( حفلة في حاوية زبالة )
----------------

هل أنا كما أنا أم صرتُ شخصاً لا أعرفه؟ أين هم أصدقائي؟ لماذا مَن يشبهني تصدَّت له الحياة وبقي مَن لا أشبهه؟

ثمة مَن لا يتشابهون لماذا لا أكون واحداً منهم؟

من أين يأتي كل هؤلاء؟ هل حدث أن جاءوا بعد تكسِّر صحون وثورة واندلاع أكواب ماء من مخمور زعق بزوجته غاضباً ثم أدرك شناعة فعلته وانزوى في غرفة نومه كحيوان غوغائي؟

لم أفاجئ أحداً بإساءة قط ،بل كانوا يضعونني في برَّادهم لأكون المريح لعسر هضم أو لقمة محشورة في بلعوم، عسر الهضم لا يأتي جزافاً بل من لقف ولهف اللــُّقم السريعة الدسمة .

اللقمة الدسمة لها صيادها الماهر بينه وبين الحلال لعنة الفلس وبين الفلس ويديه صداقة دائمة، قابضة حيناً وفاردة حيناً، بل ما أقل أيَّامها المفرودة وما أكثر ساعاتها القابضة خاصة حين يطرق الباب صاحب حاجة أو عوز.
تنبسط وقت التظاهر بصفات الكرم لضيف صاحب نفوذ أو جاه، صاحبٌ يحافظ على امرأة واحدة ويعبث بعشرات، أو لشخص يتمتع بإجازة ضمير أو فيلسوف يفلسف الأمور على هواه ووفق رغبته وأطماعه.

لكل شيء بالحياة تألـُّمه، من حقي أن أتألـّم أحياناً الألم العميق يتحول إلى فرح، اليوم أنا جداً فرح لأني سمعت أصوات سكارى جاهدوا لتتصلب أجسادهم ورموا علب بيرة فارغة، حقيقة الإنسان تافه لماذا يبول المخمور ذو الشعر الطويل على رأسي؟ لم يحلُ له غير صفيح الزبالة ليفرغ ما بمثانته ربما هناك من يبول عليه، أو يُملي مثانة الحياة لتبول عليه هي الأخرى.
يمكن العـُرف هو الفساد أو من شروط الحيوية أن تتخلى عن زوجتك وتلاحق الكلاب بين الحارات، الكلاب همَّها حراستنا وصفيح الزبالة وهم همَّهم مرحلة ما بعد البول.

نطّت قطة شاردة من مطاردة قط واختبأت بين علب كوكاكولا وسفن آب،
تعثرت بزجاجات النبيذ وأطلقت ليديها حرية النبش عن عظمة أو قطعة لحم من فضلات ابنة وزير أو ابن مومس. حين لم تجد ما يغري حاسة الشم نطت راكضة تستدرج القط إلى صفيحة أخرى.

أنا فارغ شربوا مائي ورموني والباقون لهم رائحة الجثث، نحن كائنات حية، ماء، خضرة، زهور، فاكهة، لحم، سمك، بط، كلنا كائنات حية لكن الأنذال متساوون بالإثم، ديمومة حياتهم بقتل حياتنا.

يتشابهون فيما يكمن بنفوسهم، ويختلفون فيما يكمن بجيوبهم وعقولهم وضمائرهم. نحن نتشابه بفطرتنا بسجيتنا المتواضعة الصامتة.

قررتُ أنا بُطل الماء أن أفاتح بقيَّة أخوتي بما لا يزعج الجيران ولا يغيّر طراز حياة الشاذين أو خدم المطابخ المنزعجين من مسرح أحداث لا يجرؤون على رفضها أو انتقادها ولو طرفة عين، أن نحتفل مثلهم.

من يسكن خارج الصفيحة مشروع تربوي ونحن مشروع نتن، هم من أصول نبيلة ونحن المُحتـَـقـَرون المُهانون المستسلمون للتقطيع والنهب النهم ولكل الأفعال المقتدر عليها من قبل ما اسميهم نبلاء الأفعال.

إذاً لنرقص أحبتي احتضنوا بعضكم ارقصوا دوروا في حدود مساحة الصفيح، مجـِّدوا لذتكم وشعوركم بالبهجة، لستم البائسين وحدكم.

الأغنياء بائسون، هم لصالح الخلاف يرقصون ونحن لصالح التصالح مع بعضنا نرقص، ارقصوا هذا زمن الرقص.

علب المشروبات الغازية مجَّدت من تراقصه وانتشت، بطل نبيذ بطل عرق بطل وسكي المهم بطل، أنا لم أعثر على بُطـْلة ، دعوني أأنـِّث اسمي، منذ أن خلقني صانعي وهبني اسم الذكور، أعرف أن زوجته لا تلد له الذكور لذلك أعطيته الحق وقت صنعني وهبني اسم بطل أو ربما هو شاذ ، إذا كان شاذاً سأعذره.

لماذا لا أراقص شبيهي، دعوني أبحث عن شبيهي، في الخارج كلٌ وشبيهه يرقص.
المتشابهون يرقصون، يلعبون، يشتمون المهم الرقص. القاتلون متشابهون والمقتولون أيضاً، أنا مَن يشبهني؟

الفئران يمكنها التفوق على الرقص، تدخل بيوت الأثرياء وترقـِّصهم على الحبل، لا أحد يلحقها، سرعتها خفيفة حتى القطط المدللة في المنازل لا تستطيع كونها تعودت تصحو متأخرة بعد سهرة طويلة قرب سيدتها أو سيدها، سمنت وثقلت.

هي الآن ترقـِّص مجتمع الصفيح على الحبلين، كلـَّما اهتز الصفيح وفاحت رائحته تجمعت أسرابها فاردة شواربها باتجاه العطن، وكلـَّما عبثت ريح بالعطن تدحرجتُ أنا إلى التيه.
مسكين مجتمع الصفيح كل من جاء رقـَّصك.

سلالة أسرتي اسمها نبع كيف أصلها وأمتلئ؟
حين أمتلئ أثقل وبوزني أعاند الريح لأتخذ مكاناً أو شارعاً لا تتسيـَّد فئرانه.

منذ هروبي من صفيح الزبالة مازلت صفيح محاولاتي أنكبُّ على رأسي
أنهض وأقع متخيلا أن مؤنث بطل سيصنعها ماهر في مصنعه زوجته لا تلد الإناث فيسميها" بُطلة أو يدللها " بُطيلة"، كل ما أتمناه أن صانع شبيهتي بُطلة لا تكون امرأة شاذة حيث هنا لا عذر.