منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    ظاهرة الأدب الصهيوني / محمد توفيق الصواف

    ظاهرة الأدب الصهيوني / محمد توفيق الصواف


    مقدمة المؤلف
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    بدأت صلتي بظاهرة الأدب الصهيوني، منذ ربع قرن تقريباً، إثر اختياري أحد جوانبها ليكون موضوعَ الرسالة التي عزمتُ التقدُّم بها إلى جامعة دمشق لنيل درجة الماجستير في الأدب المقارن، والتي كان عنوانها: (صورة الآخر في الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية). ومع أن ظروفاً قاهرة حالت دون مناقشة هذه الرسالة جامعياً، ثم حالت دون طباعتها، لاحقاً، في كتاب مُتدَاوَل بين قراء العربية، إلا أنني لم أتوقف، طيلة السنين الماضية، عن الاهتمام بهذه الظاهرة والعمل فيها، بحثاً وتنقيباً.
    وخلال هذه المدة الطويلة، نشرتُ في الكثير من الصحف والمجلات والدوريات العربية، العديد من الدراسات والأبحاث المطوَّلة والمقالات القصيرة، تناولتُ في غالبيتها جوانب مختلفة من ظاهرة الأدب الصهيوني، قبل قيام إسرائيل وبعده، مركزاً على جانبها الإسرائيلي. وقد أثار ما نشرتُه عن هذه الظاهرة، ردودَ فعل عربية متباينة، تراوحت بين نقيضَيْ التشجيع والرفض، لأسباب أهمها اختلاف وجهات النظر العربية بين ضرورة دراسة العرب لهذه الظاهرة وضرورة تجاهلها لتوَهُّم أن تؤدي دراستها إلى نتائج سلبية على سيرورة الصراع مع إسرائيل، في مقدمتها تشجيع التطبيع معها.
    وعلى الرغم من كثرة ما نشرتُه عن هذه الظاهرة، ظللتُ أشعر أنني لم أَفِها ما تستحق من بحث وتحليل وإبانة، لذلك ظل إصدار كتاب جامع عنها، أتناول فيه مختلف جوانبها، حلماً يراودني، لاسيما وأن مجال البحث فيها ما يزال بكراً، في وطننا العربي، حتى اليوم.. لكنني لم أتمكن، إلى الآن، من تجسيد حلمي بإصدار مثل هذا الكتاب الجامع واقعاً، على أهمية موضوعه وخطورته، وذلك لأسباب كثيرة، في مقدمتها ضخامة حجمه التي تجعل من طباعته مغامرة باهظة التكلفة مادياً. الأمر الذي أدى إلى بقاء مادته قابعة في دائرة الحلم العصي على التحوُّل إلى كتاب متداوَل، حتى الآن.
    ثم خطَرَ لي أن أقوم بتلخيص تلك المادة البحثية الكبيرة، في كتاب يكون مقبول الحجم، يسهل نشره. ولخشيتي أن يتحوَّل تلخيصي لها إلى تقزيم، على طريقة السرير الروماني، فتخرج للناس ناقصة مشوهة، عانيتُ في اختصار مادتها أكثر من معاناتي في تأليفها، حتى جاءت على النحو الذي يضمُّه هذا الكتاب الصغير الذي تضمَّن، بالإضافة إلى مقدمتي هذه، مدخلاً للتعريف بمصطلح (ظاهرة الأدب الصهيوني)، وتحديد مشتملات ساحته الدلالية؛ يليه خمسة فصول، قدمتُ في أولها إطلالة سريعة على نشأة ظاهرة (الأدب الصهيوني) والعوامل الرئيسة التي ساهمت مجتمعةً، في تشكيل هذه الظاهرة.. ثم بدأتُ من الفصل الثاني، باستعراض أهم موضوعات (الأدب الصهيوني)؛
    فتحدثتُ في الفصل الثاني عن موضوع (تأكيد "البعد القومي" للديانة اليهودية)، مستعرضاً أهم ثلاثة من مكوِّنات هذا البعد، وهي، على التوالي: زعم (النقاء العرقي والتفوق المطلق)، الزعم بـ (وحدة التاريخ اليهودي واستمراره)، مزاعم (الثقافة اليهودية المشتركة، واللغة القومية الواحدة).
    ثم تحدثتُ في الفصل الثالث، عن مفهوم (اللاسامية) في الأدب الصهيوني، ومزاعمها ووظائفها.
    أما الفصل الرابع، فقد خصَّصته للحديث عن أهم موضوع في أيديولوجية الصهيونية وأدبها، على السواء، وهو (صورة الأرض الفلسطينية)، محاولاً إبراز أهم أبعاد هذه الصورة، كما رسمها عدد من أبرز أدباء الصهيونية وإسرائيل، في نتاجاتهم الأدبية، قبل إقامة إسرائيل، وبعد إقامتها.
    ثم خصَّصتُ الفصل الخامس، للموضوع المحوري الرئيس الثاني، في أدب الصهيونية وإسرائيل، وهو (صورة العربي)، فبيَّنتُ بإشارات سريعة، كيف بدت أهم ملامح العربي في بعض ما أمكنني الإطلاع عليه من نصوص هذا الأدب.
    هذا، ومن الجدير بالإشارة هنا، أن ما أوردته، في الفصول السابقة، ليس كل موضوعات الأدب الصهيوني، فثمة موضوعات رئيسة أخرى، لم يتسع صدر هذا الكتاب الصغير لاستيعاب الحديث عنها، ومن أهمها (موضوع الحرب والسلام)، على سبيل المثال.. كما أعترفُ بأن ما تمَّ عرضه من الموضوعات، آنفة الذكر، يعتوره الكثير من النقص، لأن اضطراري لإيجاز الحديث عن هذه الموضوعات جاء على حساب الكثير من المعلومات والمعطيات الهامة المتصلة بها.
    ومن مظاهر النقص الأخرى التي يعاني منها هذا الكتاب أيضاً، التحليل الفني لنصوص الأدب الصهيوني؛ مع أنني حاولت، ما وسعتني المحاولة، تلافي بعض هذا العيب، أثناء عرضي لبعض الشواهد الشعرية والنثرية، بإيجاز شديد، يشير إلى أهم سمات البنى الفنية لنصوص هذا الأدب، وإلى أهم وظائفها، لكن ذلك كله لا يعدو كونه مجرد إشارات سريعة لا تكفي لإضاءة هذا الجانب الهام جداً من جوانب الأدب الصهيوني الشديد التنوع في بُناه الفنية.
    وبعد، فهذا جهدُ المُقلّ، لذا تُراني مدفوعاً إلى الاعتراف، سلفاً، بما يعانيه هذا الكتاب من عيوب، أرجو من الله أن يعينني على تلافيها، في كتاب موسَّع، أُكمل فيه ما اضطرني الاختصار إلى إغفاله، في هذا الكتاب الذي آمل أن يسدَّ ثغرة في مكتبتنا العربية، يحتاج سدُّ بعضها إلى جهود كثير من الباحثين العرب.
    وأخيراً، أرجو من الله الذي أتوجه، بعملي المتواضع هذا، إليه وحده، أن يجعله مفيداً لمن يقرأه من عباده، لعله باستفادتهم أن يقبله مني ــ سبحانه ــ ويقبلني به واحداً من العاملين في سبيله، إنه هو السميع العليم.



