منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    برتراند رسل والنهج العلمي

    برتراند رسل والنهج العلمي
    سلام مراد
    ولد برتراند رسل في 18 مايو سنة 1872م. في أسرة رسل الإنجليزية العريقة، ومات أبوه وهو في الثالثة من عمره.
    تلقى تعليمه الأول على يد المربيات والمربين الخاصين. وعلى أيديهم أتقن اللغتين الفرنسية والألمانية.
    التحق بكلية ترنتي بجامعة كامبردج سنة 1890 وكان طالباً يتميز بالخجل والحياء.
    بعد تخرجه بدرجة الامتياز في الفلسفة، اختير زميلاً في كليته في خريف عام 1895م.
    وكان قد عُيِّن عام 1894 ملحقاً بالسفارة البريطانية بباريس.
    زار المؤتمر الرياضي بباريس مع صديقه ألفرد وايتهيد.
    كتب في عام 1903 أول كتبه الهامة وعنوانه "قواعد الرياضات"، وشرع هو وصديقه وايتهيد يتوسعان في دراسة المنطق الرياضي، وصدر لهما المجلد الأول من كتابهما المشترك عام 1910م.
    عُيِّن مدرساً بكليته القديمة في عام 1910م.
    بعد نشوب الحرب العالمية الأولى كان له نشاط ظاهر في حركة مقاومة التجنيد الإجباري، وحكم عليه بغرامة قدرها (100) جنيه لأنه أصدر نشرة ينتقد فيها الحكم على أحد معارضي التجنيد بالسجن سنتين.
    وقد بيعت مكتبته للوفاء بهذه الغرامة، وفصلته كليته من وظيفة مدرّس.
    عُرض عليه العمل بجامعة هارفارد، ولكنه لم يمنح جواز سفر.
    حكم عليه عام 1918 بالسجن ستة أشهر لنشره مقالاً يحبذ السلم.
    سافر في خريف عام 1920 إلى الصين ليحاضر في الفلسفة بجامعة بيينبج. ولما عاد عام 1921 كان يكسب عيشه من المحاضرات والكتابة في الصحف وتأليف الكتب الشعبية. أما الصيف فكان يخصصه للمؤلفات الرئيسية.
    سافر إلى الولايات المتحدة عام 1938. وفي السنوات التالية كان يدرّس في الجامعات الكبرى هناك.
    عاد رسل إلى إنجلترا عام 1944 واختير للمرة الثانية زميلاً بكلية ترنتي.
    مُنحَ جائزة نوبل في الأدب في نوفمبر سنة 1950م.
    نشر كتاب النظرة العلمية لأول مرة عام 1931 ثم طبع مرة أخرى عام 1949.
    والترجمة العربية منقولة عند الطبعة الثانية.
    أصبح رسل بعد أن جاوز الثمانين من عمره علماً من أعلام الفكر الحديث ولا زال نشاطه العقلي والفكي ملء أسماع العالم.
    بعد الحرب العالمية الثانية اهتم بتبيان أثر التقدم العلمي على مستقبل البشرية واتصل في ذلك بأئمة الفكر والعلم في العالم، وشهد في صيف سنة 1955م مؤتمراً عالمياً في لندن دعا فيه إلى نبذ الأسلحة النووية وحذر من خطرها المادي والمعنوي على الإنسانية واشترك مع إينشتين وغيره من كبار مفكري العالم في كتابة نداء بهذا المعنى بشأن القنابل الذرية والإيدروجينية.
    توفي رسل في لندن عام 1970م.
    رسل والنظرة العلمية
    بين رسل إن الطريقة العلمية في جوهرها بسيطة حتى لو بدت معقدة في شكلها النهائي. فهي تتلخص في ملاحظته الحقائق التي تمكِّن من يلاحظها من اكتشاف قوانين عامة تسري على حقائق من نفس النوع.
    الاكتشاف يمر بمرحلتين، الملاحظة أولاً، واستنتاج قانون ثانياً، كلتاهما ضروريتان، وكلتاهما قابلتان للتهذيب إلى غير حدّ تقريباً.
    فأول رجل قال (النار تحرق) كان يستخدم الطريقة العلمية في جوهرها، فقد سمح لنفسه بأن يحرق عدة مرات، فهذا الرجل قد مر فعلاً بمرحلتي الملاحظة والتعميم. ومع ذلك فليس لديه ما يتطلبه المنهج العلمي.
    فالرجل الذي قال أيضاً إن الأجسام إلى لا يمسكها شيء في الهواء تسقط فهو إنما قد عمم فحسب، وعرّض قوله لأن يكذّبه المنطاد والفراسة والطائرة، بينما الرجل الذي يفهم نظرية سقوط الأجسام يعرف كذلك لماذا لا تسقط بعض الأجسام استثناءً من القاعدة.
