للاطلاع:
http://www.omferas.com/vb/t20306-39/
..... وشيء أخر لم أفطن له إلا وأنا أشارك في ندوة (السيرة النبوية وآفاق الاستمداد)، وألفيتني متأخرا جدا في تقديره،
فحواه: أن كثيرا مما تنجزه من شؤون البحث العلمي، ثم تزهد في عرضه لأنك تراه بعين البديهة معروضا، إذا ببعض زوايا العرض قد خلا من جنسه، وكثير منها قد خلا من نوعه وشكله ولونه خلوَّ الكتب المعروضة من السطور، والأشعار المنشدة من أوزان البحور.
فتتساءل تساؤل الشريد: هل الخلل من ذهول في عينك، أو من سفول في قياس البداهة؟ ..
وفي مثل هذه المواطن يطول بك انتظار الجوائب، ثم لا تدري إن سارعت منها إلى أنحائك جائبة، أتكون سانحة، أم بارحة تزيد شرودك وتبعثر عهودك.
إن شرط البحث العلمي في أقل مقامات إتقانه : إثارة خبء المعرفة بآلات الخبرة، ومنها تقدير منهج السالفين في بثها خلال مصنفاتهم بث المشير المحيل على أعظم مما أبدى، وعلى أزخر مما أندى.
لأجل ذلك ترك الإمام أحمد مجلس ابن عيينة إلى مجلس الشافعي، ولما سئل قال: (إن فاتك حديث بعلو أدركته بنزول، وإن فاتك عقل هذا أخاف ألا تجده).
إن في منهج ذلك البث العجيب ما يسعفك في استكشاف المعرفة، لتصير شريكا في استولادها، فكأنها تكسبك مراس استيعابها، ومراس إنتاجها.
من بشرى الرفاق وسلوى الوفاق.