    </I>































    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    الفصل الأول - إطلالة على نشأة ظاهرة (الأدب الصهيوني) وعوامل تشكلها

    يمكن التأريخ لبدايات تشكل هذه الظاهرة، بظهور أولى نصوص الأدب الأوروبي المُتَضَمِّنَة أفكاراً وأطروحات صهيونية، بغض النظر عن كون مؤلفيها يهوداً أو غير يهود، وذلك اعتماداً على تبني الحركة الصهيونية لمعظم هذه الأفكار والأطروحات، إثر تبلورها كحركة سياسية، في أعقاب انعقاد مؤتمر (بال) بسويسرا، عام 1897.. وهو العام الذي يمكن اعتباره، من الناحية النظرية/المنهجية فقط، شبه حد فاصل بين نهاية مرحلة النشأة، وبداية المرحلة التالية من مراحل تطور ظاهرة الصهيونية الأدبية...
    وفي الواقع، تقود نتائج محاولة التحديد التأريخي لبدايات نشأة الصهيونية الأدبية إلى الاعتقاد باحتمال أن يكون عام 1667 هو تاريخ صدور أول نص أدبي أوروبي تضمن إشارات يمكن توصيفها بأنها صهيونية، وهذا النص هو ملحمة (الفردوس المفقود) للشاعر الانكليزي المشهور (ميلتون). وعلى افتراض صحة الاعتقاد بأن هذه الملحمة هي أول نص أدبي أوروبي تضمَّن إشارات صهيونية، تكون الفترة الزمنية التي استغرقتها مرحلة نشأة ظاهرة الصهيونية الأدبية، من بدايتها إلى نهايتها المفترضة، هي تلك الممتدة بين عامي/1667/و/1897/. وهذا يعني أن ولادة الصهيونية الأدبية قد سبقت ولادة الحركة الصهيونية، في مؤتمر (بال) بمائتين وثلاثين سنة...
    وهنا، ثمة سؤال: تُرى ما الذي دفع شاعراً أوروبياً كبيراً مثل (ميلتون)، ثم دفع بعض مَن تلَوه مِن أدباء أوروبا، إلى طرح تلك الإشارات التي بشرت بولادة الصهيونية السياسية؟
    لا شك أن الإجابة عن هذا السؤال تقود، تلقائياً، إلى ضرورة التعرف على أهم العوامل التي ساهم مجموعها في تكوين بذور ظاهرة الصهيونية الأدبية، في الأدب الأوروبي، والتعرف، أيضاً، على كيفية نمو هذه البذور، فيما بعد..

    أبرز العوامل التي ساهمت في تشكيل ظاهرة الصهيونية الأدبية:
    لعل أول ما يتضح للباحث أن هذه العوامل ليست من نوعية واحدة، وإن أدت آلية تفاعلها مع بعضها، عن قصد أو بدون قصد، إلى تشكُّل ظاهرة الصهيونية الأدبية، وإلى المساهمة في تشكُّل ما زامن نشأة هذه الظاهرة وتلاها من فِكْر الصهيونية السياسية وأهدافها.. فبين هذه العوامل ما هو ديني، وبينها ما هو فكري أو سياسي أو اقتصادي أو ثقافي؛ وبينها، أيضاً، ما هو أوروبي صرف، وما هو يهودي صرف، وما هو أوروبي/يهودي مشترك... وفي ما يلي إشارة سريعة إلى مساهمة كل واحد من هذه العوامل، في تشكل ظاهرة الصهيونية الأدبية..



    أولاً، البروتستانتية:
    ربما ليس مفاجئاً الزعم بأن البروتستانتية، وفي الإطار العام لثورتها على وصاية الكنيسة الكاثوليكية ومركزيتها وسلطانها المطلق على جميع مسيحيي العالم، ساهمت، منذ بداية انطلاقتها، في القرن السادس عشر، باستيلاد الصهيونية الأدبية، ثم الفكرة الصهيونية، في أوروبا.
    ولعل من المنطقي أن هذه المساهمة لم تصنعها، بدايةً، رغبة البروتستانتيين في إنصاف يهود العالم آنذاك، من موقف الكنيسة الكاثوليكية المعادي لهم والمزدري لديانتهم وتوراتهم، بل صنعها اعتقادهم بأن (المسيحية كانت نتاجاً لليهودية إلى حد بعيد)([i])، وأن العهد القديم هو الجزء الأول والأساس من كتاب المسيحيين المقدس...
    وعلى هذا، يمكن الزعم بأن ما حصل عليه اليهود وديانتهم وتوراتهم من مكاسب، بتأثير البروتستانتية، لم يكن أصلاً، بين أهداف هذه الثورة الإصلاحية المسيحية، وإنما كان من أهم النتائج البارزة لحركيتها ضد استمرارية هيمنة الكنيسة الكاثوليكية.
    لكن، أياً كانت دوافع البروتستانتية، آنذاك، فقد ساهمت نتيجة حركيتها ضد الكاثوليكية في تحويلها إلى واحد من أهم العوامل الأكثر تأثيراً في إحداث ما طرأ على نظرة الأوروبيين ومواقفهم تجاه اليهود، من متغيرات، وخصوصاً على الصعيد الديني، إذ تمَّ تغيير الكثير من ثوابت نظرة الأوروبيين السلبية لليهود وديانتهم وتوراتهم، إلى اتجاه يُعدُّ نقيضاً لاتجاه النظرة الأوروبية التقليدية التي رسختها الكنيسة الكاثوليكية، لقرون طويلة، والتي بموجبها (كان اليهود يعتبرون مارقين، ويوصمون بأنهم قتلة المسيح)، وأتباع (ديانة دنيا)([ii]).
    ولعل من أهم ما ساعد على إحداث هذا التغيير، إيلاء البروتستانتيين العهدَ القديم اهتماماً كبيراً لقناعتهم بأنه يُشكل الجزء الأكبر والأسبق ظهوراً من كتاب المسيحيين المقدس. وقد تجلى هذا الاهتمام بنظرتهم إليه نظرة جديدة، تمثلت بدعوتهم إلى ضرورة العودة المباشرة إلى نصوصه، لقراءتها وتفسيرها من جديد تفسيراً بعيداً عن اجتهادات الكنيسة الكاثوليكية وآرائها المتزمتة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن بين أهم نتائج تمسُّك البروتستانتيين بحرفية الكتاب المقدس في تفسيرهم الجديد له، إثارة اهتمام متزايد بالعبرية، اللغة الأصلية للعهد القديم، حين نادوا بضرورة معرفتها لقراءته بها، كي يتم فهمه فهماً صحيحاً؛ فكان أن ساهموا بذلك، في تسارع إحياء هذه اللغة التي كانت شبه ميتة وانبعاث الفكر اليهودي المدوَّن بها وشيوعه، وازدياد محاولات إحياء التراث الأدبي المرتبط بهأيضاً([iii]).



