لماذا وضع الخليل العروض/خشان خشان
أهم نقطتين لدى الكاتب هما :
1- الربط بين النحو والعروض ومهمتهما منع التغير الذي وإن كان لا بد منه فإنه ينبغي أن يقاوم : " فالسبب
الدافع إﱃ ابتكار علم النحو هو شيوع اللحن أو قل هو التغير الذي ﻻبد للغة منه. أما الغرض، فهو
خدمة الدين اﻹسﻼمي الحنيف فالسبب هادف يتبعه غرض سام شريف. و المهم أني أرى أنﱠ غرض
اﳋليل من وضع علم العروض مرتبط ارتباطاً وثيقاً بدوره الفعال في تكميل هذا الدور المهم لعلم النحو
2- مقاومة التغيير في العروض :" فالغرض الحقيقي من وضع علم العروض إﳕا هو صيانة الشعر من التغيير."
وهو بذلك يرى التغيير في النحو والعروض نوعا من الانحدار لا التطور.
وجاء العروض الرقمي ليكشف دقة وتكامل وانسجام الذائقة العربية في مجال وزن الشعر التي يشملها وصف
الخليل وكأنها :" دار محكمة البناء، عجيبة النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها، بالخبر
الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة،" نعم، يكشف الرقمي البرنامج الرياضي الذي يحكم تلك
الدار محكمة البناء بحيث يشكل الخروج على الدار والمعمار والبرنامج شذوذا وانحدارا ومن المغالطة وصفه بالتطور.
إلى أصحاب البحور الجديدة
إلى أصحاب منهج ( أذني )
إلى من لا يدركون وجود منهج للخليل
إلى من يدعون إلى الخروج على عروض الخليل
https://www.google.com.sa/url?sa=t&r...qJsvTux_CV_uAA
كتب الدكتور ﳏمد ابراهيم خليفه الشوشتري
السبب الذي دفع اﳋليل إلﯽ وضع علم العروض
إنﲏ – فيما ﳜص اﳋليل و العلم الذي أوجـده – انتهيت إلﯽ التمييز بﲔ السبب و اﳍدف. إذ
قد وجدت سبباً دفع اﳋليل إلﯽ اﳚاد هذا العلم، كما وجدت غرضاً كان اﳋليل يريد أن يصل إليه، و
ﳛققه، فالسبب الذي دفعه إلﯽ وضع هذا العلم سبب أصيل هادف. لذلك فانﲏ أميز – هنا – بﲔ
السبب و الغرض، ﻷنهما موجودان هنا. فالسبب هو الذي يدفع اﳌؤسس صاحب العمل اﳍادف إﱃ
ﲢقيق هدفه لذلك أقول: اشتهر أنﱠ سبب وضع علم العروض هو أنﱠ اﳋليل بن أﲪد الفراهيدي ﳌّا
رأى ما اجترأ عليه الشعراء اﶈدثون ﰲ عصره من النظم على أوزان ﱂ تسمع عن العرب، هاله ذلك،
فعقد العزم على وضع علم ﳛفظ به أوزان الشعر العرﰊ، و ﳛصنها. ﰒ خرج بعد حﲔ علﯽ الناس و
قد حصر أوزان الشعر العرﰊ، و ضبط أحوال قوافيه. فأخرج ﳍم هذا العلم اﳉليل. (أنيس، 1978 م: 49)
و ذكر في رواية أخرى أنﱠ اﳋليل " تعلق بأستار الكعبة، و قال: اللهم، ارزقﲏ علماً ﱂ يسبقﲏ إليه
اﻷولون، و ﻻ يأخذه إﻻّ عﲏ اﻵخرون، ﰒ رجع، و عمل العروض ". (اللغوي، 1974 م: 58).
إنﲏ، مع أنﲏ ﻻ أنفي هذين السببﲔ اﳌتقدمﲔ، أعتقد وجود سبب آخر مباشر و هادف و يترتب
عليه غرض نبيل يتناسب مع شخصية اﳋليل العلمية و الدينية و هذا السبب هو أنﱠ اﳋليل ﻻحظ
اختﻼل السليقة العربية، و زيغ اﳌلكات اللسانية، و تكدر اﳊاسة اﳌوسيقية اﳌرهفة، وتصدعها، و
معلوم أنﱠ هذا يؤدي إلﯽ وقوع التغيﲑ ﰲ اللفظ و التشكيل حال رواية الشعر، أو إنشاده إذ ﻻ عاصم
من ذلك.
