نظريات مهمة في الأدب والشعر.
نظرا للكساد الذي يعانيه عالم الشعر والأدب عموما، فإن الفكرة القائلة :
بأن الأدب مسبر الحرية وعمق التفكير ، وصدق بث المشاعر صحيحة تماما.
وكلما توزات كفتا العلم والأدب ، بات المجتمع أكثر حضارة وليس أكثر مدنية، فالمدنية نهضة مادية للبلاد والحضارة نهضة فكرية وأخلاقية، ويقاس تقدم البلاد بها.
ورغم ذلك فإن رواد ونخبة هذين القطبين، مظلومون بشكل عام.
لعل كان كونفوشيوس قد اشتهر كفيلسوف الصين في زمن الممالك المتحاربة قبل الميلاد ، حيث كان كونفوشيوس أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى.
ولقد كان يحصر تعليميه بالنخبة فقط، والطبقة الحاكمة، ولم يناد بشعبية التعليم، على غرار موه تسي، الذي عارضه في ذلك وأرسى تعاليم الثقافة للجميع.
ورغم هذا اشتهر كونفوشيوس وأغمط حق موه تسي، وذلك لأن أغلب من يذاع صيته قد سعى لذلك أو كان احدهم له مصلحة في شهرته، أو كان مميزا سلبا أم إيجابا.
ورغم ذلك بقيت مبادئ كونفوشيوس الأشهر حتى الآن.
إن دراسة الشعر من وجهة نظره تشجع طموحات الأفراد، وتعزز قدراتهم على المراقبة والملاحظة، تجعلهم أكثر دراية بالمجتمع وتساعدهم عل التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم بحرية، تمكنهم من القيام على خدمة الوالدَين والحكام، وتعلمهم الكثير عن النياتات والحيوانات.
وقال:إذا لم يتعلم المرء : جونان وجاونان( مجموعتان من القصائد الشعرية في كتاب الأغاني)، فإنه سيكون كمن يواجه حائطا صلدا، سوف يبقى في مكانه، ومن الصعب عليه أن يتقدم إلى الأمام، ولقد كانت هاتان المجموعتان تتناولان تهذيب الإنسان. ويوضح ذلك مونشيوس والذي يولي اهتماما كبيرا بالقيمة العملية للشعر الذي يرتبط بالاخلاق بروابط قوية،وهو يضع الشعر بالمرتبة الثانية للفنون، لذا فقد قال بتعلم الفنون بعد تعلم الاخلاق، وضرورة استثمار الفراغ، ويفند الفنون التي تشمل ستة أنواع:
الطقوس-الموسيقى-الرماية- الخط-الرياضيات-قيادة العربة.
وقد بين كونفوشيوس: ان الفاضل الجيد ، يجيد الحديث لكن ليس بالضرورة من يتقن الحديث أن يكون فاضلا!.
وإذا نظرنا إلى مكانة الفضيلة والأدب، نرى أن الأول تتفوق على الثاني، فمن الضرورة التمتع باللباقة في الحديث فهما مرتبطان بقوة، وللباقة الألوية دوما.[1]
ولقد طور مونشيوس أفكار كونفوشيوس الأدبية ، حيث كان يقرض الشعر كثيرا، خاصة في المناسبات الدبوماسية وقد استخدمت المدرسة الكونفوشية أفكاره الجديدة وخاصة حول شرح الشعر، والتزم بذلك.
يتم شرح الشعر على ضوء فهم المرء وخبراته ، وأضاف : يجب على الشعراء عدم الإساءة إلى اللغة ، ولعل الشعراء في لحظات تدفق الألهامات السعرية يؤثرون استخدام تعبيرات مبالغ بها، لأن الشاعر يعتمد على خيالاته الذاتية، فيشوه المعاني الأصيلة للقصيدة، وقد وقع هنا منشيوس في هذا المحذور.
واكد على معرفة الأخطاء من خلال وجهة النظر الأحادية الجانب، ومعرفة الأخطاء في التعبيرات والتراكيب اللغوية المبالغ فيها.
وكذا معرفة الانحرافات في الكلمات والمفردات غير العقلانية، ومعرفة مايتناقض مع الحقائق في الكلام المسهب، وقد كان منشيوس ناقجا ذو نظرة ثاقبة، ونظرة بعيدة.
وقد قدم أفكارا حول النقد قيمة:على المرء معرفة شخصية المؤلف وتحري حقائق العصر الذي عاش فيه.
لذا لن نكون مؤهلين لإصدار الحكم إلا لو عرفنا ظروف المؤلف أحوال عصره، شخصيته، لنتمكن من الفهم العميق لأعمال المؤلف بشكل أكبر.
ورغم هذا طالب كونفوشيوس بتوضيح المعاني والمقاصد من قبل الشاعر ،ونظرية الأدب عند شون تسي مزيج من الفنون، على غرار كونفوشيوس.
بكل الأحوال اتسمت حقبة الأدب قبل مرحلة أسرة تشين بالبساطة، والعملية، والتواضع،حتى قيل أن الأدب سيقود المجتمع للفقر والوهن.[2]
هذا أهم ماوجدناه حول موضوعنا، والسؤال: هل بات من المسلم به تاريخيا ، ان يكون صاحب الفكر والقلم في عوز؟ أم هناك من له مصلحة في تحديد الجدران حوله حتى لايتجاوزها بما لايرضي بعضهم؟.
أم هي قلة الحذق والذكاء العملي في المتابعة والتوجيه؟، أم قصور عند المفكر والأديب ذاته؟.
الخميس 26-10-2017



[1] وقد عاودت نظرية تلاحم الشكل والمضمون ظهورها من جديد ف مراحل متقدمة وعلى يد وانغ تشونغ ، حيث بين ان تأثير النص لايتم دون ارتباط الشكل الجيد بالمضمون الجيد ص 310 من كتاب تاريخ تطور الفكر الصيني

[2] مقتبس بتصرف من كتاب تاريخ تطور الفكر الصيني الصفحة 216-218