    إن الطريقة العلمية على بساطة روحها لم تُكتًسَب إلا بمشقة بالغة، ولا يزال من يستخدمها قلّة في الناس، وحتى هذه القلّة تقصر استخدامها على قلّة من المسائل التي تحكم عليها، ووضح ذلك رسل بمثال فإذا كنت تعرف جهبذاً من جهابذة العلم، قد اعتاد الدقة الكمية التامة في تجاربه، والمهارة اللمامة فيما يخلص منها إليه، فإنكَ تستطيع أن تجري عليه تجربة لن تضيع سدى في غالب الظن.
    فلتناقشه في السياسة الحزبية أو اللاهوت أو ضريبة الدخل أو سماسرة المنازل أو ما شابه ذلك من الموضوعات. ولتكن على ثقة تامة تقريباً من أنه لن يمضي وقت قصير حتى ينفجر انفجاراً، وأنكَ ستستمع إليه يدلي بآراء لم تُثَبَّت قط، في تعصّب لا يبديه مطلقاً إزاء النتائج الممحصة لتجاربه المعملية.
    يدلنا هذا المثال على أن السلوك العلمي غير طبيعي بالنسبة للإنسان إلى حد ما. فمعظم آرائنا هي من قبيل تحقيق الرغبة، شأنها كشأن الأحلام في نظرية فرويد.
    وأن ذهن أشدنا تعقلاً لشبيه ببصر عاصف من المعتقدات العاطفية التي ترتكز على الرغبة، يكاد يطفو فوقها قليل من القوارب الضئيلة المحملة بالمعتقدات التي تثبت علمياً.
    وليس لنا أن نأسى على ذلك، فإن الحياة لابدّ لنا من أن نحياها، وليس لدينا وقت يتسع لأن نختبر بعقولنا كل المعتقدات التي تنظم سلوكنا.
    ولولا شيء من الخفة المستحبة، لما استطاع أحد أن يحيا طويلاً، لذلك وجب أن تقتصر الطريقة العلمية على آرائنا الرزينة والرسمية.
    فالطبيب الذي يصف للمريض الطعام الذي يتناوله ينبغي أن يفعل ذلك بعد تدبّر لكل ما يقوله العلم في الموضوع.
    ولكن المريض الذي يتبع نصائح الطبيب، لا يستطيع أن ينتظر حتى يثبت صدق ما سمع. فعليه إذن أن يعتمد لا على العلم، بل على إيمانه بأن طبيبه علميّ. والمجتمع المشبع بالعلم هو ذلك المجتمع الذي وصل فيه الجزاء إلى آرائهم بالطرق العلمية. أما المواطن العادي فيستحيل عليه أن يكرر عمل الخبراء بنفسه، والعالم الحديث به قدر ضخم من المعلومات الممحصة في كل نواحي المعرفة، وهذه يقبلها الرجل العادي مطمئناً دون حاجة إلى التردد، ولكن العاطفة القوية إذا شابت حكم الخبير، جعلته رجلاً لا يُعتمد عليه مهما يكن حظه من العلم.
    فالرأي العلمي هو ما يوجد سبب للاعتقاد بصحته، والرأي غير العلمي هو ما يقبل لسبب غير احتمال صحته.
    إن الخاصية الأساسية للنهج العلمي هي أنه يبدأ من التجربة، وليس من التقاليد، ولكن يبقى الحد بين النهج العلمي والنهج التقليدي غير حاسم بشكل دقيق، ولا يستطيع أحد أن يقول على وجه الدقة أين ينتهي أحدهما، وأين يبدأ الآخر.
    لقد كان الزراعيون البدائيون يستخدمون الأجسام البشرية سماداً، وكانوا يعتبرون أثرها الطيب سحراً. وكانت هذه المرحلة قطعاً سابقة على الطريقة العلمية، وسبق استخدام الأسمدة الطبيعية الذي تلا تلك المرحلة واستمر حتى وقتنا هذا الذي استخدمها بشكل علمي.
    فقد نظمته الدراسة الدقيقة للكيمياء العضوية، ولكنه يصبح غير علمي وعملي إذا سار منه غير تدبر وتخطيط.
    لقد كانت أعظم انتصارات العلم التطبيقي في ميدان الطبيعة والكيمياء. وجاء التطور في الآلة بشكل قوي وسريع، فالمنهج الصناعي دائماً كان يحاول إحلال صور محل صور أخرى، فالإنسان كان يعتمد على قوة عضلاته ثم تحول إلى الاعتماد على قوة عضلات الحيوانات، فالإنسان البدائي شارك الحيوان في الاعتماد على العضلات، فلما زادت المعارف، تزايدت المقدرة بالتدريج للسيطرة على منابع القوة التي أتاحت الراحة للعضلات.
