أحببت مع المعذرة إنزال هذا المقال هنا لإعادة التواصل مع الأستاذة / ريمه الخاني / حوله ، ولأستفيد من التعليقات والآراء والحوارات فيه ..
مع الإحترام .
===================

أزمة المثقف العربي : 1/ 6
================
المثقف .. من هو ؟
-------------------
يقول / المنجد في اللغة والاعلام / أن :
المثقف : هو الرمح في عرف الشعراء .. وهو الرجل ذو ثقافة .
ثقّف الولد : هذبه وعلمه . فتهذب وتعلم . فهو : مُثَقّف ، وهي مثقفة .
وهذا مستعار من : ثَقّف الرمح : قوّمه وسواه .

هذا التعريف " اللغوي " للمثقف يحمل بوضوح متلازمتين لابد من توفرهما في المثقف وهما :
التهذيب ، والعلم . أي : الأخلاق والمعرفة .
فكل معارف العالم بدون اخلاقيات تؤطرها وتحكمها ، يمكن أن تنقلب في أغلب الأحوال إن لم نقل كلها ، من خير وفائدة للبشرية ، إلى شر وضرر قد يصل إلى دمارها . كما ان الأخلاق بدون معرفة تبقى في حيز التعامل الذي لايعطي سوى فائدة محدودة ومنعزلة عن التأثير في المجتمع وفي مسار الإنسانية .
كيف يتشكل المثقف ؟
---------------------
في إعتقادي أن المثقف هو مجرد إنسان عادي يملك ويخلق وينمي ملكات : ( المعرفة ، الوعي، الشك ) . .. " الشك الموضوعي " بكل ماحوله من مسلمات وأفكار . فهو الذي لايسلم باليقينيات وبالأحكام المسبقة المستقرة منها والمتقلقلة . فالشك هو أول خطوة دافعة على طريق ( البحث). والبحث هو الأداة التي لاعوض عنها في محاولة الوصول إلى قناعات تحسم هذا الشك ، والتي يمكن أن توصل هذا البحث إلى نهايات مستقرة بنتائج تزيل الشكوك والتساؤلات ، وقد لاتوصل على تراكماتها البحثية إلى نتائج نهائية حاسمة ، وبالتالي يبقى الشك قائمآ والبحث مستمرآ ، وإن تم التوصل إلى بعض النتائج المستقرة في زمانيتها ومكانيتها ، والمفتوحة على المستقبل عارضة نفسها – النتائج – لمزيد من البحث .
هذه السيرورة هي التي تخلق ما إصطلح عليه " بالإنسان المثقف " بما تراكم لديه من تراكمات معرفية وإدراكية وعقلانية واعية .
تراكيبية المثقف الفاعل :
-------------------------
ان من اهم المقومات التي يجب أن تتوفر في المثقف العربي ، ثلاثة مرتكزات لايمكن الفصل بينها أو تجاوز إحداها : ( المعرفة – الإرادة – الفعل ) ..
فالمعرفة : هي العلم بالحياة وإدراك حقائقها النظرية والتطبيقية ، وإستيعابها .

والإرادة : هي الإصرار على الفعل عند التمكن من توافر المعارف والحقائق والتحليلات وخيار القرارات . وهي " منظومة أخلاقية " مرتبطة بالعقيدة والقناعة ، والوجدان والضمير ، محددة ومساعدة على إدراك الصواب والخطأ ، والتي ستدفع " المثقف " إلى القيام بالفعل .

والفعل : هو الخطوة النهائية التي لابد أن تمارس وإلا تتحول المعرفة إلى مجرد شعارات ومقولات فاقدة لجوهرها ومبرر وجودها ، وتصطف في تقييمها مع معاني : البطر ، والرفاهية ، والمباهاة . فلا يعود لها – المعرفة – قيمة فاعلة كمستقر في العقل الإنساني . فيتساوى وجودها فيه كما وجودها في صفحات الكتب .
إذ أن " روح الثقافة الحية والإنسانية الفاعلة ، هي في أن يبدع المثقف / الإنسان ويفعل ، بعد أن يمتلئ بالمعرفة ، لا أن يردد معارف الآخرين " ..

وهذه المرتكزات / المقومات الثلاثة هي التي تصنع وتوجد " مثقفآ واعيآ مدركآ " لدوره ولوظيفته الفاعلة المؤثرة في غيره وفي المحيط وفي المعطيات وفي الواقع . وكما نوهت .. فإنها مترابطة ومتماسكة مع بعضها البعض . إذ من دون " المعرفة " لايمكن أن تتكون "إرادة" الفرد الواعية الفاعلة ، ففاقد الشيئ لايعطيه . ومن دون " الإرادة " الواعية سيتحول المثقف إلى " آلة تسجيل " تكرر ماسجل عليها من كلمات . ومن دون " الفعل " يفقد المثقف وظيفته ودوره وشرعيته وصوابية أفكاره .
ومن ذلك نستطيع القول أن للمثقف وظيفة ودور . ولا أبالغ إن قلت أن المثقف .. هو وظيفة . إذ أن صمت المثقف وعزوفه عن الإنتاج وعن الفعل ليس أمرآ سلبيآ مرفوضآ فحسب ، بل هو تخلي عن مفهوم ، يتعلق بوظيفته ، وشخصيته ، وكينونته .
إن على المثقف أن لاينقطع عن الفعل والتفاعل مع ذاته ومع مجتمعه ومع المؤسسات الإجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية ، فهو صاحب " رسالة " . كما ان إستمرار المثقف في دوره وفعله يحول دون تفاقم حالة الإنسحاب واللامبالاة الثقافية والمعرفية المجتمعية ، ويحول دون تفرّد العملة الرديئة بالساحة الإجتماعية التي تشيع قيم الجهل والتخلف والرداءة والظلام . ويبدأ فعلآ تراكميآ بنقل المجتمع من حال إلى حال مطلوب وعيآ وفعلآ وتقدمآ ونهضة .

================
فائز البرازي
1/6/2009
=============================
[[ تعليق الأستاذة / ريمه الخاني في موقع آخر ]]

-----------------------------------------------

السلام عليكم
كيف فاتتني تلك الدرة الثمينة...
وربما نقلتها بايمك الى فرساننا...
استاذي الكبير:
لفت نظري تصنيفك للعناصر تلك:
المعرفة – الإرادة – الفعل

هذه حق ولكن الا ترى معي ان هناك تصنيفا مجتمعيا مفاده:
ان راس المجتمع هم مفكروه ويليهم المثقفين ثم من يعمل لصالح تامين وتنفيذ الفكر فلكل مهمة ولايمكن ان نوكل لجهة واحده كل شيئ والا فاين الوظائف وان كان فكيف سيقوم من امتهن وادمن الفكر بالتنفيذ وهو امر قائم بذاته بصرف النظر عن المعوقات المتواجده والحيثيات التي نجدها واضحة للعيان؟؟؟
موضوع صعب وشائك واتشرف بقر اءته من مفكر وصاحب قلم باذخ
تحيتي وتقديري