مقصلة صدام وخازوق القذافي
د. فايز أبو شمالة
ما أبعد المسافة بين نهاية الشهيد صدام حسين، وبين نهاية معمر القذافي! نهاية صدام حسين مثلت العزة العربية، والشهامة الإسلامية، وولدت حقداً على الأعداء الأمريكيين ومن ناصرهم من الغرب، حقداً لم يندمل، صدام حسين كان مقدماً إلى الموت الذي سال من حبل المشنقة، ولم يرتعب، صعد في مشهد لا يقل رجولة عن موقف البطل العربي الليبي عمر المختار، حين صعد إلى مشنقة الإيطاليين بشموخ، بينما نهاية معمر القذافي جاءت على طريقة "العلقمي" الذي وضع يده في يد المغول ضد الخليفة العباسي في بغداد، نهاية القذافي توقعها كل ذي ضمير إنساني، وتنفس معها العرب من المحيط إلى الخليج الصعداء، لقد انتهى القذافي وهو مدبرٌ، والليبيون يعاقبونه على تجبره بحقهم عشرات السنين بالخازوق.رغم الفارق بين نهاية صدام ونهاية القذافي، إلا أن نهاية الرجلين تقول: كل حاكم يعادي أمريكا والغرب، ويعاند إسرائيل مثل صدام حسين، سيواجه الموت، وأيضاً؛ كل حاكم يصادق أمريكا والغرب، ويدفع لهم مليارات الدولارات من خزائن الشعب الليبي تعويضاً عن جريمة "لوكربي" وكل حاكم يغازل إسرائيل سراً مثل القذافي سيواجه الموت! أو سيواجه المحاكم مستلقياً في القفص على طريقة حسني مبارك، أو سيفر إلى المجهول مثل زين العابدين.نهاية الشهيد صدام حسين لن يرتقي إليها حاكم عربي، وذلك لسبب بسيط، وهو أن جميع حكام العرب قد شاركوا في صنع نهاية زميلهم الرئيس العراقي صدام حسين، وعليه سيكون للحكام العرب نهايات أخرى تختلف، نهايات تتشابه مع نهاية القذافي وحسني مبارك، ونهاية على صالح، وإذا كان القذافي قد فاز بموت سريع، وطواه النسيان، وغاب عن متابعة الحدث، إلا أن الرئيس اليمني المطرود على صالح سيظل يعيش الموت في كل يوم ألف مرة، لقد اختار الموت البطيء الأقسى على الروح من الموت الشريف على حبل المشنقة.من مفارقات الحكام العرب الغريبة؛ ومن النهايات التي لا تنسجم مع المشهد القائم، أن الولايات المتحدة الأمريكية، راعية الديمقراطية على مستوى العالم، وأم الحريات الفردية، وصاحبة رايات العدالة، أمريكا ترتضي ديمقراطيتها الكاذبة أن تستقبل رئيس اليمن المخلوع على صالح، وهي تعرف أنه قاتل، وسارق، ومجرم حرب، يفر من شعبه، ومطلوب للعدالة العربية. فلماذا؟ ما الجديد الذي أملى على أمريكا أن تعاود التفكير في نهاية أصدقائها بشكل مختلف؟إن استقبال أمريكا لرئيس اليمن المخلوع علي عبد الله صالح ليؤكد أنها ضد شعوب العرب، وأنها في خدمة إسرائيل، وأنها لا تصادق إلا من يصادق إسرائيل، ولا توفر الحماية إلا لمن أخلص لإسرائيل، ويصمت على تهويد مدينة القدس، أمريكا هي ملتقى الطغاة، وهي التي ستوفر الملاذ الآمن لكل من شارك في تدمير طاقات العرب.