الأدب ثوب نقي من يرتديه يحاول دوما أن يسمو بنفسه ، و يجعل عزتها عنوان كل خطوة ، فيعطي بذلك صورة عنه تجعله في مكان يتطلع اليه الكثير .
في تاريخنا الأدبي نجد هناك من الأدباء الذين كانوا صورة مشرفة لنا ، و عاشوا ملوكا في مملكاتهم الفكرية الأدبية ، فلم يصفقوا لهذا ، و لم يطبلوا لذاك ، و يطمعوا في نيل مال ذي نفوذ ، و شكر و تنويه صاحب شأن ، و لعل العقاد نموذج عن صباحات الأدب المشرقة .
وفي المقابل نجد من قضى حياته الأدبية الفكرية محاولا التقرب من الحكام و رجال النفوذ و الشهرة عله يحصل على فتات مما يتفضل به أسياده ، و كم خسر أولئك من كرامة ، و كم شوهوا صورة الأدباء ، و قد نقدم كثيرا من شعراء المدح في هذا الباب .
و الصورة تتكرر اليوم ، و التسول الأدبي يستفحل داء هنا و هناك ، فمن مقبل على علاقات مع المشرفين على المنابر الأدبية و الثقافية و الجوائز ووسائل الاعلام ككل ، فيستثمر ذلك متى احتاج اليه في مسيرته ، الى ساع الى التعارف مع أكبر عدد من الأدباء و المثقفين ليعزز مكانته بما يتفضل عليه أولئك من اشادة و تناول لأدبه ، و أكثر من ذلك ثمة من يفرض على الآخرين قراءة أعماله والاستماع اليها رغم عدم رغبتهم في ذلك ، و كم في ذلك من اساءة الى نفسه والى من هم تحت مظلة الأدب ، و كم من اهانة تلوث طريقا هو للاحترام و التقدير كان أصلا .
الأديب يكتب من أجل الآخرين كي يطلعوا على ما كتب أو أنجز، و هذا لا يختلف فيه اثنان ، وكل منا يحب أن يقرأه الكثير ، وأن يعجب به كبار رجال الثقافة والأدب ، و يشرفه ما يقال عنه من أصحاب الشأن الفكري و الأدبي ، و هذا يأتي طواعية نتيجة قيمة الأثر المكتوب و المنتج لا جريا وراءه ، واستعطافا وطلبا . والا فعمل منشور مقروء أو غير مقروء أو تسمعه وحدك أفضل بكثير مما يحط من قيمتك ، و شرفك الأدبي . فما أحوجنا الى ذلك الأديب الذي يتحدى توافه الأمور ، و يعلن دوما وجوده بكل عزة و سمو .