواح مواطينها. ويضع الشاعر أغنية على لسان طفل جزائري في (أغنية طفل جزائري) يتحدث فيها عن بطولات آبائه وأجداده، وعن فخره واعتزازه بهم، وبلغتهم العربية. وهذا يعني الكثير في بلد حاول المستعمر الفرنسي فيه فرنسة الشعب العربي الجزائري، وطمس لغته القومية:

    منذ دقت بابنا أم اللغاتِ

    منذ غنينا نشيد العاصفاتِ

    "قسما بالنازلات الماحقات"

    "والدماء الزاكيات الطاهرات"

    صار لي أهل، وعنوان، ودارْ

    صار لي ديوانْ شعر عربي

    اتهجى، اسمي به، واسم أبي


    وقد أصبحت الثورة الجزائرية المنتصرة رمزاً لثورات كل الشعوب المناضلة في سبيل حريتها واستقلالها، فلا عجب أن تتخذ نموذجاً يحتذى، ونبراساً يقتدى بها، فيرسل إليها أطفال الوطن العربي تحياتهم وإعجابهم، وذلك في أغنية (من طفل في دمشق إلى طفل في الجزائر)، يقول فيها:

    أخي في الجزائرْ

    تحيات ثائرْ

    تمنيت لفظاً

    كدفق البشائرْ

    كهمسِ الخزامى

    كرف الغدائر


    ورغم صعوبة بعض ألفاظ القصيدة، فإنها تظل ملأى بالعواطف الجياشة الصادقة تجاه الأخوة العرب في الجزائر.

    ***

    ومن القضية القومية إلى الوعي الوطني، من الحلم الأخضر إلى وهج الواقع. يلتفت الشاعر سليمان العيسى فيرى أن مساحة الحلم كانت بحجم الصوت في حين ظل الواقع بحجم الفم، لأن مرارة الألم قد أنضجت حلاوة الأمل. ومع ذلك فإن الوطن يظل يعني البيت، والأولاد، والأصدقاء، والكرامة. ومن المستحيل التخلي عنها، يقول الشاعر سليمان العيسى: " أعرف أن العالم أصبح صغيراً، أصبح قرية كبيرة، كما يقولون، ولكن لي بيتاً في هذه القرية، بيتاً سيكون أبداً مفتوحاً للأصدقاء. ولن أسمح لأحد أن يسرقه مني، ويقذف بي وبأطفالي في عرض الطريق، تلك هي قضية الشعر والشاعر، في هذه الحقبة الظالمة من تاريخ أمتي. وتلك هي قضيتي" .

    وصورة الوطن في شعر الأطفال عند سليمان العيسى تتوزع بين ثلاث لحظات زمنية: الماضي، والحاضر، والمستقبل. فالوطن في صورته الماضية هو "وطن الأجداد"، و"وطن الأمجاد"، وهو "موطن الأنبياء". ومثل هذا التأكيد على البطولات التليدة يضع في أذهان الأطفال وضمائرهم النموذج الأمثل للاقتداء، وهو ما يحقق قيمة تربوية مثلي:

    وطني أشجارْ وطلالُ

    وترابي قمح وغلالُ

    أتفيأ ظلك يا وطني

    وأحب ترابك يا وطني

    أرض الأجدادْ

    وطن الأمجادْ

    يتسلح بالعلم

    لا يركعُ للظلم


    والوطن في صورته الحاضرة هو الوطن العربي المجزأ، الذي احتله الغرباء ونهبوا خيراته، وسلبوا أراضيه، وشردوا أطفاله، ورغم ذلك فقد ظل وطن المحبة والوحدة:

    نشيد النور في شفتي

    تعيش تعيش مدرستي

    أحب معلمي الغالي

    أحبك يا معلمتي

    أرى علمي، أرى الوطن

    أرى الدنيا بمدرستي

    ويكبر يكبر العصفور

    من سنةٍ إلى سنةِ

    وأهتف باسم وحدتنا

    عبيرُ الحب يا لغتي


    والوطن في صورته المستقبلية هو الوطن الوعد "وطن المستقبل" أو "وطن الآتين" و "وطن الآمال". أنه يفتح ذراعيه للأطفال ويعدل فيهم، فيوزع خيره على الجميع. وهو " الوطن الأخضر" الذي يتفيأ ظله الأطفال، وينعمون بغلاله. وهو الوطن الذي يتسلح بالعلم والمعرفة، ويتدفق أطفاله شلال تضامن ووحدة:

