حسني مبارك بريء من دم المتظاهرين
د. فايز أبو شمالة
إذا كانت التهمة الموجهة لرئيس مصر المخلوع حسني مبارك هي إصدار الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين المصريين في شهر يناير من هذا العام، فارحموا حسني مبارك يا أيها المصريين، فهو بريء، واعتذروا له، وأطلقوا سراحه فوراً، ليعود ثانية رئيساً لمصر العربية، لأن الرئيس يتحمل مسئولية كل فعل ينفذ على أرض الواقع، وهذه قاعدة الحكم في كل بلاد العالم، بما في ذلك مصر، وعليه فإن مسئولية إطلاق النار على المتظاهرين بهدف حفظ الأمن هي جزء من مهمات عمل الحكومة التي كلفها بمهماتها الرئيس.طالما الرئيس المخلوع قد تصرف وفق القانون، وحسب الأصول المعمول فيها في كل دول العالم، فما دواعي هذه المسرحية المسماة محاكمة الرئيس المخلوع بتهمة إصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين؟ أزعم أن منطق العدل يقضي بأن يحاكم مبارك على جرائمه التي فجرت غضب المصريين، وأثارتهم، حتى فاض بهم الصبر، فانقضوا على النظام، وتصدوا بصدورهم العارية لقوات أمنه، وأزعم أن مهزلة محاكمة مبارك تهدف إلى حجب الأسباب الحقيقية التي أدت بالمتظاهرين المصريين للخروج إلى الشوارع، لينفجروا حقداً في وجه نظامه الفاسد؟محاكمة حسني مبارك بتهمة إصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين فيها من المهزلة ما يشابه محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين على قرارات رئاسية صدرت قبل عشرات السنين، لتتغافل المحكمة عن وجود الجيش الأمريكي الغازي الذي يحتل العراق، ويعيث فيه فساداً، وصارت القضية التي تشغل الرأي العام العراقي والعربي هي إثبات التهم الموجهة للرئيس العراقي من خلال الوثائق والشهود، أو نفي صحة كل ذلك، وانشغل الرأي العام بالحكم الذي سيصدر على الرئيس صدام حسين، ثم انشغل الرأي العالم بالحديث عن تنفيذ حكم الإعدام من عدمه! الشيء نفسه يحدث اليوم في محاكمة حسني مبارك، وإن كان بشكل مغاير، فالبعض يؤكد مسئولية مبارك عن إطلاق النار، والبعض يشهد بالحق أن الرجل لم يصدر الأوامر، وكأن مأساة مصر قد بدأت مع أحداث يناير 2011، وكأن مصر في الزمن الأسبق لهذا التاريخ كانت تنعم بالديمقراطية والرخاء الاقتصادي، وكان الناس يعيشون في رغد، وكان العدل هو السيد، والقانون هو محط الرحال، بالتالي يجب محاكمة الجماهير المصرية التي أخلت بالنظام، واخترقت القانون!.إنه إعلام حسني مبارك، الذي ما انفك يخدع الرأي العام المصري، ويغرقه في شكليات من القضاء، ليتغافل عن جرائم حسني مبارك، والمتهم بقتل ملايين المصريين على مدار عشرات السنين، والمتهم بقتل الاقتصاد المصري، وذبح الكرامة المصرية، والتضحية بمصير ومصالح أجيال مصر، إن نظام حسني مبارك مسئول عن خيانة الوطن، وتزوير التاريخ، وتزييف الواقع، وتسخيف حياة الإنسان المصري، حسني مبارك ترأس نظاماً تعمد أن يخرج مصر من التاريخ، وأن يبيع الجغرافيا المصرية ليهود إسرائيل، الذين بكوا خلعه، ورشحوه ليكون شخصية القرن الواحد والعشرين، ورجل العام، وادعى اليهود أن أصل الحضارة والطهارة والأمن والسلام في الشرق هو حسني مبارك.مصر في حاجة إلى تصحح مسار محاكمة المخلوع حسني مبارك، لتعيد للمصريين حقوقهم المدنية من الرئيس القادم، مصر في حاجة لتحاسب مبارك ونظامه على جرائم قتل نطفة الإنسان المصرين، كي لا يتجرأ الرئيس المصري القادم على تشويه مستقبل الأجنة، مصر في حاجة لمحاكمة الماضي بشكل عادلٍ وواعٍ، كي تؤمن حاضرها الديمقراطي، وتضمن مستقبل أجيالها بعيداً عن ذل الحاجة، وبلا خوف، وبلا حيرة، وبلا قلق يزحف كالصحراء على حياة المصريين الخضراء.