شبح من الماضى
يقطن شقة مكونه من غرفتان ، غرفة يقيم بها ، وغرفة يضع بها بعض الدمى على هيئة كلاب ، تعبيرا عن غضبه من الناس فأصبحوا فى نظره كلاب ، او لغضبه من نفسه فقرر انه لايستحق ان يعيش الا مع الكلاب .
انه الاستاذ /صابر ، مدرس بالمرحلة الابتدائية .
هو شخصية مضطربة نفسيا ، انطوائى . قضى طفولة تعيسة بسبب عدم قدرته على الاندماج مع باقى التلاميذ بسبب تلك الاضطرابات النفسية التى لازمته منذ الطفولة ،اضطرابات نفسيه اساسها عدم الرضا عن النفس ، مظهرها حب جلد الذات
بعد انتهاء اليوم الدراسى ، يعود الاستاذ صابر الى منزله ، يجلس فى حجرة الكلاب ، يتقيأ معهم ذكريات ايام الطفولة ، طفولة تعيسة ، عانى خلالها من عذاب الوحدة كثيرا .
كان دائما يجلس فى الصف الاول على يمين الفصل ، لا يشعر به احد، كان يحزن كثيرا لتجاهل الجميع له ، دفعه الشعور بأنه منبوذ الى التحدى ، تحدى الجميع ، دائما كان يردد (لابد ان اجبرهم على الشعور بوجودى ) ومن اجل ذلك دبر المكائد ، افتعل المشاكل ، يتذكر ا لاستاذ صابر تلك الذكريات والالم يعتصره ، يتذكر المكائد ويندم عليهاويبكى ، الى ان يتذكر يوم الكارثة الكبرى ، يوم التلميذة سعاد ، يشتد بكاؤه ويعلو صوت النحيب ، يظل يبكى الى ان يقهره النعاس .
مرت به الايام هكذا الى ان جاء يوم تنبه الى طفل يشبهه تماما عندما كان صغيرا ،نفس الوجه ، نفس النظرة الحزينة المملوءة بالتحدى ، كان الطفل يجلس فى نفس المكان ، الدرج الاول يمين الفصل ، هنا اقشعر بدنه وصرخ فى اعماقه –آآآآآآآآه ياربى سيتحمل هذا الصغير كل ما تحملته من عذاب ، لالا لايمكن ان اسمح بذلك ، يجب ان افعل شيئا ، هذا الطفل كتاب مفتوح امامى، اعرف ما يدور بذهنه ، اشعر بعذابه وبما يعتصره من الم
قطع الطفل تفكيره قائلا.. يا أستاذ ، سرق منى الكتاب المدرسى ، تبسم الاستاذ صابر بسخرية، وقال لنفسه تماما مثلما فعلت ، ادعيت سرقة الكتاب لاجد من يشعر بوجودى ، كانت سعادتى غامرة وانا اجد من يسألنى ويستفسر منى كيف سرق الكتاب ,اجبرتهم على الشعور بوجودى , ها هو التاريخ يتكرر, سيضع باكر صرصور فى الوجبة المدرسية ويدعى انه وجد الصرصور فيها ، يجب ان اضع حدا لذلك ، انها لعبته الحقيرة ليعلن عن وجوده ، ليشعر الكل به .
فى اليوم التالى شاهد الاستاذ الطفل وهو يكتب تاريخ ميلاده ويكرره كثيرا على احدى صفحات الكراسة .
آآآآآآآآه ياربى انه نفس تاريخ ميلادى ، بعد يومان من الان ، يآآآه ستحدث الكارثة ، ستتفجر طاقات الغضب والشر فى نفسه ، تلك مصيبة كبرى لايمكن ان اسمح بها، يجب ان احذر التلاميذ ، سعاد ، التلميذة سعاد ،اين هى ، يجب ان احذرها مما سيحدث لها .
لالا التحذير لن يفيد ، يجب ان اتدخل، سأنقذ الطفل من عذابه ، وسأنقذ التلاميذ من شروره ، سأقتل هذا الطفل ، نعم سأقتله، سأقتله، هاهم التلاميذ قد انصرفوا ، لم يبقى فى الفصل غيرى انا وهو , ها هى اللحظه المناسبة .
اطبق بكلتا يديه على رقبته، صعد على الكرسى ، وضع الرأس فى انشوجة الحبل المدلى من سقف الفصل ،الذى كان اعده خصيصا لذلك من قبل ، ركل الكرسى بقدمه بعيدا ، تأرجح الجسد فى الهواء .
فى صباح اليوم التالى كانت صدمه كبيره للتلاميذ عندما وجدوا جسد الاستاذ صابر يتأرجح فى الهواء