    ثانياً، حركة التنوير الأوروبية:
    باعترافها أن لكل مسيحي الحق في تفسير الإنجيل والتوراة بحرية([iv])، ساهمت البروتستانتية في تهيئة المناخ الملائم لانبعاث النهضة الأوروبية الحديثة، ممثلة بما عُرف، في حينه، بـ (حركة التنوير الأوروبية = Enlightenment) التي كان هدفها الغائي المعلن توفير حرية التفكير والتعبير لكل كائن بشري، في سائر مجالات الحياة وميادينها، بما فيها المجال الديني([v]). وهو ما يعني، عملياً، نبذ التعصب وإحلال التسامح الديني محله ([vi])..
    وهكذا، بدأ القرن السابع عشر يشهد، تحت راية هذا الهدف الغائي لحركة التنوير الأوروبية، تعاطفَ عدد من العلماء والفلاسفة الأوروبيين مع اليهود..
    وما إن حل القرن الثامن عشر، حتى ازداد تسارع هذا التعاطف، واتسع نطاقه، ليظهر في كتابات عدد من أشهر رواد الفكر الأوروبي، أمثال: الفيلسوف (جون لوك) واضع النظرية السياسية الليبرالية، و(اسحاق نيوتن) العالم المشهور الذي لم يتردد في وضع جدول زمني للأحداث التي ستفضي إلى عودة اليهود إلى أرض فلسطين، متوقعاً في ثنايا نبوءته هذه تدخل قوة أرضية تساعد على تحقيق تلك العودة([vii])، وعالم اللاهوت البروتستانتي (جوهان جوتفرايد هارد) الذي دفعه إعجابه بالعهد القديم إلى حد الادعاء بتفوق (النبوغ العبري)، وبأن العبرانيين القدامى كانوا (أمة فريدة مستقلة عن سائر الأمم، ولها روحها الخاصة المتميزة)([viii]). هذا بالطبع، دون أن ينتفي تماماً ظهور كتابات فلسفية أوروبية مناهضة لليهود ولنموذج التفكير البروتستانتي والتنويري/الأوروبي تجاههم.



