كــيـف أسـلــو
أُحَمِّلُ الرّيحَ أَشْواقي وَتَحْناني ... وَحُبَّ قَلْبي الى أَهْلي وَأَوْطاني
أَمانَةُ اللهِ أَوْصِلْها الى بَلَدي ... الى الأَحِبَّةِ أَخْبِرْهُمْ بِأَشْجاني
وَقُلْ لِأحْبابِ قَلْبي إِنَّني مَعَهُمْ ... باقٍ على الْعَهْدِ في سِرٍّ وَإِعْلانِ
لِوْ يَحْمِلُ الزَّهْرُ ما حُمِّلْتُ مِنْ حُرَقٍ ... لَمْ يَبْتَسِمْ ثَغْرُهُ يَوْماً لإنْسانِ
أُخالِطُ النّاسَ في جِسْمي وَما عَلِموا ... أَنَّ الْفُؤادَ أَسيرٌ عِنْدَهُمْ عاني
وَأَكْتُمُ الشَّوْقَ عِنْدَ النّاسِ مِنْ خَجَلٍ ... وَإِنْ خَلَوْتُ فَدَمْعي يُطْفي نِيراني
وَإِنْ ضَحِكْتُ فَفي ضَحْكي مُجامَلَةٌ ... وَكَيْفَ أَسْلو وَما في الْغَيْر سُلْواني
فَلَمْ أَذُقْ أَلَماً في أَيِّ نائِبَةٍ ... مِثْلَ التَّغَرُّبِ عَنْ أَهْلي وَخُلّاني
أُعالِجُ النَّفْسَ بالصَّبْرِ الجَميلِ فَلا ... يُقاوِمُ الصَّبْرُ أَشْواقي فَأَعْياني
وَأُرْجِعُ النَّفْسَ لِلآمالِ أَشْحَذُها ... لَعَلَّها تَحْتَوي ماءً لِضَمْآنِ
****
(لا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إلا مَنْ يُكابِدُهُ) ... هَلْ المُعَنّى وَخالي الشَّوْقِ سِيّانِ
فَلَمْ أُفارِقْ أُحَيْبابي على بَطَرٍ ... وَلا اخْتِياري فَمُرُّ الوَقْتِ الْجاني
فارَقْتُ قَلْبي وَأَكْبادي على مَضَضٍ ... ما ذَنْبُهُمْ وَحْدَهُمْ مِنْ غَيْرِ رُبّانِ
فَهَلْ جَنَيْتُ عَليهمْ بِالْبِعادِ فَما ... تَعَمَّدْتُ لكِنْ مَنْ هُوَ الجاني
لَوْلا الْحِصارُ لَما فارَقْتُهُمْ أَبَداً ... يَخْسا الْحِصارُ وَيَخْسا كَيْدُ عُدْواني
اشكو الى الله لا اشكو الى احد... فَوَحْدُهُ يَسْمَعُ الشَّكْوى وَلا ثاني
****
عَهْداً لِمَنْ مَلَكوا قَلْبي بِحُبِهِمُ ... أَنْ لا أَحيدَ وَلَوْ سُرْبِلْتُ أَكْفاني
يا لائِمي في هَوى الأَحْبابِ مَعْذِرَةً ... لَوْ تَعْلَمُ الْحُبَّ ما حاوَلْتَ تَلْحاني
فَالْحُبُّ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ بِهِ عُرِفوا ... قُلوبُهُمْ مِثْلُ عِطْرِ الرَّوْضِ رَيّانِ
****
جَرِّبْ فَأَحْبِبْ فَما في الْحُبِّ مِنْ شَطَطٍ ... فَالْعَيْشُ مِنْ غَيْرِهِ عَيْشٌ بِبُرْكانِ
هَلْ يَنْبُتُ الزَّرْعُ دُونَ الماءِ في أَدَمٍ ... كَذلِكَ الْعَيْشُ دونَ الْحُبِّ مِثْلانِ
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فَما في الَّلَوْمِ مِنْ أَمَلٍ ... لِصَدِّ قَلْبي فَلا تَأْتي بِبُهْتانِ
مَنْ يُنْكِرُ الْحُبَّ لا يَحْنو عَلى وَطَنٍ ... فَلَيْسَ في النّارِ مِنْ ماءٍ لِعَطْشانِ
وَلَيْسَ مِنْ رَحْمَةٍ في قَلْبِ مُنْكِرُها ... هَلْ تَبْتَغي عَسَلاً في فَمِّ ثُعْبانِ
عبدالعزيز الجميلي
ليبيا – طرابلس/ 10/4/1999