فالسبب هو اﳋوف من حدوث هذا التغيﲑ. و ﻻ شك أنﱠ ذلك يفرض علﯽ علماء ﳐلصﲔ من
أمثال اﳋليل بن أﲪد، أن يبحثوا عن شيء ﳛل ﳏل تلك السليقة اﳌرهفة الﱵ بـدأت ﲣتفي من
الوجود، و يسد مسدها ليكون عاصماً و صائناً للشعر من هذا التغيﲑ الذي يؤدي إلﯽ إبطال الثقة
بالشعر، و منع اﻻستشهاد بلغاته و ألفاظه و معانيه، و إذا حصل كل ذلك فﻼ ﳚوز اﻻستعانة بالشعر
علﯽ فهم القرآن الكرﱘ واﳊديث الشريف، ودرك معانيهما البﻼغية، و بذلك يفقد الشعر دوره
الوظيفي و نفقده ﳓن مصدراً هو اﳊجة الوحيدة الﱵ نرجع إليها، و نستعﲔ بها على تفسﲑ القرآن
المجيد اﳊديث الشريف.
و حاصل الكﻼم أنﱠ وقوع التغيﲑ – أو احتمال وقوعه – هو السبب اﳊقيقي اﳌباشر الذي دعا
اﳋليل، و دفعه إﱃ وضع علم العروض. فضبط به الشعر العرﰊ وصانه عن كل ما يبطل بكلماته، و
ﳝنع من اﻻستشهاد بلغاته و معانيه البﻼغية، و حول دون اﻻستدﻻل به، و ذلك ليتحقق اﳍدف
اﳌنشود، و الغرض اﳌقصود الذي هو أن يستطيع الشعر تأدية دوره الوظيفي ﰲ خدمة القرآن الكرﱘ و
اﳊديث الشريف، و هذا الرأي أليق بشخصية اﳋليل و مكانته.
الغرض من وضع علم العروض
يبدو أنﱠ العلماء القدامى ذكروا أكثر من غرض قصده اﳋليل حﲔ عزم على وضع علم العروض. و
إﱐ أذكر – فيما يلي – ما اطلعت عليه منها، ﰒ أتبعها بذكر الغرض الذي أراه أقرب إﱃ الواقع، و
لذلك أقول: إﱐ اطلعت على غرضﲔ ﳘا اﻵتيان: الغرض اﻷول: هو الذي ذكره أبو إسحاق
الزجاج، و هو التمييز بﲔ الشعر و غﲑه، فالكﻼم الذي ينظم على ﲝور الشعر العرﰊ الﱵ ضبطها
اﳋليل ﰲ علم العروض يعتﱪ شـعراً و الكﻼم الذي ينظم على غﲑ هذه البحور ﻻ يعتﱪ شعراً، و إن
كان موزوناً و مقفى كما أنﱠ اﳉمل اﳌنسوجة على خﻼف قواعد النحو ﻻ يعتﱪ كﻼماً عربياً فصيحاً.
قال أبو يعقوب السكاكي ناقﻼً رأي الزجاج: " و مذهب اﻹمام أﰊ إسحاق الزجاج ﰲ الشعر هو أن
ﻻ بد من أن يكون الوزن من اﻷوزان الﱵ عليها أشعار العرب، و إﻻّ فﻼ يكون شعراً ". (السكاكي، 517 :م 1987 )
لكن السكاكي عقب على هذا الرأي، فقال: " و ﻻ أدري أحـداً تبعه ﰲ مذهبه هذا".
(اﳌصدرنفسه، 517). و هذا يعﲏ أنﱠ السكاكي يشﲑ إﱃ أنﱠ رأي الزجاج بعيد عن الصحة و الواقع.
الغرض الثاﱐ: هو الذي ذكره الزﳐشري و هو حصر اﻷوزان الﱵ قالت عليها العرب أشعارها
فقط، قال الزﳐشري: "و إﳕا الغرض حصر اﻷوزان الﱵ قالت عليها العرب أشعارها". (الزﳐشري، 57 :1970).