    ثالثاً، الأدب الأوروبي:
    يتبين لكل من يراجع التطورات الدينية والفكرية التي شهدتها أوروبا، منذ فجر نهضتها، في القرن السادس عشر، أن معظم نتائج هذه التطورات قد وجدت طريقها إلى صفحات الأدب الأوروبي، وأثرت فيه تأثيراً عميقاً ومهماً.. فمن جهة، ساهمت هذه النتائج في نشأة عدد من أهم مذاهبه المعروفة، ولاسيما الكلاسية الجديدة والرومانتية؛ ومن جهة أخرى، أدى تسرب أطروحات البروتستانتية، حول اليهود، لعالَم ذلك الأدب إلى تَحوِّل أساطير العهد القديم وقصصه وأبطالهما إلى مصدر إلهام لعدد من كبار أدباء عصر النهضة الأوروبيين الذين ساهمت كتاباتهم بميلاد الصهيونية الأدبية، ثم الفكرة الصهيونية.. وفي مقدمة هؤلاء الأدباء:
    في إنكلترا، الشاعر (ميلتون) الذي يُعدُّ أول من بشر بولادة الصهيونية في ملحمته الشهيرة (الفردوس المفقود)، ثم تبعه بعض كبار الأدب الإنكليزي من أمثال الشعراء: (الكسندر بوب)، (وليم بليك)، (اللورد بايرون)، (وليم وردزورث)، (روبرت براوننج) وآخرون. ولم يقتصر التبشير بالصهيونية وأهدافها على الشعر، بل تعداه إلى الرواية الإنكليزية، كما نلاحظ في بعض أعمال عدد من مشاهيرها القدامى أمثال: (والتر سكوت)، و(جورج إليوت). أما في فرنسا، فقد ظهرت إشارات قوية مستوحاة من التوراة، في كتاباتٍ مبكرة لبعض مشاهير الأدب الفرنسي من أمثال: (جين بابتست راسين)، و(جان جاك روسو). وفي ألمانيا، حاز الشاعر (لسنغ) قصب السبق في إدخال الموضوع اليهودي إلى الأدب الألماني. أما في سويسرا، فقد اختار الشاعر (يوحنا جاكوب بودمر) لشعره شخصيات من العهد القديم([ix]).
    وبالتأكيد، ثمة آخرون من الأدباء الأوروبيين غير اليهود، لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً، فعلوا فِعلَ من ذكرتُ آنفاً، وحذوا حذوهم، جرَّاء تأثرهم بمبادئ البروتستانتية، بالدرجة الأولى، إلا أن هؤلاء وأولئك روَّجوا، فيما كتبوه، قاصدين أو بدون قصد، لأفكار تبنتها الحركة الصهيونية، فيما بعد، وصارت من أهم طروحاتها وأهدافها، مثل: (عودة اليهود إلى فلسطين)، و(شعب الله المختار) وغيرهما..
    ولم تكن أطروحات البروتستانتية وحدها التي تسربت إلى الأدب الأوروبي وأثرت فيه، بل شاركتها هذا التأثير أطروحات حركة التنوير أيضاً؛ وقد نجم عن تأثير هاتين الحركتين، في ذلك الأدب، نتائجَ كان من أهمها، بروز النزعات الثلاث التالية جليةً على صفحات معظم أدبائه:
    آ ـ النزعة الفردية، أو حرية الفرد في التفكير والاعتقاد والتعبير ورفض الوصاية عليه من الآخرين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو حكومات. ومع تنامي الثورة الصناعية واتساعها، صار مفهوم الحرية الفردية محور الاقتصاد البرجوازي أيضاً، ثم انتقل هذا المفهوم إلى المجال السياسي ليكون بين أهم العوامل التي ساعدت، عام 1789، في تفجير الثورة الفرنسية التي كانت الحرية أولى شعاراتها الثلاثة، إلى جانب الإخاء والمساواة.. وربما لهذا، يمَّمَ د. هاني الراهب شطر الاعتقاد بأن الفضل في ظهور فكرة (اليهودي الطيب)، في الأدب الأوروبي، يعود إلى الثورتين الصناعية والفرنسية (اللتين غيرتا طبيعة العلاقات بين اليهود والأوروبيين)([x]).
    ب ـ النزعة الإنسانية التي نمت واتسع نطاق انتشارها بتأثير مبادئ البروتستانتية وحركة التنوير اللتين أدى تركيزهما على مبدأ الحرية الفردية في التفكير والاعتقاد والتعبير، في جملة ما أدى إليه، إلى المساهمة في إحلال أجواء التسامح الديني والانفتاح الفكري محل أجواء التعصب والتزمت التي سادت أوروبا في ظل هيمنة الإقطاع والكنيسة الكاثوليكية. وهذا، بدوره، ساهم في تغيير نظرة الأوروبيين وموقفهم من اليهود.. وقد تم التعبير عن هذا التغيير أدبياً، فيما بعد، بابتداع شخصية (اليهودي الطيب) وإحلالها محل شخصية (اليهودي الشايلوكي) التي كانت أقرب إلى نظرة الكنيسة الكاثوليكية وموقفها من اليهود..
    ج - النزعة العقلانية التي اجتذبت عقول المثقفين الأوروبيين، في شتى مجالات الحياة ومناحيها، بفعل تقدم العلوم، ولاسيما المتصلة بحقلي الرياضيات والفيزياء. فقد أدت الاكتشافات العلمية المتلاحقة إلى إغراء الطليعة الأوروبية المثقفة، في عصر النهضة، بالدعوة إلى إحلال العقل والتفسير العقلي/المادي محل الأفكار التقليدية للمسيحية وما يتصل بها من تفسيرات غيبية للواقع. وقد ظل الاتجاه العقلاني في تنامٍ مطرّد حتى (عُدَّ العقل مفتاحاً لكل الأمور)([xi]).
    وقد صحب ذلك التطور ظهور الصحافة وبدء انتشار الكتب، ليساهما في انتقال مبادئ العقلانية إلى حقل الأدب، والإعلان عن ولادة ما صار يُعرف، في تاريخ الأدب الأوروبي، بالمدرسة الكلاسية (Classicism) أو الاتباعية الجديدة التي يُعدَُ من أبرز ما يميزها، تمحور معظم مضامين نتاج أدبائها حول مبادئ العقلانية والإنسانية والفردية.. وهي ذات المبادئ التي سنلاحظ، تالياً، تأثُّر حركة التنوير اليهودية (الهسكلاه) بمعظمها، على نحو من الأنحاء، ولاسيما مبدأ العقلانية..
    وبعد، ففي ضوء ما سبق، قد لا يكون خطأ الزعم أن البروتستانتية وحركة التنوير الأوروبية هيأتا، قاصدتين أو بدون قصد، التربة المناسبة والمناخ الملائم لولادة ظاهرة الصهيونية الأدبية، في أحضان الأدب الأوروبي غير اليهودي، بداية، ثم الأدب الأوروبي اليهودي. ذلك أن أطروحات هاتين الحركتين ساهمت، مع عوامل أخرى، في صنع تعاطف أدباء التنوير الأوروبي وعلمائه وفلاسفته، مع اليهود، ثم ساهمت كتابات هؤلاء وأولئك، في إشاعة الأفكار التي كونت، لاحقاً، النسيج الفكري للأيديولوجية الصهيونية وأساطيرها، كما ساهمت في جعل ما ورد في العهد القديم من تاريخ العبرانيين ومعتقداتهم وقوانينهم، بالإضافة إلى أرض فلسطين، أموراً مألوفة في الفكر الغربي.
    رابعاً، بدعتا (المشكلة اليهودية)، و (العداء للسامية):
    بالإضافة إلى تأثير المتغيرات التي طرحتها الثورات الدينية والفكرية والأدبية، ساهمت الثورة الصناعية التي سرَّع تطوُّرُها انتقالَ المجتمعات الأوروبية من الإقطاع إلى البرجوازية، في خلخلة الكثير من بنيات الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات، وبضمنها وضع اليهود.
    فصحيح أن الاهتمام البروتستانتي بكتاب العهد القديم صيَّره، (المرجعَ الأعلى للسلوك والاعتقاد)([xii]) بين بعض الأوروبيين، وساهم، مع كتابات بعض كبار فلاسفتهم وأدبائهم، في تغيير نظرتهم إلى أحفاد أولئك الذين (أُنزل) عليهم ذلك الكتاب، لكن هذا التغيير لم يمنع تصادم الطرفين مجدداً، على أرضية تضارب مصالحهما الاقتصادية، في أعقاب انتقال أوروبا من الإقطاع إلى البرجوازية.. إذ لم يعد ممكناً استمرار بقاء اليهود على هامش العملية الإنتاجية، كما كان شأنهم في المجتمع الإقطاعي، وبالتالي، صار لزاماً عليهم أن يختاروا بين الانخراط في هذه العملية والاندماج في بنية المجتمع البرجوازي الناشئ، أو الارتداد إلى مزيد من التقوقع في معازلهم للحفاظ على ما يسمونه (خصوصيتهم اليهودية) المميزة، والدخول في صراع مرهق مع أبناء المجتمعات التي يعيشون فيها..
    في البداية، نشب الصراع قوياً بين مؤيدي الاندماج ومعظمهم من اليهود التنويريين، ومؤيدي استمرار العزل الجيتوي ومعظمهم من الحاخاميين، خشية زوال سلطتهم المطلقة داخل الجيتوات الشبيهة بسلطة الكنيسة الكاثوليكية على مسيحيي العالم. لكن، مع نمو المجتمعات البرجوازية، واتساع نطاق الثورة الصناعية، في أوروبا، وما أدى إليه اتساعها من تباين وتضارب في المصالح الاقتصادية بين بلدانها، بدأ مسار الموقف الأوروبي من اليهود يتخذ منعطفاً جديداً، ليس دينياً فقط، هذه المرة، ولا فكرياً فقط، بل سياسياً ذا خلفية ودوافع اقتصادية أيضاً. ومن هذا المنعطف، برزت بين الانعزاليين والاندماجيين، فئة ثالثة، تُناهضهما معاً، في دعوتها إلى:
    ً1) تفريغ أوروبا الرأسمالية من يهودها غير المنتجين([xiii])، وتوطينهم في مكان يخدم موقعُه أهدافَ مخططها الاستعماري.
    ً2) تمويه هذا التوجه، على خلفية تنامي النزعة القومية في أوروبا، بالزعم أن اليهودية رابطة (قومية) وليست دينية فحسب، وبالتالي، فاليهود (أمة) ذات امتداد تاريخي طويل.. ثم بالزعم أن هذه الأمة قد تعرضت للاضطهاد، منذ وجودها، وستسمر مضطهَدَة، إلا إذا تمت إعادتها إلى (وطنها) الذي اختيرت فلسطين لتكون مسرحه، تحت غطاء ذرائعي من ركام الأفكار الدينية التي سبق أن استوحتها البروتستانتية من العهد القديم..
    وعلى أرضية هذا الزعم، قويت معارضة العديد من الأوساط الأوروبية اليهودية وغير اليهودية، لفكرة اندماج اليهود في مجتمعاتهم.. بحجة أن الاندماج لا يمكن أن يكون حلاً لما سُمي بـ (المشكلة اليهودية) التي تمَّ ابتداعها وربطها ببدعة أخرى سُميت بـ (العداء اللاسامي) لليهود الذي وُصف بالتاريخي، وزُعِم بأنه سيستمر ما استمرت اليهودية قائمة، في العالم، كرمز لديانة و(قومية) في آن معاً...
    وقد لا يبدو مُستغرَباً أن يكون معظم المروجين لبدعة (اللاسامية) من رواد الحركة الصهيونية، لاحقاً.. بل ثمة من يعتقد أن اللاسامية (غائية عند منظري الفكر الصهيوني لإرغام اليهود على الالتفاف حول الأطروحات الصهيونية السياسية)، وأن اللاسامية التي تزامن ظهورها مع إعطاء اليهود حقوق المواطنة في الكثير من البلدان الأوروبية، ليست، في جوهرها، إلا اختراعاً صهيونياً([xiv])، (وإلا كيف يُفسَّر سنُّ قوانين المساواة بضغط الجماهير الأوروبية ومناوأة اليهود لها؟)([xv]).




    هوامش هذا الفصل:

    [i]) رجينا الشريف، (الصهيونية غير اليهودية، جذورها في التاريخ الغربي)، ترجمة عبد الله عبد العزيز، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، العدد (96)، 1985، الكويت، ص: (30).


    [ii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص (29).


    [iii]) للتوسع، انظر: (رجينا الشريف)، مرجع سابق، ص: 34/35/36.


    [iv]) د. عادل العوا، المعتزلة والفكر الحر، الطبعة الأولى، دون تاريخ، دار الأهالي، دمشق، ص(12).


    [v]) د. عادل العوا، مرجع سابق، ص(12) .


    [vi]) د. عادل العوا، ص: (16).


    [vii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص: (79).


    [viii]) المرجع السابق، ص(81ـ82).


    [ix]) لمزيد من الاطلاع والتوسع، انظر رجينا الشريف، مرجع سابق، الصفحات من (75) حتى (101).

    [x]) د. هاني الراهب، الشخصية الصهيونية في الرواية الانكليزية، الطبعة الثانية، 1979، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص: (19).


    [xi]) د. حسام الخطيب، (الأدب الأوروبي، تطوره ونشأة مذاهبه)، الطبعة الأولى، /1972/، مكتبة أطلس، دمشق. ص: (114-115).

    [xii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص: (30/31).


    [xiii])خصوصاً بعدما صار من غير المسموح لليهود أن يستأثروا بممارسة الربا، كما كان شأنهم في المجتمع الإقطاعي، بعد ممارسة الكنيسة وأتباعها لهذا النشاط الاقتصادي.. انظر بديعة أمين، (المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية)، طبعة أولى، 1974، دار الطليعة، بيروت، ص: (41).


    [xiv]) وهذا ما يؤكده (اسحق دويتشر) بقوله: (فمنذ حين من الوقت، ولنقل مع بداية القرن ـ يقصد القرن التاسع عشرـ كانت "الهوية المحددة ايجابياً" لليهود في دور التحلل. وبعد كل شيء، ظهرت الصهيونية كاعتراض على ذلك التحلل). اسحق دويتشر، (دراسات في المسألة اليهودية)، تعريب مصطفى الحسيني، طبعة أولى، 1871، دار الحقيقة، بيروت، ص: (42).


    [xv]) جودت السعد، الشخصية اليهودية عبر التاريخ، الطبعة الأولى، 1985، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص (123ـ124).



    يمكن التأريخ لبدايات تشكل هذه الظاهرة، بظهور أولى نصوص الأدب الأوروبي المُتَضَمِّنَة أفكاراً وأطروحات صهيونية، بغض النظر عن كون مؤلفيها يهوداً أو غير يهود، وذلك اعتماداً على تبني الحركة الصهيونية لمعظم هذه الأفكار والأطروحات، إثر تبلورها كحركة سياسية، في أعقاب انعقاد مؤتمر (بال) بسويسرا، عام 1897.. وهو العام الذي يمكن اعتباره، من الناحية النظرية/المنهجية فقط، شبه حد فاصل بين نهاية مرحلة النشأة، وبداية المرحلة التالية من مراحل تطور ظاهرة الصهيونية الأدبية...
    وفي الواقع، تقود نتائج محاولة التحديد التأريخي لبدايات نشأة الصهيونية الأدبية إلى الاعتقاد باحتمال أن يكون عام 1667 هو تاريخ صدور أول نص أدبي أوروبي تضمن إشارات يمكن توصيفها بأنها صهيونية، وهذا النص هو ملحمة (الفردوس المفقود) للشاعر الانكليزي المشهور (ميلتون). وعلى افتراض صحة الاعتقاد بأن هذه الملحمة هي أول نص أدبي أوروبي تضمَّن إشارات صهيونية، تكون الفترة الزمنية التي استغرقتها مرحلة نشأة ظاهرة الصهيونية الأدبية، من بدايتها إلى نهايتها المفترضة، هي تلك الممتدة بين عامي/1667/و/1897/. وهذا يعني أن ولادة الصهيونية الأدبية قد سبقت ولادة الحركة الصهيونية، في مؤتمر (بال) بمائتين وثلاثين سنة...
    وهنا، ثمة سؤال: تُرى ما الذي دفع شاعراً أوروبياً كبيراً مثل (ميلتون)، ثم دفع بعض مَن تلَوه مِن أدباء أوروبا، إلى طرح تلك الإشارات التي بشرت بولادة الصهيونية السياسية؟
    لا شك أن الإجابة عن هذا السؤال تقود، تلقائياً، إلى ضرورة التعرف على أهم العوامل التي ساهم مجموعها في تكوين بذور ظاهرة الصهيونية الأدبية، في الأدب الأوروبي، والتعرف، أيضاً، على كيفية نمو هذه البذور، فيما بعد..

    أبرز العوامل التي ساهمت في تشكيل ظاهرة الصهيونية الأدبية:
    لعل أول ما يتضح للباحث أن هذه العوامل ليست من نوعية واحدة، وإن أدت آلية تفاعلها مع بعضها، عن قصد أو بدون قصد، إلى تشكُّل ظاهرة الصهيونية الأدبية، وإلى المساهمة في تشكُّل ما زامن نشأة هذه الظاهرة وتلاها من فِكْر الصهيونية السياسية وأهدافها.. فبين هذه العوامل ما هو ديني، وبينها ما هو فكري أو سياسي أو اقتصادي أو ثقافي؛ وبينها، أيضاً، ما هو أوروبي صرف، وما هو يهودي صرف، وما هو أوروبي/يهودي مشترك... وفي ما يلي إشارة سريعة إلى مساهمة كل واحد من هذه العوامل، في تشكل ظاهرة الصهيونية الأدبية..