    فقد اخترع العجلة عبقري في مجاهل الماضي، وأغرى آخر الثور والحصان بإدارة هذه العجلة. ولابدّ أن مهمة ترويض الثور والحصان كانت أصعب من مهمة ترويض الكهرباء، ولكن أمرها كان يتطلب الصبر لا الذكاء. أما الكهرباء فشأنها كشأن الجني في "ألف ليلة وليلة" خادم صبور لمن عرف الصيغة الصحيحة.
    واكتشاف الصيغة عسير، ولكن ما تبقى يسير. ففي حالة الثور والحصان لم يكن الإنسان بحاجة إلى مهارة كبيرة ليدرك أن عضلاتها أقدر في إنجاز الأعمال التي كانت تقوم بها عضلات الإنسان فيما قبل.
    ولكن لابدّ أن وقتاً طويلاً قد مضى قبل أن يصبح الثور والحصان خاضعين لمشيئة المروّض. ويقول البعض أنهما قد رُوضا لأنهما كانا يُعبدان، وأن الاستخدام العملي لهما قد أتى بعد أن أتم رجال الدين استئناسها. وهذه النظرية مرجحة بطبيعتها، لأن كل تقدم كبير إنما نشأ أصلاً من دوافع غير ذات قصد.
    فالاكتشافات العلمية قد أجريت لذاتها، لا لاستغلالها. فالنظرية المغناطيسية الكهربائية التي يعتمد عليها استخدام اللاسلكي، تجد أن المعرفة العلمية المتصلة بهذه النظرية بدأت بفراداي، فهو أول من فحص فحصاً تجريبياً العلاقة بين الوسط المتداخل وبين الظواهر الكهربائية. ولم يكن فراداي رياضياً، ولكن نتائجه وضعها كلارك في صيغة رياضية، كما اكتشف بأساليب نظرية بحتة أن الضوء يتركب من موجات مغناطيسية كهربائية.
    ويرجع الفضل في المرحلة التالية في هذا السبيل إلى هرتز Hertz. فقد كان أول من أوجد الموجة المغناطيسية الكهربائية صناعياً. فلم يبق إلا أن يخترع جهازاً يمكن به توليد هذه الموجات بحيث تحقق نفعاً تجارياً، وهذه الخطوة كما يعرف خطاها مركوني.
    وفي حدود ما نعلم، لم يفكر فراداي ومكسويل وهرتز لحظة ما في إمكان استغلال اكتشافاتهم عملياً، فالحق أنه حتى أشرفت البحوث على التمام كان من المحال التكهن بالاستعمالات التي ستستغل في فيها هذه المكتشفات. وحتى حين يكون الهدف عملياً بحتاً، فإن حل مشكلة من المشاكل كثيراً ما ينتج عنه حل مشكلة أخرى لم تكن تربطها بها أية رابطة ظاهرة.
    إن النهج العلمي الحديث قد بث في الإنسان الإحساس بالمقدرة، وهذا يغير عقليته كلها في سرعة، فقد كانت البيئة الطبيعية حتى زمن قريب شيئاً لا محيص عن قبوله، وكانت الانتفاع منها ما أمكن.
    فإذا لم تف كمية المطر بإقامة الحياة، لم يكن هناك غير الموت أو الهجرة، فأما الأقوياء حربياً فكانوا يلوذون بالهجرة، وأما الضعفاء فكانوا لا يجدون إلا الموت. أما البيئة الطبيعية في نظر الرجل الحديث فهي مجرد مادة خام. مجرد فرصة للاستغلال.
    وبيَّن رسل أن الناس طبقوا النهج العلمي ليشبعوا في أنفسهم عدداً من الرغبات المختلفة، وكان أهم ما طبق فيه أول الأمر إنتاج الملابس ونقل البضائع والناس، وأديت باستخدام التلغراف وظائف هامة في النقل السريع للرسائل، فأمكن وجود الجريدة الحديثة والحكومة المركزية.
    وبفضل الرغبات والميول والاستفادة من التطور والنهج العلمي، تقدم الطب، وزيادة الخدمات الصحية بدورها أدت إلى تقليل الشقاء والتعاسة.
    يتساءل براتراند رسل
    هل يستمر رجحان كفّة العلم في الميزان؟
    نجاوب معه أيضاً، هذا ما يخبرنا به المستقبل، ولكن من المؤكد أن كفته ظلت راجحة حتى الآن لمصالح الإنسان.

  2. #2
    جزاكم الله خيرا ودمتم بخير.
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

المواضيع المتشابهه

  1. أثر العلم في المجتمع - برتراند راسل
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-30-2014, 04:21 PM
  2. أثر العلم في المجتمع - برتراند راسل
    بواسطة راما في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-17-2014, 03:28 AM
  3. تفسير/في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-05-2011, 05:01 PM
  4. قصة ديوان الصور والوهج اللا إرادي
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-01-2008, 10:41 PM
  5. قصيدة اهداء لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    بواسطة بنان دركل في المنتدى من روائع الشعر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-04-2006, 06:48 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •