حكاية هذا الصباح..
يومان وهي تقف هادئة على غصن شجرة الكينا الضخمة العالية كثيفة الأوراق المنتصبة بشموخ قبالة نافذة غرفتي، لم تأكل ولم تشرب، بل تنظر بسكون إلى النافذة مباشرة، وإلى القفص الذي علّقته عن عمد على طرف النافذة.. عيناها الخرزيتان تجترحان خوفاً غريباً، لا تتحرك، ولا تعرف كيف تتصرف.
يومان لم يهدأ لحظة، ولم يأكل أو يشرب شيئاً هو الآخر، يتقافز بجنون على العيدان في القفص الوردي الجميل، ويطلق بين فينة وأخرى زقزقة حزينة، يناديها، وأنا بينهما حائر لا أدري ماذا أفعل، وكيف أتصرّف.
كنت أحاول أن أنظّف عشّهما، وبسرعة خاطفة تفلّتت من تحت يدي، وطارت مباشرة لتقف على غصن شجرة الكينا.
هدّهما الهزال، لا يأكلان ولا يشربان، فتحت باب القفص، وأطلقت الكناري الحبيس فطار إليها..
صحوت اليوم باكراً على نقرات على زجاج نافذتي، قفزت من فراشي أكاد أطير من الفرح، فقد كان الكناري الأصفر ينظر إليّ من خلف الزجاج، فتحتها بسرعة، فدخل ومعه أنثاه مباشرة ليقفا على سقف القفص، فتحت بابه، فدخلا إليه بسكون، وراحا يتقافزان بفرح.
وضعت القفص أمامي وأنا أحتسي القهوة، سعيداً كأنني استعدت أشياء عزيزة على قلبي، وعاهدت نفسي أن لا أغلق عليهما بابا.. أبداً.
ع.ك