-
قال الله تعالى :"قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم"المائدة/119/.
الصدق نافع لك أخي المؤمن في آخرتك كما دل عليه بيان الله قطعا. ولا ريب أن ما قرر الله نفعه هناك يوم الحساب والجزاء يكون قد سبقه نفع عظيم لك في دينك,يدرك ذلك بدلالة اللزوم المنطقي.ما هو الصدق؟ ماهو موقع الصادق في الأمة؟ ما هو رأي الناس فيه؟
ما هي فوائد الصدق في حياتنا ؟ أسئلة تحتاج إلى أجوبة ربما نستطيعها جميعا وتأتي من زوايا مختلفة لتكمل بعضها بعضاً . فالصدق هو : الإخبار الصحيح عن الواقع مقروناً بالدليل . فمثلاً عندما تقول : " شهدت بالأمي مجلس علم , وكان معي صاحبي زيد وأحمد , وهما يسمعان دون إنكار منهما , فأنت صادق بدليل واضح . وعندما تنقل خبراً عن بيع منزل جرى بين محمد وسعد ويتأكد خبرك بإقرارهما . فأنت صادق . بدليل الإقرار بصحة خبرك . هذا ليس الصدق كله , بل هو باب من أبوابه الكثيرة . وإنه ذو أهمية بالغة في حياة الأمة , يجعل العلاقات التعاملية مستقرة مما يحقق التوازن , وسهولة تبادل الأخبار , وانتشار المنافع بين الناس . هذا إذا كنت تخبر بصدق عن الناس أو عن أحوالك , وما يتصل بغيرك من أحوال الناس وأمورهم وأعمالهم . لكن إذا نقلت خبراً علمياً لا توصف بالصدق إلا بذكر المصدر الذي وصلك منه ذلك الخبر العلمي من كتاب أو إذاعة أو تلفاز , تحدد البرنامج الذي سمعت منه الخبر والمحطة التي أذاعته واسم المذيع وغير ذلك , مما يؤكد صدق خبرك . وإذا نقلت خبراً أو حكماً شرعياً في قضية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , فالصدق هنا , قول الحق وتحري الصواب قدر الاستطاعة , وحتى تكون صادقاً محقاً , تحتاج إلى التوثيق , بذكر المصدر آية من القرآن , برقمها والسورة التي ذكرت فيها . حديث نبوي , تذكره سنداً ومتناً . فتوى صحابي أو تابعي , أو رجل من العلماء الذين شهدت لهم الأمة بالقبول والثقة . تذكر اسم المصدر أو اسم الشخص الذي حدثك أو نقلت عنه .وهذا تتسع دائرة الصدق التعاملي لتشمل جوانب الحياة كلها . في عالم التجارة والاقتصاد الصدق محمود الصادق محبوب .يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . " ويقول أيضاً : " التاجر الصدوق لا يحجب من أبواب الجنة . "
الجامع الصغير للإمام السيوطي . ج1 ص : 456- 457 , الحديثان رقم : 3392-3394
تأمل في منزلة التاجر الصادق إنه مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصدقين والشهداء وتفتح له أبواب الجنة .فمن أعلى الله منزلته في الآخرة فلا ريب أنه حاز في الدنيا أرفع المنازل في عالم الناس فالصادق سواء كان من آحاد الناس أو عالماً أو تاجراً أو موظفاً أو أباً مع أبنائه أو زوجاً مع زوجته أو صديقاً أو جاراً . أي كان فهو محبوب له في قلوب الناس مودة ومكانة يثقون به ويدعون للتعامل معه كلمته مسموعة باحترام وقوله موثوق ورأيه محل قبول وتطبيق . وذلك ينفعه في الآخرة يوم ينفع الصادقين صدقهم. وعندما يصبح الصدق منهجاً حياتياً للأمة تجني من ورائه كل خير فهو أصل الخيرات وسر البركات وقمة الأخلاق . فالصدق يثمر في الأمة حباً يربط الاجتماعية وتنمو المودات في القلوب .وناهيك عن الصدق بين الحاكم وشبعه فهو قمة في سعادة الأمة وسيرها قدماً على طريق الهداية والحق . نعم الصدق ينفع الصادقين طيلة حياتهم ويثمر ذكراً طيباً وسيرة محمودة بعد موتهم .ويأتي نفعه الأكبر يوم القيامة يكرمهم الله فيدخلهم الجنة برضاه عنهم حيث يكون رضاه فبادلوه رضاً منهم " رضي الله عنهم ورضوا عنه " تلك هي غاية المنتهى ورأس الأماني وسعادة الأبد وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقبة الصدق ومآله الطيب فقال : " عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة " الجامع الصغير – السيوطي ج2 ص133 الحديث رقم /55355/.
فالصادقون في الجنة منعمون مكرمون ولاحظ أن الصدق شقيق البر وأصل كل خير وقائد إلى مكارم الأخلاق جالب للفوز في الدنيا والآخرة.