التوبة قبل الندم / آمنة أم وليد
إن المولى عز وجل خلق الإنسان وألهمه الفطرة السليمة الصحيحة المتمثلة في التقوى والصلاح ، وكذلك ألهمه الفجور المتمثل في الكفر والعصيان ، وهما بمثابة الغريزة الداخلية في كل إنسان حيث تتصارع فطرته السليمة التي توجهه للخير لتعيش في صراع مع الشق الآخر الأسوأ ، الذي يريد أن يوقع الإنسان في الفحشاء والمنكر والكفر بالله جل وعلا ، ويظل الإنسان طوال فترة اختباره في الدنيا يقاوم هذا الصراع الداخلي الذي لو نجح في السيطرة على غرائزه وشهواته ونزواته وقاوم وسوسة الشيطان له سيكون من الناجحين الفائزين ، وعلى النقيض لو فشل في السيطرة على هذه الشهوات والنزوات وسلّم نفسه لها منهزما حتى نهاية عمره بلا توبة حقيقية صادقة يعبر فيها عن ندمه على كل ما فعل ويثبت فيها لرب العالمين أنه يريد إصلاح نفسه وحاله فيما تبقى من عمره ، بأن يسارع بهذه التوبة ويبرهن عليها بالإكثار من العمل الصالح وعبادة الله بلا شريك في وقت مبكر ، فإن لم يفعل فلا يلومـنَّ إلا نفسه ، لأن المولى عز وجل قد حمّـله المسئولية حين قال (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَافَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)الشمس10:7، وهذه النفس ستحاسب أيضا وحدها على ما فعلته وستكون رهينة مقابل أعمالها يقول تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)المدثر:38، ولأن يوم القيامة لا ظلم فيه ، ستوفى كل نفس ما عملت بلا ظلم يقول تعالى (وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)البقرة:281.
المرجع من كتاب : رضا عبدالرحمن علي