في سن الثلاثين:
مازالت منى تفكر في الماضي...حتى أنه كلما فقدت عزيزا اشترت عصفورا وسمته باسمه وأضافه لتلك المجموعة الرائعة جديدا ً..
سألتها أمها يوما ً بعد ماضاق بها الأمر:
-هل مازلت تعيشين في الماضي؟
لم تجد جوابا ً مقنعا فهي فعلا مازالت تعيشه,و بكل تفاصيله وكأنه حيا ً أمامها!!!
أمسكت حقيبتها المدرسية وانطلقت زائغة النظر والفكر..
*****************
لم تكد الحصة المدرسية تبدأ حتى بادرتهم المدرسة الرائعة بسؤال مباغت:
ماذا تريدن أن تكن في المستقبل عندما تصلن لسن الثلاثين؟
سؤال أطلقته المعلمة على نفسها قبل أن تطلقه عليهن وتطرحه على التلميذات اللواتي أتعبها العمل معهن جدا ً, وبلغ الإرهاق منها كل مأخذ.
لم تعد تدري هل هن نمط جديد ومواليد الحضارة المشتتة ؟!
أم هو إهمال تربية أم هو إفراز طبيعي يجب أن نعرف كيف نحيطه بعنايتنا؟!
لقد أتخمتها قصص الحسرة على مافات وقصص النت والتلفاز والهواتف النقالة ,والتي تصل إليها من هنا وهناك حتى أحست أن الامر امتد لصفها وعملها فعلا ً! وانخفضت انتاجيته بشكل ملحوظ.
عالمنا يحمل متناقضات عديدة يجب أن نمر من خلالها بأمان وإلا فسوف يصلنا شرره ويتطاير حتى يصل للأفئدة!
****
بعد ساعة من الانتظار ومالاحظته من لهفتهن في البوح والكتابة استبشرت خيرا ًوبدأت غيوم الشك تضطرب في عينيها.لملمت تلك الأوراق لتقرأها بسرعة وشوق وكم كانت متشابهة فاعتمدت خيرها:
1-أريد ان أصبح طبيبة ولكن أهلي يريدون تزويجي , خوفا علي وقد حرت في أمري بين رضاهم وطموحي.
2-أريد أن التقي بفارس أحلامي, أن أحبه ويحبني ,وأن أنجب منه أولادا ً كثر, أربيهم خير تربية.
3-أريد أن أدرس وأن أتزوج وأن أنجب وأن أكون من السعداء الأغنياء وو.
4-عندما كانت جدتي تحملني على ظهرها لأزيل الورقة المنهتية من عمرنا و من التقويم الهاشمي ,لم أكن أقرأ ماخلفها أبدا ً ولاأعرف الحكمة لهذا اليوم الفائت,كنت أتركها لجدتي وانا أحوج لذلك,
كنت أرميها أخيرا ًوأعرف أنني أرمي من عمري يوما ً ثمينا ً جدا,وأنني أقترب للموت أكثر, مايهمني الآن أن أكون نافعة لوطني ونفسي وديني دون أن انتظر المقابل ولا أنظرللماضي إلا لحكمة كانت فيه,لان نيتي لله وللاخرة.
نظرت المدرسة للورقة الفارغة الأخيرة التي تلقتها من منى ..ونظرت للجميع.., وعرفت أخيرا السر وً ماكانت تبحث عنه ...
أم فراس 5-11-2010