    وطني أنهار عطاء

    يا وردتنا الحمراءْ

    تبقى أوراقك خالدةً

    يسقيك دمُ الشهداء

    وغدا نحنُ الأطفالْ

    نتدفق كالشلال

    وحديقتنا الوطن العربي

    حديقتنا الخضراء


    وبالطبع فإن الوطن ـ المستقبل لن يتحقق إلا بالثورة. والطفل العربي هو ركيزة هذه الثورة ومنطلقها. إنه " موجه الغضب"و رفيق الدرب" و " أخو السلاح"، و الأطفال هم مشروع الشاعر الإنساني، يعدهم للنضال والبناء. ومن لعبهم " يصنعون الثورة"، لأنهم "شلال يتفجر بالفجر الموعود" تناديهم التلال فيسيرون تحت بيارق العروبة لتحريرها. ولهم من تاريخ آبائهم النضالي خير دليل للعمل.

    والطفل العربي محوط بالأمجاد: فمن اسمه يتعلم البطولة:

    أيعرف معنى أسامة أحد؟

    أسامة ياميّ يعني الأسد

    وفي الكتاب المدرسي يتعلم الطفل تاريخ أمته المشرق:

    هذا صفي

    هذي كتبي

    تشرق فيها

    شمسُ العربِ

    أتعلم أني عربي

    ولنا تاريخ أزليّ

    تاريخ غطى المعمورة

    ببطولات كالأسطورة


    والأطفال العرب هم بناة الوحدة الحقيقيون:

    طيروا في أرض العربِ

    لا تعترفوا بالأسوار

    وهم أحرار رضعوا الحرية مع حليب أمهاتهم:

    رباني أمي وأبي

    للحرية والأحرار

    وعلى عاتق الأطفال يقع تحقيق حلم الوحدة والتحرير:

    وغدا أكبرْ

    حلمي يكبر

    وأمدّ خريطتك الكبرى

    حبا وحدائق يا وطني.


    2 ـ القيم الاجتماعية في شعر الأطفال عند سليمان العيسى

    المجتمع في شعر الأطفال عند سليمان العيسى مجتمع جديد، تسود فيه قيم العلم، والعمل، والصداقة، والتعاون والمحبة.

    والدعوى إلى العلم والتفكير العلمي رغم أنها بدأت مع مطلع العصر الحديث في منتصف القرن الماضي، وكان من عواملها انتشار المدارس والمطابع، فإنه قد تلاها وصف لنتائج العلم الباهرة، ومعالم المدينة الحديثة، من مخترعات مكنت الإنسان من استخدام قوى الطبيعة، كالقطارات والسيارات والطائرات وسواها من الاكتشافات التي قهرت بعدي الزمان والمكان، وضمت أطراف العالم بعضه إلى بعض، حتى أصبح وكنه بلد واحد.

    ونظراً لأهمية العلم الكبرى في تجديد حياتنا، فقد حضر الأدباء والمفكرون يحضون الناس على تبني العلم والمعرفة الجديدة، في محاولة منهم لإخراج الناس من ظلام الجهل وعقلية القرون الوسطى، إلى نور العلم والحقيقة وقد أسهم الشاعر سليمان العيسى، رغم تأخره التاريخي عن تلك الفترة المبكرة، في وصف هذه المخترعات الحديثة، وأثرها في حياتنا المعاصرة، في محاولة منه لإدخال قيم العلم إلى حياة الطفل العربي الذي جعل منه طياراً يتحدى المستحيل في قصيدة (الطيارة) حيث يقول:

    إنني طيارْ

    في غدٍ طيارْ

    عندما أنمو قليلاً

    أتحدى المستحيل

    أجعلُ الريح عنائي

    وتكونين حصاني

    أهدري الآن هدري

    وأعبري فوقي أعبري

    مهرتي أنت غداً، فانتظري


    وفي قصيدة (مركبة القمر) يبارك الشاعر سليمان العيسى هذا الحدث العلمي الهام، نزول الإنسان على سطح القمر، حاملاً حلم البشر منذ مئات السنين:

    دوري دوري حول القمرِ

    يا حاملة حلم البشرِ

    دوري، وأرسي فوق القمر

    يا مركبة العقل الباهر

    يا أسطورة

    خلي الأطفال مع الشاعرْ

    في المعمورهْ

    قولي للأرضِ المجروحهْ

    بالأشرار

    خلو دنيانا أرجوحهْ

    من أزهار

    آمنا بالعلم الهادي يسقي القفزا

    يستنبتُ في الرملِ الصادي واحاً خضرا

    ***

    ولعل القيمة الكبرى التي نالت حظا أوفر، من القيم الاجتماعية، في شعر الأطفال عند سليمان العيسى، هي قيمة العمل. فقد حض الشاعر على العمل وبارك الصانع والعامل والفلاح وأبرز دور الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وبسط فكرتها. ففي ( نشيد العمال) يضع الشاعر غناء عذباً على ألسنة العمال، يشيدون فيه بالمعجزات التي رفعوها في كل مكان:

    بأيدينا صنعنا المعجزاتِ

    بنينا الرائعاتِ الباقياتِ

    رفعنا ألف سارية وسد

    على النيل العظيم، على الفراتِ

    وفي نشيد (عمي منصور) يضع الشاعر سليمان العيسى على لسان طفل صغير حكاية حلوة في فكرتها وصورها وألفاظها العذبة:

    عمي منصورْ نجارُ

    يضحكُ في يده المنشار

    يعملُ يعمل ُ وهو يغني

    في فمه دوماً أشعار

    قلت لعمي عندي لعبةْ

    أصنع لي بيتاً للعبهْ

    هزّ الرأس وقال:

    أنا أهوى الأطفالْ

    بعد قليل رحتُ إليه

    شيءْ حلوْ بين يديه

    سوّاه عمي منصور

    أحلى من بيت العصفور


    أما الفلاح فقد حظي بالنصيب الأكبر. و الحب الأكبر في شعر الأطفال عند سليمان العيسى، كأنه مبدع الحقول الخضراء، ومنتج الغياض والرياض، ومالئ السهول فرحاً وسنابل:

    القبلةُ الأولى من الصباحْ

    لجبهة الفلاح

    لمعول الفلاح

    لساعد الفلاح

    الساعد المفتول

    تحبه الحقول

    تعطيه ما يشاء من ثمر

    من غلةٍ كدفقةِ المطرْ

    وتضحك البلاد

    لموسم الحصاد

    ويسعد البشر


    وفي قصيدة ( الفلاح) يتحدث الفلاح عن جهده وتعبه، من أجل أن تخصب الأرض، وتنبت سنابل الذهب:

    الحقل الأخضرُ صنعُ يدي

    وأنا فلاحُ يا بلدي

    فلاحُ يا بلد النور

    استيقظ قبل العصفور

    وأرش ترابك من تعبي

    فرحاً وسنابل كالذهبِ

    جراري أحدثُ جرارِ

    أعلوه عند الأسحارِ

    وأغني للزرع الآتي

    مطراً مطراً من خيراتِ

    من هنا كان حصر الشاعر على غرس الأشجار، لتخضر الأرض، وتصفو الدنيا، ويحلو النسم:

    شجرة شجرة أغرس شجرة

    تخضر الأرض وتبتسم

    تصفو الدنيا، يحلو النسيم

    في مولدها، أغرس شجرة

    ويبسط الشاعر فكرة العدالة الاجتماعية، فيراها توزيعاً عادلاً للإنتاج:

    النور للجميع

    والحب للجميع

    وأرضنا السمرا

    لابد أن تكون للجمعي

    ويحض الشاعر وطنه على محاسبة العاطلين والمتقاعسين:

    في أيدينا ما يكفينا

    وزرع خير أعدلْ فينا

    هيا يا وطن الأطفال

    هيا يا وطن المستقبلْ

    حاسب حاسب من لا يعمل

    لا تسكب عن فردٍ فيك

    يأخذ منك ولا يعطيك

    هيا يا وطن الآمال


    وينوع الشاعر أسلوب التعبير، فمن القصيدة والنشيد، إلى المسرحية الشعرية الغنائية. فهو في مسرحية (قطرة المطر) يصف لنا حقلاً عطشان، يشكو بألم:

    منذ شهور، منذ شهور

    لم تضحكْ شفتي من قطرهْ

    منذ شهور، منذ شهور

    لم تنبت في صدري زهرةْ

    عطش أشجاري وطيوري

    عطش أرضي عطش دوري

    وتصدح جوقة العصافير بنشيد لاستجلاب المطر، وكذلك تفعل الأشجار، والبستاني. ورغم أن المطر يهطل ، ويستبشر الجميع، فإن الجميع يصممون على القيام بعمل عظيم، هو بناء سد يحفظ خلفه المياه، ليسقي بها الناس الحقول متى شاؤوا:

    وإذا ضاع المطرْ

    خلف صحراء القدرْ

    واذا جف التراب

    وتناسانا السحابْ

    ظلت الأغصان خضراً

    تملأ الآفاق عطراً

    وليكن من صنعِ أيدينا الربيعُ

    وفي المسرحية الغنائية ( الأطفال يبنون مدرسة) يجعل الشاعر سليمان العيسى الأطفال يبنون مدرسة، في قرية نائية من قرى سورية، بعد أن سمعوا بأخبار المدارس، وأحسوا بحاجتهم إليها، من أجل أن يتعلموا، كغيرهم فيقف الحارس قائلاً:

    انظر إلى هذا البناء المشرق الجميل

    إليه تمضي هذه الطيور

    تشرب منه النسور


    وفي المسرحية (مستشفى الأطفال) يضع الأطفال حجر الأساس لبناء مستشفى . وهذه الأعمال المجازية تعطي صورة عن كفاح الأطفال من أجل صنع واقعهم وبناء وطنهم بأيديهم.

    ولعل مسرحية (الصرصور والنملة) خير مثال على حب العمل. وقصة الصرصور والنملة معروفة. فالصرصور رمز للكسل، لأنه يقضي الصيف كله في الغناء، والنملة رمز الجد والعمل، لأنها تقضي الصيف في جمع مؤونتها. وهي تضن على جارها الشاعر الغريد بحبات في الشتاء، تقرضه إياها، ليسد بها رمقه.

    فماذا فعل الشاعر سليمان العيسى بهذه القصة؟ إنه يقول: " لم تعجبني القصة بروايتها القديمة هذه منذ طفولتي. كنت أضيق بهذه النملة الشحيحة التي تأخذ كل شيء، ولا تعطي شيئاً. تعيش على فضلات غيرها، ثم تقبض يدها عن أقل العون، وتزهو ببخلها زاعمة أنها أم الحكمة. وكان الصرصور الطيب الذي ينفق أيام الصيف كلها في الغناء يعجبني، بالرغم من الحكاية التي تقف ضده. واليوم أمد يدي إلى هذه الحكاية المعروفة فأقلب مفهوماً رأساً على عقب، وأجعل منها مسرحية شعرية لأطفالنا". ويصبح الصرصور في المسرحية رمز الشاعر والفنان الذي يهب الناس حياته كلها، ولا يحسب لغد حسابا، إنه شاعر الحصاد، وصديق الفلاحين، يضاعف بغنائه نشاطهم، ويزيد من انتاجهم، ويسكب البهجة والمرح في نفوسهم فإذا الصيف أفراح، والحقل كنور عطاء، يقول الصرصور:

    للصيف أغني، للحبِ

    وأرش الفرحة في الدرب

    قولوا للسنبل، للقطن

    عطشان؟ سأسقيه لحني

    وإذا تعب العصفورْ

    وتوارى في الشجر

    غنيت أنا الصرصور

    أنشدت إلى السحر

    وحين يحل فصل الشتاء، يذهب الصرصور إلى النملة ليستدين منها، فترده خائباً، وتؤنبه على أنه قضى فصل الصيف في نظم الأغاني دون عمل. فيلومها الفلاحون على شحها، ويدعونه إلى بيوتهم مرحبين به:

    يا شاعرنا، يا صرصور

    بيتك، دارك كل الدور

    كل منازلنا مفتوحةْ

    كل جوانحنا أرجوحه

    ننزلُ سهلا

    تلقى أهلا

    لا تعبأ بالريح

    صدرُ الحب فسيح


    ***

    ولأن الأسرة التي تشكل الخلية الأولى في البنية الاجتماعية، ذات دور أساسي في حياة المواطن والوطن، فقد حرص الشاعر سليمان العيسى على تماسكها، وعلى إبراز القيم الإيجابية فيها، من حب الأطفال لوالديهم، وعطف الكبار على الصغار، كل ذلك مصوغاً في أناشيد غنائية عذبة الألفاظ، خفيفة الأوزان، سهلة الحفظ والترديد.

    مما جعل الآلاف من أطفال الجيل الجديد يرددونها في المدارس بعذوبة وسهولة.

    فهو يقول في (نشيد ماما )

    ماما ماما

    يا أنغاما

    تملأ قلبي

    بندى الحبِ

    أنتِ نشيدي

    عيدك عيدي

    بسمة ماما

    سر وجودي

    أنا عصفورْ

    ملءَ الدار

    قبلةُ ماما

    ضوءُ نهاري

    ماما توقظني

    في الفجرِ

    يدُها الحلوةُ

    تمسحُ شعري

    أهوى ماما

    أفدي ماما


    وفي (نشيد بابا)(45) يتابع الشاعر سليمان العيسى هذه المناجاة العذبة بين الطفل ووالده، فيدعو لأبيه بطول العمر والبقاء، لأنه ربيع الحب وباني الوطن:

    بابا بابا

    يومُك طابا

    دمت ربيعاً

    دمتَ شبابا

    لي ولأجلِ

    الوطن الغالي

    يعمل بابا

    دونَ كلالِ

    نبني نحنُ

    الوطن الأكبر

    ***

    3- قيم الطبيعة في شعر الأطفال عند سليمان العيسى


    أحد وجوه التربية في شعر الأطفال عند سليمان العيسى هو التربية الطبيعية.

    ولا نبالغ إذا قلنا أن سليمان العيسى يحذو حذو جان جاك روسو في الدعوى إلى تربية الأطفال في حضن الطبيعة الدافئ، لينهلوا منها الجمال والحرية. من هنا كان تأكيد الشاعر على وصف الطبيعة في حالاتها المتغيرة، ووصف الأطفال وهم يمرحون فيها.

    والطبيعة في شعر الأطفال عند سليمان العيسى ليست جامدة ساكنة، وإنما هي حية متحركة، تعلم الأطفال، وتشاركهم ضروب الفرح والابتهاج، في ربيعها، وخريفها، وشتائها، وصيفها. ففي الربيع يردد الأطفال في حضن الأزهار:

    كل شيءْ يزهرُ

    كل شيء أخضرُ

    الربيع الحلو عائد

    والعصافيرُ قصائد

    مرحبا جاء الربيع

    مرحبا عاد الربيع


    وفي الخريف يردد الأطفال في حضن الطبيعة:

    ورقاتُ تطفر في الدرب

    والغيمةُ شقراءُ الهدب

    والريح أناشيد

    والنهر تجاعيد

    يا غيمة يا أم المطرِ

    الأرض اشتاقت فانهمري

    وقد استأثر الماء والمطر بأكبر كمية من شعر الطبيعة عند سليمان العيسى. ولعل ذلك بسبب كون الماء أصل الحياة، وباعثها، ومجددها، ولأن الشاعر، وهو في الأصل فلاح، يعرف قيمة المطر الحقيقية في المجتمع الزراعي. لذلك مضي يصف لهفة الأرض للمطر، وشوق الزهر للماء، ففي (نشيد المطر) ابتهالات دينية حقيقية لاستجلات المطر، فينبت الزرع، وينمو الضرع، وتموج السنابل، وتفني الجداول:

    مطرْ مطرْ مطرْ

    بالنعمة انهمر

    بالعشب والثمر

    تهللي يا أرضنا السمراءْ

    واستقبلي هدية السماءْ

    مطرْ مطرْ مطرْ

    غداً يموج حقلنا سنابلا

    غداً تغني أرضنا جداولا

    سنابلا، سنابلا

    جداولا، جداولا

    تسقي بها العطاش يا مطر

    تحيي بها النفوس يا مطر


    ويناجي الأطفال الغيمة كي تمر بهم، فيعم الخير والخصب، وتخضر المراعي:

    يا حاملة المطر

    مري فوق الهضابْ

    غطي وجه الفلوتْ

    مري صيفاً وشتاءْ

    يتدفق وادينا

    تخضر مراعينا

    يا أحلام الشجر

    يا حاملة المطر

    يا غيمة يا سمراء


    وينوع الشاعر صور المطر والماء، فتارة هو في الغيوم المرتحلة، وأخرى هو في قطرات المطر، وثالثة هو في الأنهار الجارية مثل الأحلام المتهادية، فهو يقول مثلا عن نهر بردى:

    بردى بردى

    نغم وصدى

    ظل وندى

    عذب أبدا

    بردى بردى

    يجري مثل الحلم الهادي

    مثل أناشيد الميلاد

    يسقي كل عطاش الوادي

    من شجر، أو بشر صاد

    بردى بردى

    عذب أبدا.