    أولاً، البروتستانتية:
    ربما ليس مفاجئاً الزعم بأن البروتستانتية، وفي الإطار العام لثورتها على وصاية الكنيسة الكاثوليكية ومركزيتها وسلطانها المطلق على جميع مسيحيي العالم، ساهمت، منذ بداية انطلاقتها، في القرن السادس عشر، باستيلاد الصهيونية الأدبية، ثم الفكرة الصهيونية، في أوروبا.
    ولعل من المنطقي أن هذه المساهمة لم تصنعها، بدايةً، رغبة البروتستانتيين في إنصاف يهود العالم آنذاك، من موقف الكنيسة الكاثوليكية المعادي لهم والمزدري لديانتهم وتوراتهم، بل صنعها اعتقادهم بأن (المسيحية كانت نتاجاً لليهودية إلى حد بعيد)([i])، وأن العهد القديم هو الجزء الأول والأساس من كتاب المسيحيين المقدس...
    وعلى هذا، يمكن الزعم بأن ما حصل عليه اليهود وديانتهم وتوراتهم من مكاسب، بتأثير البروتستانتية، لم يكن أصلاً، بين أهداف هذه الثورة الإصلاحية المسيحية، وإنما كان من أهم النتائج البارزة لحركيتها ضد استمرارية هيمنة الكنيسة الكاثوليكية.
    لكن، أياً كانت دوافع البروتستانتية، آنذاك، فقد ساهمت نتيجة حركيتها ضد الكاثوليكية في تحويلها إلى واحد من أهم العوامل الأكثر تأثيراً في إحداث ما طرأ على نظرة الأوروبيين ومواقفهم تجاه اليهود، من متغيرات، وخصوصاً على الصعيد الديني، إذ تمَّ تغيير الكثير من ثوابت نظرة الأوروبيين السلبية لليهود وديانتهم وتوراتهم، إلى اتجاه يُعدُّ نقيضاً لاتجاه النظرة الأوروبية التقليدية التي رسختها الكنيسة الكاثوليكية، لقرون طويلة، والتي بموجبها (كان اليهود يعتبرون مارقين، ويوصمون بأنهم قتلة المسيح)، وأتباع (ديانة دنيا)([ii]).
    ولعل من أهم ما ساعد على إحداث هذا التغيير، إيلاء البروتستانتيين العهدَ القديم اهتماماً كبيراً لقناعتهم بأنه يُشكل الجزء الأكبر والأسبق ظهوراً من كتاب المسيحيين المقدس. وقد تجلى هذا الاهتمام بنظرتهم إليه نظرة جديدة، تمثلت بدعوتهم إلى ضرورة العودة المباشرة إلى نصوصه، لقراءتها وتفسيرها من جديد تفسيراً بعيداً عن اجتهادات الكنيسة الكاثوليكية وآرائها المتزمتة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن بين أهم نتائج تمسُّك البروتستانتيين بحرفية الكتاب المقدس في تفسيرهم الجديد له، إثارة اهتمام متزايد بالعبرية، اللغة الأصلية للعهد القديم، حين نادوا بضرورة معرفتها لقراءته بها، كي يتم فهمه فهماً صحيحاً؛ فكان أن ساهموا بذلك، في تسارع إحياء هذه اللغة التي كانت شبه ميتة وانبعاث الفكر اليهودي المدوَّن بها وشيوعه، وازدياد محاولات إحياء التراث الأدبي المرتبط بهأيضاً([iii]).



    ثانياً، حركة التنوير الأوروبية:
    باعترافها أن لكل مسيحي الحق في تفسير الإنجيل والتوراة بحرية([iv])، ساهمت البروتستانتية في تهيئة المناخ الملائم لانبعاث النهضة الأوروبية الحديثة، ممثلة بما عُرف، في حينه، بـ (حركة التنوير الأوروبية = Enlightenment) التي كان هدفها الغائي المعلن توفير حرية التفكير والتعبير لكل كائن بشري، في سائر مجالات الحياة وميادينها، بما فيها المجال الديني([v]). وهو ما يعني، عملياً، نبذ التعصب وإحلال التسامح الديني محله ([vi])..
    وهكذا، بدأ القرن السابع عشر يشهد، تحت راية هذا الهدف الغائي لحركة التنوير الأوروبية، تعاطفَ عدد من العلماء والفلاسفة الأوروبيين مع اليهود..
    وما إن حل القرن الثامن عشر، حتى ازداد تسارع هذا التعاطف، واتسع نطاقه، ليظهر في كتابات عدد من أشهر رواد الفكر الأوروبي، أمثال: الفيلسوف (جون لوك) واضع النظرية السياسية الليبرالية، و(اسحاق نيوتن) العالم المشهور الذي لم يتردد في وضع جدول زمني للأحداث التي ستفضي إلى عودة اليهود إلى أرض فلسطين، متوقعاً في ثنايا نبوءته هذه تدخل قوة أرضية تساعد على تحقيق تلك العودة([vii])، وعالم اللاهوت البروتستانتي (جوهان جوتفرايد هارد) الذي دفعه إعجابه بالعهد القديم إلى حد الادعاء بتفوق (النبوغ العبري)، وبأن العبرانيين القدامى كانوا (أمة فريدة مستقلة عن سائر الأمم، ولها روحها الخاصة المتميزة)([viii]). هذا بالطبع، دون أن ينتفي تماماً ظهور كتابات فلسفية أوروبية مناهضة لليهود ولنموذج التفكير البروتستانتي والتنويري/الأوروبي تجاههم.



    ثالثاً، الأدب الأوروبي:
    يتبين لكل من يراجع التطورات الدينية والفكرية التي شهدتها أوروبا، منذ فجر نهضتها، في القرن السادس عشر، أن معظم نتائج هذه التطورات قد وجدت طريقها إلى صفحات الأدب الأوروبي، وأثرت فيه تأثيراً عميقاً ومهماً.. فمن جهة، ساهمت هذه النتائج في نشأة عدد من أهم مذاهبه المعروفة، ولاسيما الكلاسية الجديدة والرومانتية؛ ومن جهة أخرى، أدى تسرب أطروحات البروتستانتية، حول اليهود، لعالَم ذلك الأدب إلى تَحوِّل أساطير العهد القديم وقصصه وأبطالهما إلى مصدر إلهام لعدد من كبار أدباء عصر النهضة الأوروبيين الذين ساهمت كتاباتهم بميلاد الصهيونية الأدبية، ثم الفكرة الصهيونية.. وفي مقدمة هؤلاء الأدباء:
    في إنكلترا، الشاعر (ميلتون) الذي يُعدُّ أول من بشر بولادة الصهيونية في ملحمته الشهيرة (الفردوس المفقود)، ثم تبعه بعض كبار الأدب الإنكليزي من أمثال الشعراء: (الكسندر بوب)، (وليم بليك)، (اللورد بايرون)، (وليم وردزورث)، (روبرت براوننج) وآخرون. ولم يقتصر التبشير بالصهيونية وأهدافها على الشعر، بل تعداه إلى الرواية الإنكليزية، كما نلاحظ في بعض أعمال عدد من مشاهيرها القدامى أمثال: (والتر سكوت)، و(جورج إليوت). أما في فرنسا، فقد ظهرت إشارات قوية مستوحاة من التوراة، في كتاباتٍ مبكرة لبعض مشاهير الأدب الفرنسي من أمثال: (جين بابتست راسين)، و(جان جاك روسو). وفي ألمانيا، حاز الشاعر (لسنغ) قصب السبق في إدخال الموضوع اليهودي إلى الأدب الألماني. أما في سويسرا، فقد اختار الشاعر (يوحنا جاكوب بودمر) لشعره شخصيات من العهد القديم([ix]).
    وبالتأكيد، ثمة آخرون من الأدباء الأوروبيين غير اليهود، لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً، فعلوا فِعلَ من ذكرتُ آنفاً، وحذوا حذوهم، جرَّاء تأثرهم بمبادئ البروتستانتية، بالدرجة الأولى، إلا أن هؤلاء وأولئك روَّجوا، فيما كتبوه، قاصدين أو بدون قصد، لأفكار تبنتها الحركة الصهيونية، فيما بعد، وصارت من أهم طروحاتها وأهدافها، مثل: (عودة اليهود إلى فلسطين)، و(شعب الله المختار) وغيرهما..
    ولم تكن أطروحات البروتستانتية وحدها التي تسربت إلى الأدب الأوروبي وأثرت فيه، بل شاركتها هذا التأثير أطروحات حركة التنوير أيضاً؛ وقد نجم عن تأثير هاتين الحركتين، في ذلك الأدب، نتائجَ كان من أهمها، بروز النزعات الثلاث التالية جليةً على صفحات معظم أدبائه:
    آ ـ النزعة الفردية، أو حرية الفرد في التفكير والاعتقاد والتعبير ورفض الوصاية عليه من الآخرين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو حكومات. ومع تنامي الثورة الصناعية واتساعها، صار مفهوم الحرية الفردية محور الاقتصاد البرجوازي أيضاً، ثم انتقل هذا المفهوم إلى المجال السياسي ليكون بين أهم العوامل التي ساعدت، عام 1789، في تفجير الثورة الفرنسية التي كانت الحرية أولى شعاراتها الثلاثة، إلى جانب الإخاء والمساواة.. وربما لهذا، يمَّمَ د. هاني الراهب شطر الاعتقاد بأن الفضل في ظهور فكرة (اليهودي الطيب)، في الأدب الأوروبي، يعود إلى الثورتين الصناعية والفرنسية (اللتين غيرتا طبيعة العلاقات بين اليهود والأوروبيين)([x]).
    ب ـ النزعة الإنسانية التي نمت واتسع نطاق انتشارها بتأثير مبادئ البروتستانتية وحركة التنوير اللتين أدى تركيزهما على مبدأ الحرية الفردية في التفكير والاعتقاد والتعبير، في جملة ما أدى إليه، إلى المساهمة في إحلال أجواء التسامح الديني والانفتاح الفكري محل أجواء التعصب والتزمت التي سادت أوروبا في ظل هيمنة الإقطاع والكنيسة الكاثوليكية. وهذا، بدوره، ساهم في تغيير نظرة الأوروبيين وموقفهم من اليهود.. وقد تم التعبير عن هذا التغيير أدبياً، فيما بعد، بابتداع شخصية (اليهودي الطيب) وإحلالها محل شخصية (اليهودي الشايلوكي) التي كانت أقرب إلى نظرة الكنيسة الكاثوليكية وموقفها من اليهود..
    ج - النزعة العقلانية التي اجتذبت عقول المثقفين الأوروبيين، في شتى مجالات الحياة ومناحيها، بفعل تقدم العلوم، ولاسيما المتصلة بحقلي الرياضيات والفيزياء. فقد أدت الاكتشافات العلمية المتلاحقة إلى إغراء الطليعة الأوروبية المثقفة، في عصر النهضة، بالدعوة إلى إحلال العقل والتفسير العقلي/المادي محل الأفكار التقليدية للمسيحية وما يتصل بها من تفسيرات غيبية للواقع. وقد ظل الاتجاه العقلاني في تنامٍ مطرّد حتى (عُدَّ العقل مفتاحاً لكل الأمور)([xi]).
    وقد صحب ذلك التطور ظهور الصحافة وبدء انتشار الكتب، ليساهما في انتقال مبادئ العقلانية إلى حقل الأدب، والإعلان عن ولادة ما صار يُعرف، في تاريخ الأدب الأوروبي، بالمدرسة الكلاسية (Classicism) أو الاتباعية الجديدة التي يُعدَُ من أبرز ما يميزها، تمحور معظم مضامين نتاج أدبائها حول مبادئ العقلانية والإنسانية والفردية.. وهي ذات المبادئ التي سنلاحظ، تالياً، تأثُّر حركة التنوير اليهودية (الهسكلاه) بمعظمها، على نحو من الأنحاء، ولاسيما مبدأ العقلانية..
    وبعد، ففي ضوء ما سبق، قد لا يكون خطأ الزعم أن البروتستانتية وحركة التنوير الأوروبية هيأتا، قاصدتين أو بدون قصد، التربة المناسبة والمناخ الملائم لولادة ظاهرة الصهيونية الأدبية، في أحضان الأدب الأوروبي غير اليهودي، بداية، ثم الأدب الأوروبي اليهودي. ذلك أن أطروحات هاتين الحركتين ساهمت، مع عوامل أخرى، في صنع تعاطف أدباء التنوير الأوروبي وعلمائه وفلاسفته، مع اليهود، ثم ساهمت كتابات هؤلاء وأولئك، في إشاعة الأفكار التي كونت، لاحقاً، النسيج الفكري للأيديولوجية الصهيونية وأساطيرها، كما ساهمت في جعل ما ورد في العهد القديم من تاريخ العبرانيين ومعتقداتهم وقوانينهم، بالإضافة إلى أرض فلسطين، أموراً مألوفة في الفكر الغربي.
    رابعاً، بدعتا (المشكلة اليهودية)، و (العداء للسامية):
    بالإضافة إلى تأثير المتغيرات التي طرحتها الثورات الدينية والفكرية والأدبية، ساهمت الثورة الصناعية التي سرَّع تطوُّرُها انتقالَ المجتمعات الأوروبية من الإقطاع إلى البرجوازية، في خلخلة الكثير من بنيات الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات، وبضمنها وضع اليهود.
    فصحيح أن الاهتمام البروتستانتي بكتاب العهد القديم صيَّره، (المرجعَ الأعلى للسلوك والاعتقاد)([xii]) بين بعض الأوروبيين، وساهم، مع كتابات بعض كبار فلاسفتهم وأدبائهم، في تغيير نظرتهم إلى أحفاد أولئك الذين (أُنزل) عليهم ذلك الكتاب، لكن هذا التغيير لم يمنع تصادم الطرفين مجدداً، على أرضية تضارب مصالحهما الاقتصادية، في أعقاب انتقال أوروبا من الإقطاع إلى البرجوازية.. إذ لم يعد ممكناً استمرار بقاء اليهود على هامش العملية الإنتاجية، كما كان شأنهم في المجتمع الإقطاعي، وبالتالي، صار لزاماً عليهم أن يختاروا بين الانخراط في هذه العملية والاندماج في بنية المجتمع البرجوازي الناشئ، أو الارتداد إلى مزيد من التقوقع في معازلهم للحفاظ على ما يسمونه (خصوصيتهم اليهودية) المميزة، والدخول في صراع مرهق مع أبناء المجتمعات التي يعيشون فيها..
    في البداية، نشب الصراع قوياً بين مؤيدي الاندماج ومعظمهم من اليهود التنويريين، ومؤيدي استمرار العزل الجيتوي ومعظمهم من الحاخاميين، خشية زوال سلطتهم المطلقة داخل الجيتوات الشبيهة بسلطة الكنيسة الكاثوليكية على مسيحيي العالم. لكن، مع نمو المجتمعات البرجوازية، واتساع نطاق الثورة الصناعية، في أوروبا، وما أدى إليه اتساعها من تباين وتضارب في المصالح الاقتصادية بين بلدانها، بدأ مسار الموقف الأوروبي من اليهود يتخذ منعطفاً جديداً، ليس دينياً فقط، هذه المرة، ولا فكرياً فقط، بل سياسياً ذا خلفية ودوافع اقتصادية أيضاً. ومن هذا المنعطف، برزت بين الانعزاليين والاندماجيين، فئة ثالثة، تُناهضهما معاً، في دعوتها إلى:
    ً1) تفريغ أوروبا الرأسمالية من يهودها غير المنتجين([xiii])، وتوطينهم في مكان يخدم موقعُه أهدافَ مخططها الاستعماري.
    ً2) تمويه هذا التوجه، على خلفية تنامي النزعة القومية في أوروبا، بالزعم أن اليهودية رابطة (قومية) وليست دينية فحسب، وبالتالي، فاليهود (أمة) ذات امتداد تاريخي طويل.. ثم بالزعم أن هذه الأمة قد تعرضت للاضطهاد، منذ وجودها، وستسمر مضطهَدَة، إلا إذا تمت إعادتها إلى (وطنها) الذي اختيرت فلسطين لتكون مسرحه، تحت غطاء ذرائعي من ركام الأفكار الدينية التي سبق أن استوحتها البروتستانتية من العهد القديم..
    وعلى أرضية هذا الزعم، قويت معارضة العديد من الأوساط الأوروبية اليهودية وغير اليهودية، لفكرة اندماج اليهود في مجتمعاتهم.. بحجة أن الاندماج لا يمكن أن يكون حلاً لما سُمي بـ (المشكلة اليهودية) التي تمَّ ابتداعها وربطها ببدعة أخرى سُميت بـ (العداء اللاسامي) لليهود الذي وُصف بالتاريخي، وزُعِم بأنه سيستمر ما استمرت اليهودية قائمة، في العالم، كرمز لديانة و(قومية) في آن معاً...
    وقد لا يبدو مُستغرَباً أن يكون معظم المروجين لبدعة (اللاسامية) من رواد الحركة الصهيونية، لاحقاً.. بل ثمة من يعتقد أن اللاسامية (غائية عند منظري الفكر الصهيوني لإرغام اليهود على الالتفاف حول الأطروحات الصهيونية السياسية)، وأن اللاسامية التي تزامن ظهورها مع إعطاء اليهود حقوق المواطنة في الكثير من البلدان الأوروبية، ليست، في جوهرها، إلا اختراعاً صهيونياً([xiv])، (وإلا كيف يُفسَّر سنُّ قوانين المساواة بضغط الجماهير الأوروبية ومناوأة اليهود لها؟)([xv]).




    هوامش هذا الفصل:

    [i]) رجينا الشريف، (الصهيونية غير اليهودية، جذورها في التاريخ الغربي)، ترجمة عبد الله عبد العزيز، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، العدد (96)، 1985، الكويت، ص: (30).


    [ii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص (29).


    [iii]) للتوسع، انظر: (رجينا الشريف)، مرجع سابق، ص: 34/35/36.


    [iv]) د. عادل العوا، المعتزلة والفكر الحر، الطبعة الأولى، دون تاريخ، دار الأهالي، دمشق، ص(12).


    [v]) د. عادل العوا، مرجع سابق، ص(12) .


    [vi]) د. عادل العوا، ص: (16).


    [vii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص: (79).


    [viii]) المرجع السابق، ص(81ـ82).


    [ix]) لمزيد من الاطلاع والتوسع، انظر رجينا الشريف، مرجع سابق، الصفحات من (75) حتى (101).

    [x]) د. هاني الراهب، الشخصية الصهيونية في الرواية الانكليزية، الطبعة الثانية، 1979، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص: (19).


    [xi]) د. حسام الخطيب، (الأدب الأوروبي، تطوره ونشأة مذاهبه)، الطبعة الأولى، /1972/، مكتبة أطلس، دمشق. ص: (114-115).

    [xii]) رجينا الشريف، مرجع سابق، ص: (30/31).


    [xiii])خصوصاً بعدما صار من غير المسموح لليهود أن يستأثروا بممارسة الربا، كما كان شأنهم في المجتمع الإقطاعي، بعد ممارسة الكنيسة وأتباعها لهذا النشاط الاقتصادي.. انظر بديعة أمين، (المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية)، طبعة أولى، 1974، دار الطليعة، بيروت، ص: (41).


    [xiv]) وهذا ما يؤكده (اسحق دويتشر) بقوله: (فمنذ حين من الوقت، ولنقل مع بداية القرن ـ يقصد القرن التاسع عشرـ كانت "الهوية المحددة ايجابياً" لليهود في دور التحلل. وبعد كل شيء، ظهرت الصهيونية كاعتراض على ذلك التحلل). اسحق دويتشر، (دراسات في المسألة اليهودية)، تعريب مصطفى الحسيني، طبعة أولى، 1871، دار الحقيقة، بيروت، ص: (42).


    [xv]) جودت السعد، الشخصية اليهودية عبر التاريخ، الطبعة الأولى، 1985، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص (123ـ124

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    محاضر باللغة العبرية ، عميد متقاعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,068
    الاستاذة ريمة .. جهود مشكورة وحبذا لو حصلت على نسخة من الكتاب للاطلاع وكتابة تعقيب عليه . متمنيا لك وللكاتب التوفيق وبارك الله في هذا الجهد .. مع خالص تحياتي

المواضيع المتشابهه

  1. د. أحمد خالد توفيق في ذمة الله
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-05-2018, 08:53 PM
  2. المهندس محمد توفيق بن أحمد سعد
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-16-2015, 01:55 AM
  3. إطلالة على أدب الأطفال الإسرائيلي/محمد توفيق الصواف
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى دراسات في أدب الأطفال
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-17-2010, 07:28 AM
  4. كتب عن الأدب الصهيوني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-06-2009, 07:10 PM
  5. الحب المحرم في الأدب الإسرائيلي/محمد توفيق الصواف
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-14-2008, 01:17 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •