كتاب «نساء الديكتاتور» .. قصة نسوة وقعن في غرام الحاكم المستبد يوسف هنانيالاتحاد الاشتراكي : 12 - 02 - 2011


دفعت التظاهرات التي عرفتها تونس مؤخرا ، والتي قادها المواطنون في كل المدن على امتداد البلاد، احتجاجا على استبداد الرئيس السابق زين العابدين بنعلي وتفرده بالحكم منذ عقود، وأيضا «ثورة الشباب» التي تعيشها مصر منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي الداعية الى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم والمطالبة بتغيير النظام، دفعت الى تعزيز المكتبات الفرنسية بكتاب جديد يحمل اسم «نساء الديكتاتور» للكاتبة ديان ديكري و الصادر عن دار النشر بيران، ترسم فيه بورتريهات لقادة وسموا التاريخ باستبدادهم و جعلوا من النساء جزءا من لعبتهم السياسية.
من لينين إلى بوكاسا، ومن هيتلر إلى سالزار، تحاول الكاتبة الفرنسية ديان ديكري أن تجيب جمهور القراء الفرنكوفونيين، في ظل «الثورة الشعبية» التي عرفتها تونس مؤخرا وجعلت الرئيس السابق زين العابدين بنعلي، الذي وصف ب«الديكتاتور» تنازل عن الحكم ويغادر البلاد هو وزوجته ليلى الطرابلسي، وفي سياق الفورة الشعبية المتواصلة في مصر والتي يقودها «شباب ثوار» معتصمين من الخامس والعشرين بميدان التحرير ينادون بتنحي الرئيس محمد حسني مبارك وتغيير النظام وتنديدهم بالاستغلال المفرط لعائلته لثروات مصر ومطالبة بمحاسبتهم، تحاول ديان ديكري أن تجيب في كتابها «نساء الديكتاتور» عن وضع تسع ديكتاتورات خلال القرن العشرين عددا من النساء ضمن لعبتهم وفي قلب سياق مخططاتهم.
تحدثت ديان ديكري في كتابها «نساء الديكتاتور» عن نساء مثل نادية، كلارا، ماجدة، جيان كينغ، إلينا، كاثرينا وميرا.. وعن رجال بصموا تاريخ الانسانية مثل لينين، موسوليني، ستالين، هيتلر، سالازار، ماو، تشاوسيسكو، بوكاسا وميلوزوفيتش الذين اتخذوا لأنفسهم من هؤلاء النسوة نساء إما زوجات لهم، رفيقات، مشيرات أو معجبات قاسمهن المشترك أنهم عشقن هؤلاء القادة، الذين في الآن ذات وحشيون، عنيفون ومستبدون، منتصرات لهم، بل قادرات على التضحية من أجلهم والبقاء إلى جانبهم إلى اللحظات الأخيرة حتى الموت.
الكتاب، الصادر عن منشورات بيران، يرصد مصير نساء ارتبطت حياتهن بقادة وصفوا بالإستبداد والوحشية والعنف الذي مارسوه في حق شعوبهم معتمد على استرجاع للتاريخ ومسارته المتداخلة التي وسمت محطات من حقب زمنية من حكم هؤلاء للدول التي ينتمي إليها هؤلاء القادة مثل إيطاليا، ألمانيا، الصين، روسيا، البرتغال، رومانيا وإفريقيا الوسطى.
وضعت ديان ديكري في مقدمة الكتاب «نساء الديكتاتور» في شكل متقاطع نماذج من رسائل لهيتلر وموسوليني كانت عبارة عن بداية تأثيت لمضامين الكتاب التي ستتضمنها فصول الكتاب، رسائل تترجم مشارعر متنوعة مثل احاسيس الاعجاب غير المحدود والتعبير المفرط بالحب للمعشوقات وطلب الزواج.
إن «جوقة الناس مثلها مثل النساء لم تخلق إلا للاغتصاب»، هكذا كتب موسوليني الذي لا يتوانى في اسنهاض الشعب وأيضا التملي بتنورات النساء.
يصف كتاب «نساء الديكتاتور» كيف يحدث أن يمس الاستبداد ويضر بالقيم ويساعم في تعذيب الشعوب، وكيف إن السلطة عبارة هن عاشق متيم وأن السلطة المطلقة قد تتحول إلى مهيج.
وكيف يكون منطلق قصة الحب بين هؤلاء النسوة والقادة جميلا وينتهي بشكل سيء تراجيدي، لا تترد الكاتبة ديان ديكري في تقريبه من القراء من خلال رسمها لبرتريهات جميلة لهؤلاء النساء الحنونات اللاتي وقعن في حب العنف والاستبداد.
وصفت ديان ديكري نساء كتابها «نساء الديكتاتور»، بتلك الوديعات اللاتي وضعن حياتهن رهن هؤلاء القادة، وكيف عانين من التعذيب حالما يتم التخلص من هذا القائد أو ذاك، الأمر الذي حدث مع كارلا باتاتشي، التي تم اغتصابها وثم شنقها بتكبيل رجليها عوض رأسها من قبل مواطنين إيطاليين خلال الحرب.
هكذا يجد القارئ أن الكاتبة ديان ديكري خصصت لكل شخصية من القادة المستبدين فصلا، بدءا من موسوليني، هيتلر، ماو، لينين، سالزار، ستالين، بوكاسا وتشاوسيسكو، وهي الفصول التي توضع بشكل جلي الكم الهائل من النساء اللاتي تعلقن بهؤلاء القادة و اللاتي لم يكن في كثير من الأحيان على علم بتفاصيل السياسة التي يتخذها هؤلاء و التي يطبقونها على أرض الواقع. وكيف بالمقابل حاولت إيڤا برون ، التي بالرغم من إبعادها من الواقع الساسي، حاولت الالتحاق بهيتلر بالرغم من آنها كانت تعلم كما العديد بقرب نهاية عهده.
كما تحدثت الكاتبة عن زوجة الزعيم الروماني تشاوسيسكو بشكل موسع خلال الفصل الذي خصصته لزوجها، الى الدرجة التي يتم فيها التساؤل عن من الديكتاتور هل تشاوسيسكو أو زوجته، وذلمك بالنظر للطريقة التي قضى بها الزوجان كإعلان عن نهاية عهدهما.
ويبدو أن كتاب «نساء الديكتاتور» يعتبر اضافة جديدة في مجال مقاربة حياة الشخصيات، وذلك كونه يمنح افقا آخرا في كتابة البوغرافية لعدد من الديكتاتورات الذين كانوا دائما موضوع دروس التاريخ في المدارس، وذلك عبر الابحار في حياتهم الشخصية وتفاصيلها و نتوقف عن بعد محذذات شخصيتهم و ايضا عن بعض ما يمكن اعتباره «حس انساني» مقبل شعورنا ب«العنف والاستبداد» الذي عانت منه شعوبهم. إذا يجعلنا الكتاب أمام عاشقين متيمين رومانسيين مثل موسوليني الذي وصفه الكتاب بذلك «دون جوان»، وأزواج مستبدين مثل ماو، ستالين وبوكاسا، وهيتلر الذي لا يظهر إحساسا له للعيان.

http://www.maghress.com/alittihad/123503