    وأحيانا يلجأ الشاعر إلى تفسير أسماء الأطفال المأخوذة من الطبيعة، تفسيرات حلوة ذكية، تدل على أصالة وشاعرية، ففي (ديمة تغني) يعود باسم الطفلة (ديمة) إلى معنى المطر الدائم الذي يسقي الأرض فيكسوها خضرة وجمالاً:

    اسمي ديمهْ

    هل تدرون

    يا أطفال

    معنى ديمه؟

    معناها حلو ناعمْ

    معناها المطرُ الدائم

    يسقي الأرض فيكسوها

    ورقاً أخضرَ وبراعمْ

    ويجعل الشاعر من الطفل الصغير رساماً كبيراً، يرسم كنوز بلاده الجميلة، سواء كان ذلك باللون الساحر، أو بالشعر المطرب، فمثل هذا الجمال لابد أن يخلق الكثير من الفنانين الذين يتغنون به:

    أرسمُ ماما

    أرسم بابا

    بالألوانْ

    أرسمُ علمي

    فوق القمم

    أنا فنانْ

    أنا صيادُ اللونِ الساحرْ

    أرض بلادي كنز مناظرْ

    دعني أرسم ضوء النجمِ

    دعني أرسمْ لون الكرمِ

    أكتبُ شعراً بالألوان

    أحيا حراً أنا فنان


    وقد أكثر الشاعر من رسم صور الطفولة البريئة في الطبيعة الجميلة، فصور الأطفال في جميع حالات حياتهم اليومية: في المدرسة، وفي الشارع، وفي البيت، وفي الأسرة، وبين أحضان الطبيعة. وقد تتبعنا هذا الوصف في (ديوان الأطفال) وحده فوجدنا الكثير من صور هذا الوجود الطفولي اللاهي، والملتزم من خلال هذا اللهو واللعب: (فرباب) زهرة بيدها كتاب. و"تيم" يعلب برمال شاطئ البحر.

    و (شهرزاد) طفلة من حلب تزعرد في أحاديثها العذبة. و (فهد وسلمى) سباحان صغيران في الشاطئ الأزرق. و(بادية) تقتني هرة ذات وشاح أبيض، و(نضال) طفلة من حمص تحاول أن تكتب أولى قصائدها. و(منى) تحب العصافير. و(نوران) طفلة صغيرة من حلب تحب صديقها الشاعر، وتحرص كلما زار البيت على أن تقدم له فنجان القهوة بيدها، ولو انكفأ ربعه في الصحن. و(بان) صبية صغيرة من دمشق، تكتب بريشة الطفولة الموهوبة قصصاً من الفدائيين. و(شعلة) طفلة من بغداد تفقد سوارها حين هاجر ذووها من فلسطين.

    و(هدى) فتاة مجد تنال من مدرستها هدية تفوقها، وكانت ديوان أشعار الشاعر. و(فدوى) صبية صغيرة من دمشق تقول للجميع أنها موجودة في كل مكان من الأرض العربية.

    وهذه الصور كلها إنما تدل على شدة إعجاب الشاعر بالطبيعة، ورغبته الشديدة في جعلها قيمة جمالية وتربوية في شعر الأطفال.

    4 ـ القيم الترويحية في شعر الأطفال عند سليمان العيسى

    اللعب حاجة أساسية من حاجات الإنسان الأولى، وضرورة للترويج عنه، ونمائه.

    والكتاب للأطفال نوع من التربية على جانب كبير من الفعالية والتأثير، وكاتب الأطفال هو، بالدرجة الأولى، مرب، قبل أن يكون مؤلف قصة أو رجل مسرح أو شاعراً. والاعتبارات التربوية ينبغي أن تحتل مكان الصدارة بحيث لا يمكن التضحية بها من أجل القيم الفنية، مهما كانت هذه القيم الفنية ضرورية أيضاً. ومن هنا يقول الشاعر سليمان العيسى:"الشعر والتربية هما المحوران الأساسيان اللذان دارت حولهما حياتي فعلاً. بل إنهما في حقيقة الأمر محور واحد، يتلاقيان في كل شيء ولا ينفصلان".

    والشاعر سليمان العيسى لم ينتظر حتى تتكامل عنده نظرية عامة في التربية، ليبدأ عمله تتكامل عنده نظرية عامة في التربية، ليبدأ عمله في هذا المجال، فقد سار النظر والعمل عنده بصورة عامة، جنباً إلى جنب. والأصح أن نقول أن النظر عنده سبق العمل في البداية، فنفخ فيه الروح، ووجهه في خطوطه العامة. ثم تجاوز العمل النظر في فترة لاحقة، فقومه وأغناه جملة وتفصيلاً .

    ولعل البعد التربوي لدى سليمان العيسى جاء تالياً للبعدين الرئيسين:

    البعد القومي الذي جعل حياة الشاعر كلها نضالاً منذ سلب موطنه لواء الاسكندروية عام 1938، وحتى اليوم، مروراً بمشاركته في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، والبعد الفني الذي جعل شعره كله تعبيراً عن هذا الانتماء القومي والإلتزامي الفني.

    ولعل البعد التربوي برز لدى شاعرنا منذ أن كان طالباً في دار المعلمين العالية ببغداد، حيث اطلع على التيارات الحديثة في التربية، ثم كون فكره التربوي المستقل أثناء عمله، مدرساً للغة العربية، في المدارس الثانوية ودار المعلمين بحلب ثم في التوجيه الاختصاصي لمادة اللغة العربية بدمشق. موجها أولاً لهذه المادة.

    هكذا تتكامل أبعاد ثلاثة في نتاج سليمان الشعري: البعد القومي، والبعد التربوي، والبعد الفني، وإذا كان البعد الأخير هو نتيجة للبعدين الأولين، أو سمة لهما، بوصفه الشكل الفني المعبر عنهما، فإن له ـ أيضاً ـ تميزه وفرادته، حيث تحول الشاعر من الشعر التقليدي إلى شعر التفعيلة، ثم إلى القصة الشعرية، والمسرح الشعري، وشعر الأطفال.

    ولاشك أن اللعب يمثل دوراً أساسياً في العملية التربوية، حتى ليذهب بعض المربين إلى وجوب تعليم الطفل من خلال اللعب، وهي ـ بالطبع ـ نظرية تربوية حديثة تلغي مظاهر التقليدية والجمود، من أجل تربية حرة منفتحة.

    ومن هنا ـ أيضاً ـ تحتل اللعب مكاناً بارزاً في شعر الأطفال لدى سليمان العيسى ولكنه ليس اللعب للعب، بل اللعب الهادف الذي يتفيا قيمة من خلاله. فإذا رسم الطفل، فإنه يحب أن يرسم علم بلاده:

    أرسم علمي

    فوق القمم

    أنا فنان


    وإذا بنى الطفل من رمال الشاطئ بيتا، فإنه يبني طريق المستقبل المشرق:

    الرمل الناعم بين يدي

    وأنا ألعب

    أبني بيتاً وطرق غد

    أبني ملعبْ

    وإذا التفت الطفل إلى هواياته العديدة، من لهو، ورسم، وغناء، وسباحة، ومصادقة للطير والحيوان، التفت الشاعر معه، واضعاً بعذوبة، ومحبذا قيم الخير والنقاء من خلال اللهو البريء: فالفتاة الصغيرة تحمل لعبتها، وتغرد:

    سميتها "مها"

    قلبي يحبها

    شقراءُ لعبتي

    تفهم همستي

    ألبستها حرير

    فأوشكت تطير

    بثوبها الجميل

    وخصرها النحيل

    أنقى من الصباحْ

    محبتي لها

    رفيقتي "مها"

    أقوى من الرياح

    يا حلوتي اضحكي

    كل الهوى لك

    وإذا أقبل الصيف استقبله الأطفال بالأفراح لأنه يعني لديهم السباحة والمرح:

    هلا هلا هلا

    الصيفُ أقبلا

    وغمغمت في الشط موجتان

    فهد، وسلمى أخته يدانْ

    بالماء تعبشانْ

    في الموج تطفران

    هلا هلا هلا

    الصيفُ أقبلا


    وإذا اقتنى الطفل أرنبا، جعله رفيقه الدائم، فصار يلاعبه، ويحادثه، وكأنما هو إنسان مثله:

    قفز الأرنبْ

    خاف الأرنب

    كنت قريباً

    منه ألعبْ

    أبيض أبيض

    مثل النورْ

    يعدو في البستان يدورْ

    يبحث عن ورقات خضر

    يخطفها كالبرق ويجري

    يا موجا ً من فرو ناعمْ

    فوق العشب الأخضر عائمْ

    لا تهربْ مني يا أرنبْ

    أنت رفيقي، هيا نلعبْ

    ***

    وسليمان العيسى لا يجد تناقضاً بين المسؤولية واللعب، ولذلك حرص على أن يقدم للصغار مجموعة من الألعاب، تملأ لهوهم بزاد من المعرفة بالوطن واللغات والتراث. وهذه الألعاب هي:

    1 ـ اللعبة الأولى ( أعرف أعلام تاريخك)، وتضم 56 ورقة كرتونية (تقوم مقام ورق اللعب) وكل ورقة تحمل اسم علم من الأعلام. وكل أربعة من هؤلاء يؤلفون فئة من الشعراء أو الفلاسفة، أو الأطباء، أو المؤرخين، أو اللغويين... إلخ. ففئة المؤرخين مثلاً تضمن أربعة أعلام هم: ابن الأثير، والطبري، والمسعودي، وابن خلدون.

    وفي أعلى الصفحة يكتب اسم العلم، ثم تلخص حياته وآثاره بعشرين أو ثلاثين كلمة، بصورة مكثفة. ثم تدرج في أسفل الورقة الأسماء الأربعة التي تؤلف فئة المؤرخين. وذلك حسب النموذج التالي:

    جرير

    ولد في بادية اليمامة عام 653م.مات733 امتاز بالغزل الخفيف. وهو القائل:

    إن العيون التي في طرفها حور *** قتللنا ثم لم يحيين قتلانا

    عمر بن أبي ربيعة

    جرير

    الفرزدق

    وقد طبعت هذه اللعبة في بغداد تحت عنوان ( لعبة الأذكياء): ثقافة وتسلية. أما اللعبتان الثانية والثالثة فهما قيد الطبع.

    2 ـ اللعبة الثانية (أعرف وطن العربي وتتألف من 14 فئة، وكل فئة تضم أيضاً أربعة معالم بارزة من جغرافية الوطن العربي، مثل الجبال، والسهول، والصحاري، والموانئ، والعواصم... إلخ .. وتستمر اللعبة على غرار لعبة أعلام التاريخ.

    3 ـ اللعبة الثالثة (أعرف أهم قواعد لغتك العربية). وتتألف اللعبة أيضاً من 14 فئة، وفي كل فئة أربع قاعدات. وهي تجري على غرار اللعبتين السابقتين، حيث تعرج على أهم القاعدات وأكثرها استعمالاً في اللغة، مثل:

    ـ أبرز أخوات كان

    ـ أبرز اخوان إن

    ـ أبرز المرفوعات

    ـ أبرز المنصوبات ... إلخ.

    ***

    هكذا استطاع الشاعر سليمان العيسى يضمن شعر الأطفال مفهومات وقيماً قومية ووطنية دون أن يخسر الفن التربية، أو تخسر التربية الفن.

    ************************************

    منقوووووول
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

  10. #10
    كلنا ضيف على الأرض فإن جاء الخريف
    تسقط الأوراق عن غصني وأبقى في الحروف
    رحم الله كل صاحب رسالة حمل القلم فلم
    يقل إلا خيرا .

المواضيع المتشابهه

  1. رحيل شاعر الصفصاف
    بواسطة جلال الطائي في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-07-2011, 03:53 AM
  2. برنامج شاعر المليون يعلن قائمة الـ (100) شاعر
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-23-2009, 09:33 PM
  3. حصن سليمان.. حجارة ضخمة لا يحملها إلا جنّ النبي سليمان!!
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان السياحة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-06-2009, 03:30 AM
  4. شاعر بألف شاعر فى الأهرام
    بواسطة ابراهيم خليل ابراهيم في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-27-2009, 02:29 AM
  5. الى روح الشهيد سامي العيسى ابن حيفا/ شعر لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-05-2008, 07:20 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •