رحلَ الحمامْ
لم يبقَ منّي بعدَ أنْ حلَّ الظلامُ سوى الظلامْ
لمْ يبقَ بعدَ مواكبِ النّورِ البهيَّةِ في ضلوعي غيرُ ليلٍ مُوحِشٍ في غربةٍ
هي كلُّ ما سكنَ الضلوعَ بُعيدَ أنْ أضحتْ رُكامْ..
سكتَ الكلامْ
وتسلّقَ القمرُ العذولُ مدارجاً في تينةٍ كنّا زرعناها معاً ليطالَ أحضانَ السماءْ
لكنّه لمْ يلقَ مَنْ خانَ الأمانةَ إذْ نأَيْنا - حلوتي - ذاكَ المساءْ
فأشاحَ يخفي دمعةً وكأنّهُ ما كانَ يعذلُ عندنا يوماً.. ولمْ يرمِ السلامْ..
وبكى اليمامْ
رسلُ الإلهِ إلى القلوبِ ( كمنجةٌ.. وربابةٌ .. عودٌ ونايٌ..) أجهشتْ
والقلبُ أضحى حالكَ الشكوى.. كسيراً منذْ أنْ تاهَ المدى في سعيهِ بينَ الحقيقةِ والخيالْ..
وكأنّما قدرُ الدروبِ نهايةٌ فيها نضيعُ كأنّنا حتميّةٌ بيدِ الزوالْ
يا قلبُ غنِّ البعدَ آهاتٍ تئنُّ على المدى
فلقدْ تأخّرَ موعدي
والعمرُ يضنيهِ السّقامْ..
حلَّ الظلامْ
ما الّليلُ إنْ لمْ يحتوِ الحلمَ النديّ مسامراً وعداً أرقناهُ بعيداً حيثُ تهمي دمعةٌ
لا لنْ ترَيها يا .. صديقةُ .. في سراديبِ الظلامْ..
لمْ يبقَ منّي في المساءِ سوى المساءْ
والّليلُ ينثرُ زهرَهُ المغبرَّ في كبدِ السماءْ
وأنا أسائلُ نسمةً تغتالُ صومعتي الكئيبةَ هلْ حملتِ لحالمٍ منْ أرضِها
جوريةً أو فلةً أو قطْفةً منْ حبْقةٍ كنّا زرعناها كذلكَ، قبلَ أنْ يأتي الشّتاءْ؟
فتشيحُ عنّي وجهَها تخفي كلاماً ليسَ يحتاجُ الكلامْ!.
سقطَ السّحابْ
لكنّهُ لمْ يسقِ بيداءَ النّوى الممتدِّ في كونِ الغيابْ
سقطَ السحابُ وكلُّ شيءٍ في ركامي ظامئٌ
والغيثُ لا يروي الحطامْ!.
العيدُ عادْ..
وتبعثرتْ في سائرِ الأصقاعِ أمواجُ الحِدادْ
ومضى منَ العمرِ الشّقيِّ بدونِها،
عامٌ جديدٌ مقفرٌ
ونديمُ ليلي بعدها أضحى السُّهادْ
يا عيدُ هلْ منْ صوبِها تأتي بنهرٍ منْ دموعٍ.. ربّما..
يغفو بحضنِ البحرِ – حزني الّلا ينامْ-؟
اليومَ عيدْ!
ماذا سيعني العيدُ دونَ عيونها ترنو إليَّ بنظرةٍ سحريةٍ ولهى تقولْ :
الخيرُ أنتَ لكلِّ عامٍ يا شقيقَ القلبِ والعمرِ السعيدْ ..
وأغيبُ في عمقِ الصّبابةِ والذهولْ..
اليومَ عيدْ..
وهي البعيدةُ في المداراتِ القصيَّةِ كالأفولْ!
الكلُّ أفطرَ غير أَنّي ...لمْ أزلْ رهنَ الصّيامْ
الشّوقُ قامْ..
فمضيتُ أنهبُ دربَها الموجوعَ يحدوني الحنينْ
ومررْتُ كالغرباءِ .. شاهدتُ الزهورَ ، زهورَنا
واليومَ ما عادتْ لنا
ولقدْ حكتْ بمضاضةٍ ريحانةٌ.. والياسمينْ
فطويتُ دربي خائباً متعثِّراً بينَ الزُّحامْ..
مدنُ البنفسجِ كيفَ أعبرُ نحوَ مملكةِ القمرْ
لا الضّوءُ يدنيني .. ولا تلكَ المراكبُ تحتوي حزني الدفينْ
عندي خوابٍ عُتِّقتْ من ألفِ دهرٍ غابرٍ
عندي بحيرةُ ياسمينْ
وأنا على تلكَ الضّفافِ معذَّبٌ كَلِفٌ حزينْ
هل زورقُ الأيّامِ يحملني .. وقدْ ضيّعتُ أشرعتي على دِنٍّ وجامْ؟!
وقعَ القمرْ
لمْ أجنِ منْ أملي سوى حزنٍ.. وبعضٍ من وطرْ!
والعمرُ يمضي والقُتامُ يسودُه
وشعاعُ وصلٍ لي يلوحُ كنجمةٍ تغزو مدايَ المختصَرْ
والعمرُ يمضي حائراً ما بينَ آلافِ المواني والفِكرْ
كُوني بخيرٍ يا بنةَ القلبِ التي عبرتْ مسائي خلسةً..
فعسى أكونُ كما النّدى
للزهرِ يحفظُ سحرَهُ..
ولكِ السّلامْ