و هذا الرأي ليس بقريب من الواقع أيضاً، ﻷنﱠ اﳋليل – كما عرف عنه غالباً – ﻻ يقوم
بعمل إﻻّ إذا أفاد فائدة علمية مشفوعة ﲞدمة للقرآن الكرﱘ و اﳊديث الشريف. فهو – كما عرفته
اﳊضارة اﻹسﻼمية – مﱰه عن أن ي جهد نفسه، و يكرس حياته ﰲ أمر ﻻ طائل ﲢته للدين اﻹسﻼمي
اﳊنيف، و عليه ﳚب أن يكون غرضه من وضع علم العروض أليق بشأنه و أنسب ﳌكانته، فانﱠ صيانة
اﻷوزان و تقييدها وعدم السماح للتطور أن يدخل ساحتها سواء أكان ذلك لغرض أن يعلم أنﱠ ما
نظم على غﲑها ليس شعراً عربياً، أم كان الغرض حصرها فقط، ﻷمور ﻻ جدوى، و ﻻ خدمة فيها
للدين، وﻻ فائدة علمية ًتتوخى منها، فانﱠ كل شئ يرتبط باللغة لسائر ﳓو التطور و التحول و
التجدد، و ﻻ أحد ﳚهل هذه اﳌسﲑة الطبيعية الﱵ ﻻ ﳛول دونها شئ. و كذا اﻷمر بالنسبة للغرض
الذي ﻷجله وضع علم النحو، فاﳕا وضع هذا العلم لفائدة علمية دينية، إذ قد حفظ هذا العلم اﳉليل
– أعﲏ علم النحو – اللغة العربية الفصحى الﱵ نزل بها القرآن الكرﱘ، و جعل العرب على طول
الزمن و مر الدهور قريبﲔ من القرآن الكرﱘ و اﳊديث الشريف مرتبطﲔ بهما مهما ابتعدت بهم
ﳍجاتهم اﳌتباينة بتقادم الزمان عن تلك اللغة الفصحى. فهم ينهلون منهما ما شاؤا مﱴ شاؤا كما سهل
علم النحو على اﳌسلمﲔ من غﲑ العرب اﻻستفادة من القرآن الكرﱘ و اﳊديث الشريف حﱴ صار
العرب و غﲑهم من اﳌسلمﲔ اليوم متساوين ﰲ وجوب تعلم قواعد هذا العلم. لذلك كان ﳍذا العلم
دور ذو خطر جسيم و أﳘية كﱪى ﰲ خدمة الدين اﻹسﻼمي اﳊنيف إذ لوﻻ علم النحو. فالسبب
الدافع إﱃ ابتكار علم النحو هو شيوع اللحن أو قل هو التغﲑ الذي ﻻبد للغة منه. أما الغرض، فهو
خدمة الدين اﻹسﻼمي اﳊنيف فالسبب هادف يتبعه غرض سام شريف. و اﳌهم أﱐ أرى أنﱠ غرض
اﳋليل من وضع علم العروض مرتبط ارتباطاً وثيقاً بدوره الفعال ﰲ تكميل هذا الدور اﳌهم لعلم النحو
الذي بدأه أمﲑ اﳌؤمنﲔ علي - رضي الله عنه – و أكد على مواصلته، و ذلك بصيانة الشعر عن كل ما
يبطل الثقة بكلماته، و ﳝنع من اﻻستشهاد به لفظاً و معﲎ. فالغرض اﳊقيقي من وضع علم العروض
إﳕا هو صيانة الشعر من التغيﲑ ليحافظ على دوره الوظيفي الفاعل ﰲ خدمة القرآن الكرﱘ و اﳊديث
الشريف، و عليه فأﳘية علم العـروض ناشئة من خطورة الدور الوظيفي الذي يلعبه الشعر العرﰊ ﰲ
تيسﲑ معرفة ما ﰲ القرآن الكرﱘ و اﳊديث الشريف من لغات و معاﱐ. و معلوم أنﱠ اﳋليل بعمله هذا
قد حفظ هذا لتراث الفكري.
و قد أعانﲏ على هذا الذي قدمته كﻼم أﰊ بكر الشنتريﲏ، حيث قال: "ﳌّا كان ديوانُ العرب
اﳌثقِّف ﻷخبارها و اﳌقيد ﻷوزان كﻼمها و اﳌبين ﳌعاﱐ ألفاظها و اﳌنبه على آدابها و مكارم ِ أخﻼقها،
و كـان حجة ًنرجع إليها فـي تفسﲑ ما أشكل من كتاب اﷲ – تعاﱃ – و مفزعاً يلجأ إليه ﰲ بيان
ما استبهم من حديث رسول اﷲ – صلى اﷲ عليه و آله و سلم –رأيت أنﱠ العناية ﲟعرفة أوزانه، مهمةٌ
ﰲ الدين متعينه على كافة من يقوما من كافة اﳌسلمﲔ، ﻷنﱠ اﳉهل بالوزن يؤدي إﱃ تغيﲑ اللفظ
بتحريك ساكن أو إسكان متحرك أو ﲣفيف مشدد أو تشديد ﳐفف و ذلك يبطلُ الثقة بكلماته وﳝنع
اﻻستشهاد بلغاته لتعرضها لﻼحتمال عند من ﳚهل الوزن، و ما كانت هذه سبيله فﻼ ﳚوز
اﻻستدﻻل به إذ ليس أحد ﳏتمﻼته بأوﱃ به من اﻵخر ". (الشنتريﲏ، 1968 م: 11).